الأمم المتحدة تدعو بروكسل لاستقبال المهاجرين العالقين قبالة إيطاليا

المفوضية العليا للاجئين تحث دول الاتحاد الأوروبي على عرض أماكن للمهاجرين العالقين على متن السفينة "بشكل عاجل" بعد أن رفضت إيطاليا نزولهم على أراضيها.

روما - دعت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة السبت دول الاتحاد الأوروبي إلى الموافقة بشكل عاجل على استقبال عدد من المهاجرين الذي لا يزال نحو 150 منهم عالقين منذ أكثر من أسبوع على متن سفينة لخفر السواحل الايطاليين.

ويأتي وذلك بعد اندلاع خلاف جديد بين الكتلة الأوروبية والحكومة الشعبوية في إيطاليا.

ولا يزال عشرات الأشخاص عالقين في مرفأ كاتانيا بجزيرة صقلية على متن السفينة ديتشوتي منذ ليل الاثنين بعد رفض الحكومة الإيطالية السماح لهم بالنزول في غياب التزامات من الاتحاد الأوروبي باستقبال عدد منهم.

وقالت ايطاليا الجمعة إنها ستعلق مساهماتها المالية في الاتحاد "كإجراء تعويضي" إذا رفض الاتحاد الأوروبي المساعدة في إيجاد أماكن لهم.

وقالت المفوضية العليا للاجئين السبت إن على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن تعرض "بشكل عاجل" أماكن لعدد من المهاجرين على متن السفينة مضيفة "حتى ذلك الحين تحض المفوضية العليا للاجئين السلطات الايطالية على السماح بنزول من هم على متن السفينة فورا".

ولم يتوصل اجتماع عقدته دول في الاتحاد الأوروبي في بروكسل الجمعة إلى حل لأزمة المهاجرين على متن ديتشوتي.

وكتب نائب رئيس الوزراء لويجي دي مايو على صفحته على فيسبوك أن "الاتحاد الأوروبي قرر إدارة ظهره مجددا لإيطاليا" مضيفا أن لا خيار أمام بلاده سوى "اتخاذ إجراءات تعويض بطريقة أحادية نحن على استعداد لخفض الأموال التي نقدمها للاتحاد الأوروبي".

وقال "يريدون العشرين مليار يورو (23 مليار دولار) التي يدفعها المواطنون الإيطاليون. فليظهروا إذن أنهم يستحقون ذلك وإنهم يعالجون مشكلة لا يمكن أن نواجهها وحدنا بعد الآن. إن حدود ايطاليا هي حدود أوروبا".

لويجي دي مايو
تصعيد الخطاب

والهجرة موضوع حساس في إيطاليا حيث وصل منذ 2013 مئات آلاف الأشخاص هربا من الحروب والاضطهاد والفقر في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا.

وتنص قوانين الاتحاد الأوروبي على أن يطلب المهاجرون اللجوء في دولة الوصول، لكن الحكومة الإيطالية الجديدة تستمر في منع السفن من الرسو في مرافئها.

تصريحات غير بناءة

سارعت بروكسل للرد على تصريحات دي مايو.

وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية الكسندر وينترستاين للصحافيين إن الإدلاء "بتعليقات غير بناءة، ناهيك عن إطلاق تهديدات، لا يقربنا من حل".

وأضاف أن "الاتحاد الأوروبي هو مجموعة من القواعد ويعمل على أساس القواعد ليس التهديدات".

وأكد مصدر في المفوضية الأوروبية عدم التوصل لاتفاق بشأن مهاجري ديتشوتي في المحادثات قائلا "لم يكن ذلك اجتماعا يتم فيه اتخاذ القرارات".

غير أن المصدر قال إن المجتمعين ناقشوا "الحاجة إلى حل سريع مشترك لازمة المهاجرين على متن ديتشوتي، إضافة لأولئك الذين نزلوا مؤخرا في إسبانيا ومالطا".

وبحسب أرقام الاتحاد الأوروبي لعام 2016 ساهمت ايطاليا بمبلغ يقل قليلا عن 14 مليار يورو في ميزانية الاتحاد -- أي اقل من واحد بالمئة من إجمالي الناتج المحلي -- فيما انفق الاتحاد الأوروبي 11.6 مليار يورو في ايطاليا.

وقال دي مايو زعيم حركة خمسة نجوم المناهضة للمؤسسات، إن ايطاليا لا تريد أن "تكون أضحوكة لدى دول أخرى في الاتحاد" في ما يتعلق بتوزيع المهاجرين.

وقال في مقابلة مع إذاعة رأي الحكومية إن "الاتحاد الأوروبي ولد من مبادئ مثل التكاتف. وإذا لم يكن قادرا على إعادة توزيع 170 شخصا، فإن لديه مشكلات خطيرة بمبادئه المؤسسة".

ويتوجه مدعون من صقلية إلى روما لاستجواب مسؤولين، منهم وزير الداخلية المتشدد ماتيو سالفيني، بشأن الاعتقال غير الشرعي لمن هم على متن السفينة.

وقال سالفيني الجمعة "إذا قرر قاض أن يعتقلني، أتوقع ذلك، لا مشكلة".

طفح الكيل

منع سالفيني نزول غالبية المهاجرين من السفينة بعد إنقاذهم في 15 آب/أغسطس.

والتنازل الوحيد كان سماحه لـ27 قاصرا ليسوا برفقة أولياء أمر، بالنزول من السفينة الأربعاء.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن موقف سالفيني رفع نسبة التأييد لحزب الرابطة اليميني المتطرف إلى نحو 30 بالمئة -- أي بارتفاع بأكثر من 10 نقاط عن النتيجة التي حققها في انتخابات آذار/مارس -- وبات الآن يتساوى مع حركة خمسة نجوم التي تحكم ايطاليا منذ مطلع حزيران/يونيو.

لكن، بحسب وزارة سالفيني نفسه، فإن أعداد المهاجرين تراجعت بأكثر من 80 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي، إذ وصل حتى 23 آب/أغسطس ما يزيد بقليل على 19.500 مهاجر مقارنة ب98 ألفا في 2017.

من جانبها دعت الرئاسة الفرنسية إلى "آلية تنسيق أوروبية طويلة الأمد" لتوزيع المهاجرين تشمل ايطاليا. وقال قصر الاليزيه "هناك قوى في إيطاليا تسعى للتعاون، نريد أن نثق بأن ايطاليا تريد المشاركة".