الإخوان والقاعدة وداعش: من الأشد خطورة علينا؟

كلما كانت داعش أو القاعدة تبطش في عملياتها الإرهابية، سواء في المجتمعات الغربية أو العربية سرعان ما يقوم الإخوان بطرح أنفسهم كبديل معتدل يدعي أنه يؤمن بالديمقراطية وبتداول السلطة وبأنه الوحيد القادر على لجم باقي الإرهابيين.

بحسب الترتيب الزمني، تبدو داعش هي الأحدث من بين التنظيمات الإرهابية الثلاثة؛ الإخوان ثم القاعدة ثم داعش. وبحسب الخطورة أيضًا، فإن الإخوان، وبرغم ظهورهم بمظهر المعتدل، بجانب التنظيمين الآخرين، فإنهم الأكثر خطورة من سواهم من التنظيمات الإرهابية، وذلك إذا أخذنا بعين الاعتبار الكثير من الفروقات:

أفكار الإخوان المسلمين هي المنبع الرئيس لكلٍ من القاعدة وداعش وسواهم من التنظيمات التكفيرية، ما بقي منها وما طُمر. وتعتبر أفكار الإخواني سيد قطب هي العلامة الدالة على أفكار تلك التنظيمات.

مقدرة الإخوان على التلوّن، وإخفاء تشددهم، يجعلانهم أكثر قابلية من غيرهم على الاستمرار والانتشار.

استخدام الإخوان لمنهج مدني في معاملاتهم الحياتية والأكاديمية أثناء تعرضهم للخطر، يجعل منهم قوة قابلة للوصول للحكم، على الرغم من عدم إيمانهم بالمدنية والمواطنة!

كل تلك الأسباب وغيرها، تجعل الإخوان هم الأشد خطورة من غيرهم، برغم تحالفهم الوثيق مع باقي التنظيمات، التي تعتبر بمثابة تعبير عملي عن أفكار الإخوان.

فالتنظيمات الثلاثة الأشد فتكًا وإرهابًا في العصر الحديث، تؤمن بالقواعد الشرعية ذاتها التي تجعلهم يعملون من أجل هدم جميع الدول، بما فيها الإسلامية، لتنفيذ أجندتهم بالوصول للحكم.

ويرى المتابع لشأن حركات الإسلام السياسي مقدار التحالف بين الفريقين، إذ يؤدي كل منهم دوره في الحروب التي يخوضونها، وهي أمور لا تنجم عن صدفة، بقدر ما تكون مدروسة وممنهجة، وقائمة على تنسيق فذ.

على سبيل المثال، إذا تابعنا العمليات الإرهابية التي تحدث في العالم العربي، نراها متركزة فقط ضد الدول التي تصدّت للإخوان منذ أحداث ما يسمى بالربيع العربي؛ فمثلًا، يشن الإخوان أكبر حملاتهم الإعلامية ضد مصر وليبيا وسوريا، ثم يرسل زعيم القاعدة أيمن الظواهري تسجيلاته الصوتية، لتحريض أتباعه للقتال في تلك الدول، بينما تتولى داعش مهمة مهاجمة الجيوش الوطنية والمدنيين وباقي الأقليات في الدول الثلاث.

أما على الجانب السياسي، فنرى أن حلفاء تلك التنظيمات الإرهابية، القاعدة وداعش، هي الدول ذاتها التي تدعم الإخوان، وبناءً عليه فمن المستحيل أن تقوم القاعدة وداعش بتهديد أمن قطر أو تركيا، برغم الحرب الإعلامية بين الطرفين، التي لا تستهدف إلا رفع الشكوك عن ذلك الحلف المتورط بالإرهاب وإشعال الحروب الأهلية.

والمعادلة في النهاية تكون بالصورة التالية: القاعدة وداعش يضربان في المناطق التي يفتقد فيها الإخوان إلى النفوذ، بينما تكون الدول الحاوية لجماعة الإخوان المسلمين آمنة وبعيدة كل البعد عن خطر داعش والقاعدة.

قبل ثورة 30 يونيو 2013 في مصر، التي أنهت حكم الإخوان، لم يكن لداعش والقاعدة أي نشاط عملي داخل مصر، على الرغم من استغلاهم تلك الفترة من حكم الإخوان، في الإعداد وبناء المعسكرات في سيناء والمنطقة الغربية، مع تعامي الإخوان عن تحركاتهم. بل إن الإخوان قاموا بإطلاق سراح كل المتورطين بالإرهاب من داخل السجون المصرية، خصوصًا الذين ارتكبوا عمليات إرهابية ضد السياح، وعملية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، مثل أعضاء “الجماعة الإسلامية”، التي يتواجد الآن قادتها في كلٍ من قطر وتركيا.

المعادلة الإخوانية منذ بداية الربيع العربي، والصفقة المشهورة مع وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، كانت تقوم على تمكين الإخوان في الحكم، بما يشبه “ترويض الذئب بواسطة الثعلب”، من أجل إغلاق الباب على المتطرفين الأشد خطورة من الإخوان.

وهو ما يبرز مصلحة الإخوان في بقاء داعش والقاعدة، لإيهام الشعوب العربية بأنهم الأكثر اعتدالًا من باقي الحركات الإرهابية، ولتصدير صورة للغرب بأن الإخوان قادرون على إنهاء تلك التنظيمات. بينما تُظهر الصورة الحقيقية بأن معظم أفراد داعش والقاعدة، هم إخوانيون يقاتلون بزي آخر.

لذلك كلما كانت داعش أو القاعدة تبطش في عملياتها الإرهابية، سواء في المجتمعات الغربية أو العربية، سرعان ما يقوم الإخوان بطرح أنفسهم كبديل معتدل، يدعي أنه يؤمن بالديمقراطية وبتداول السلطة، وبأنه الوحيد القادر على لجم باقي الإرهابيين!

بينما الصورة في حقيقتها تظهر الآتي: إن الإرهاب مبنى هرمي، قاعدته متمثلة بأفكار الإخوان، وآلتهم الإعلامية الضخمة، وجسد ذلك الهرم تمثله القاعدة، ورأسه داعش، وأي طريقة للتعامل مع هرم الإرهاب من رأسه، ستبدو طريقة غير مضمونة، لأن قاعدة الهرم (جماعة الإخوان) قادرة على الدوام، على بناء نفسها، وإعادة تشكيل أذرع إرهابية، ما دامت أفكارها التكفيرية متداولة في المدارس وعلى المنابر الدينية والإعلامية.

عن كيوبوست