الإرث الثقافي وآفاق التلاقي بين كوريا والإمارات

مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون بالتعاون مع لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي تطلقان مبادرة صون التراث الثقافي.
هدى إبراهيم الخميس: مبادرة صون التراث الثقافي تترجم رؤيتنا المشتركة في الاحتفاء بالموروث
مساحة لقاء حضاري وحوار ثقافي يعزز الهوية ويعلي قيم التسامح والانفتاح على الآخر
استكشاف الملامح الرئيسية للموروث الثقافي الكوري والقيم المشتركة المتشابهة ثقافياً وتراثياً

أحمد فضل شبلول

نظمت مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون بالتعاون مع مكتب شؤون المجالس بديوان ولي عهد أبوظبي ولجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، مساء الاثنين، ندوة حوارية تحت عنوان " كوريا والإمارات: الإرث الثقافي وآفاق التلاقي"، وذلك في مجلس محمد خلف في منطقة الكرامة بأبوظبي.
وتأتي الندوة في إطار مبادرة "صون التراث الثقافي" بتنظيم من مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، الجهة المنظمة لمهرجان أبوظبي، والذي اختتم فعاليات دورته السادسة عشرة نهاية مارس/آذار الماضي، حيث تم الاحتفاء بالثقافة الكورية باختيار جمهورية كوريا الدولة ضيف شرف المهرجان لهذا العام، وتأتي هذه الندوة في إطار الجهود  المستمرة لمجموعة أبوظبي للثقافة والفنون منذ تأسيسها في الاحتفاء بالموروث الثقافي وصون التراث والاعتزاز بالهوية الوطنية المتسامحة والمنفتحة على العالم. 
وأدار الندوة الحوارية سلطان العميمي، مدير أكاديمية الشعر، مع كلمة افتتاحية لبارك كانغ -هو، سفير جمهورية كوريا لدى الدولة، بمشاركة حميد الحمادي، رئيس جمعية الصداقة الإماراتية الكورية، ولي جون هو الملحق الثقافي بسفارة جمهورية كوريا ممثلاً عن المركز الثقافي الكوري.
ومن جهتها، قالت هدى إبراهيم الخميس، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي: "إنّ مبادرة صون التراث الثقافي بالتعاون مع لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، تترجم رؤيتنا المشتركة في الاحتفاء بالموروث لجعله مساحة لقاء حضاري وحوار ثقافي يعزز الهوية ويعلي قيم التسامح والانفتاح على الآخر".
وتابعت: "تندرج المبادرة تحت جهود المهرجان المتواصلة والذي يستقطب كبار الخبراء وأصحاب الاختصاص في ندوات حوارية ترتقي بالوعي المجتمعي وتعكس استثمارنا في القطاع الثقافي".
وختمت بالقول: "كما تسلّط ندوة "كوريا والإمارات: الإرث الثقافي وآفاق التلاقي" الضوء على التراث الثقافي الخاص بجمهورية كوريا الدولة ضيف شرف مهرجان أبوظبي لهذا العام، إسهاماً في جهود الدبلوماسية الثقافية وتعزيز جسور التواصل بين الدولتين".
وقال بارك كانغ – هو سفير جمهورية كوريا لدى دولة الإمارات: "إنه لأمر رائع أننا في كل من كوريا ودولة الإمارات نتحاور حول التراث الثقافي معاً، وفي هذا الخصوص، أعتقد أن مهرجان أبوظبي 2019 سيكون حجر أساس لعلاقات ثقافية متبادلة وقوية بين بلدينا، وأن هذا الحوار يعد إضافة إلى مشاركة كل من فرقة الباليه الكورية الوطنية، وفرقة الأوركسترا الكورية السيمفونية في المهرجان، وأنا ممتن لكل شخص ساهم في هذا الانجاز بما فيهم الجمهور". 

كما ركزت كلمة السفير الكوري على العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط كل من جمهورية كوريا بدولة الإمارات، والرؤية والقيم المشتركة وخاصة الثقافية، وأهمية احتفاء مهرجان أبوظبي بكوريا الدولة ضيفة شرف الدورة السادسة عشرة للعام 2019. 
وقال السفير الكوري: إن هناك أكثر من 200 شخص من الفنانين والمبدعين الكوريين يزورون الإمارات سنوياً منذ تأسيس المركز الثقافي الكوري في شبه الجزيرة العربية في أبوظبي، متحدثا عن كوريا الدولة ضيفة شرف مهرجان أبوظبي. 
وأضاف: أتقدم بالشكر لمجموعة أبوظبي للثقافة والفنون التي تعمل للترويج للتواصل الثقافي بين البلدين، قائلاً: "الإمارات دورها رائد في التعاون الثقافي في مجال التراث فالتراث الثقافي ما زال يزدهر في الإمارات بأقوال الشيخ زايد "من ليس له ماضٍ، ليس له حاضر ولا مستقبل"، مضيفاً أن الإمارات تعرف تاريخها وإرثها، وأن الثقافة والتراث هما أول ما يجب ان نتعلمهما في معرفتنا بالآخر، مؤكداً أن هذه الصداقة العميقة ستؤسس لازدهار العمل المشترك.
من جانبه، قال سلطان العميمي، مدير أكاديمية الشعر في اللجنة: "إننا سعداء جداً بأن العلاقات الإماراتية الكورية تشهد مزيداً من التقارب على كافة الأصعدة، بما فيها الصعيدان الثقافي والحضاري، وبما يؤكد وجود عدد من القيم المشتركة بين الدولتين، مؤكداً على أهمية الشعر بين البلدين وتقديره من قبل الشعبين".
وأضاف العميمي: "لقد كان مفاجئاً لي أن اهتمام كوريا بالعالم العربي والإمارات بدأ مبكراً منذ العام 1965 حيث تأسس أول معهد للغة العربية ثم المعهد الكوري للشرق الاوسط 1966 والمعهد الجامعي لدراسات الشرق الأوسط 1977 والمعهد الجامعي للخليج العربي 2011". وأضاف: "نجد هناك الكثير من العادات والثقافات المشتركة في الثيمات المشتركة في الحكايات الشعبية بين البلدين، الخرافات والأساطير والجن والظواهر المحيطة بالإنسان والقيم الإنسانية المشتركة".
بينما طرح حميد الحمادي، رئيس جمعية الصداقة الإماراتية الكورية، وجهة النظر تجاه الإرث الثقافي الكوري بعيون إماراتية، وأهمية استكشاف الملامح الرئيسية للموروث الثقافي الكوري والقيم المشتركة المتشابهة ثقافياً وتراثياً، وتعريف المجتمعات العربية بجماليات الثقافة الكورية.
وتحدث لي جون هو مدير المركز الثقافي الكوري الجهود والمبادرات والفعاليات التي ينظمها المركز، مسلطا الضوء على الموروث الثقافي الكوري والقواسم المشتركة بين الثقافتين الكورية والإماراتية. واختتمت حوارات الندوة بمداخلة من سلطان العميمي لخص فيها فحوى هذا اللقاء حول القيم المشتركة وجمالية التراث الثقافي وأهمية صونه.
وأشار الحمادي إلى أن هناك أربعة عناصر مهمة ثقافيا مشتركة بين الإمارات وكوريا، أن الشعب الكوري يحب التعرف على الثقافات المختلفة كما يحبون التعريف بثقافتهم وتقبل ثقافة الآخرين، الثاني يتعلق بالأسرة فقراراتهم تركز على الأسرة وتكاتفها واستمرار امتدادها واحترام الوالدين، العنصر الثالث المفردة جون وترجمتها الخبز والملح وهي تعني الرابط الأقوى من الصداقة، هي ثقافة الفزعة ومساعدة الآخرين، والعنصر الرابع محورية دور الأم التي تضحي بأشيائها الخاصة في سبيل تحصيل الأبناء لأفضل تعليم ممكن، وهذا الاهتمام بالتعليم وتنشئة الأفراد هو السبب فيما وصلت إليه كوريا من نهضة في شتى المجالات.
وأكد الحمادي أن جمعية الصداقة الإماراتية الكورية تخطط ليوم زايد الإنساني في شهر رمضان للتعريف بروحية رمضان وإنجازات الشيخ زايد والثقافة الإماراتية، وقال: نخطط لتشجيع دراسة الطلبة الكوريين في الإمارات ليكونوا سفراء الإمارات لدى كوريا.
وتناول الحمادي تجربة تأسيس جمعية الصداقة الإماراتية الكورية التي تأسست في العام 2011، فمنذ العام 2009 بدأ الاهتمام بالتعرف على ثقافة وتجربة جمهورية كوريا مع اتفاقية بناء المفاعلات النووية السلمية كمشروع أسهم في تعزيز العلاقة بين الدولتين، وصولاً إلى التعاون في العديد من المشاريع بينها تعزيز الرعاية الصحية حيث هناك أكثر من 3000 مريض إماراتي يعالج في كوريا سنوياً، كما التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والثقافة وغيرها، اليوم بدأ الجمهور الإماراتي بالتعرف أكثر على كوريا وشعبها وثقافتها.
وفي الختام تحدث عن أهم شاعرين كوريين هما يون دون جو وجيم سو ال، وألقى قصيدة للشاعر كيم سو ال،  وهي قصيدة غزلية تتناول الحب والطبيعة والفراق في تركيز على القيم الثقافية والمعاني الشعرية المشتركة بين الشعبين والثقافتين العربية والكورية.
بدوره، قال لي جون هو الملحق الثقافي الكوري مدير المركز الثقافي الكوري في أبوظبي، إن المركز افتتح تحت مظلة السفارة والحكومة في العام 2016 لدينا 32 مركزا خارج كوريا ويختص المركز في أبوظبي بالعلاقة مع الناس في مكان يمكن أن نقدم فيه ما لدينا للاجتماع والتحدث وتبادل الأفكار والآراء، كما يختص بالروابط حيث يمكن للجمهور التواصل معنا بحيث عززنا الروابط مع المراكز الإماراتية وبالعكس بين الأفراد من فنانين ومؤسسات من البلدين وهذا هو دورنا في المركز.
وأضاف لي جون هو أن المركز يجسد التجربة والخبرة في التعرف على ثقافة بعضنا البعض، لدينا المهرجان الكوري كل سنة في أكتوبر لا سيما وأننا نعقده بالتعاون مع وزارة الثقافة وتنمية المعرفة كمنصة للتبادل الثقافي، لدينا بعض المرافق في مركزنا للمعارض والمناسبات والحوارات ولدينا فعاليات تقديم الثقافة الكورية مع الإمارات، نراكم التجارب الكورية المشتركة بين الشعبين، أنا أحب أن يكون المجلس الثقافي الكوري كالمجلس الإماراتي أن يكون مفتوحا لكل الناس وأن أجعل من المركز مجلسا مثل المحلس الإماراتي المنفتح على العالم.

وأكد لي جون هو أن لكوريا تاريخا طويلا يصل إلى خمسة الاف سنة غنيا ومتنوعا بكل أشكال التراث الثقافي، لدينا خمسون قطعة أثرية مسجلة في قائمة اليونيسكو. الآرتش الرقص التقليدي الكوري، أداة تواصل في المجتمع، الرقص يتم للتسلية والمتعة أو كطقس ديني أو انعكاس لوحدة المجتمع، مفردة "تيبامو" تعني أمنية من أجل السلام والازدهار للأمة وهي اسم الفرقة الكورية الفنية التي شاركت في عام زايد ضمن المهرجان الثقافي الكوري في الإمارات كرسالة من كوريا إلى الإمارات لتسليط الضوء على القيم الإنسانية المشتركة وللاحتفاء بقيم الشيخ زايد، في الطعام لدينا الكينشي كطعام عبارة عن ملفوف وبهارات كورية، الأكلة تتطلب وحدة العائلة والمجتمع، التايكواندو أيضا رياضة قتالية تأسست في كوريا يمارسها ثمانون مليون حول العالم.
وأضاف: إن هناك قيما مشتركة بين الثقافتين منها الدور المحوري للأم الإماراتية، الاعتناء بكبار السن، الحياة اليومية حتى في خلع الحذاء عند دخول المنزل تماما كما يفعل الإماراتيون، وأيضا مشاركة الطبق الواحد في الطعام لجميع أفراد العائلة، كما نستمتع بالجلوس على الأرض كما يفعل الإماراتيون كطقس جلوس تقليدي يعكس التواضع، كنا نستخدم الهاموك وهو لباس غير ضيق عريض ومريح كما يفعل الإماراتيون، وهو بقياس واحد للجميع يتم شده عند الوسط على قياس الشخص.
وتطرق إلى تجربته الشخصية في الطعام في البلدين حيث أن كثيرين لا يستطيعون تناول الطعام الكوري الحار ولكن في الإمارات يحبون الطعام الحار والبهارات ويجدون الطعام الكوري مقبولا لديهم. أعتقد أن التشابه بيننا يصل إلى طعم الطعام، والكوريون يحبون الهربس واللقيمات وغيرها من الأكلات التقليدية الإماراتية.
كما إن الكوريين يحبذون اللباس الأبيض الذي يعكس البراءة والنقاء والطيبة، نحن نقول إن جمال كوريا يأتي من الخطوط المنحنية والفراغات ذات الصلة بالحيز، وهنا في أبوظبي أشعر بتشابه الخط العربي والخطوط والمساحات والفراغات وخاصة في المساجد والصحراء، لدينا في كوريا تشابه مهم في تاريخنا حيث شهدنا ظروفا صعبة حربا لم تبق ولم تذر، وخلال خمسين عاما استطعنا أن نحقق النمو الاقتصادي والرفاه كما هنا في الإمارات تجربة بناء استغرقت نفس الفترة تقريبا، البلدان يهتمان بالمستقبل وهي نقطة تشابه مشتركة بين البلدين تجعل صداقتهما أقوى.
معرض لنماذج من الأزياء التراثية الكورية
وعلى هامش فعليات الندوة، أقيم معرض مصغر في قاعات المجلس لنماذج من الأزياء التراثية الكورية، والأعمال الفنية والمشغولات والصناعات اليدوية التي تحتفي بالإرث الثقافي الكوري.