الإسلاميون الطرف الأضعف في المشهد السوداني

الساحة السياسية ستشهد وجود بعض الأحزاب الإسلامية على غرار حزب المؤتمر الشعبي وحركة الإصلاح لكن تأثيرهم سيكون ضعيفا.
المعارضة تتلخص في قوى نداء السودان وقوى الإجماع الوطني وتجمع المهنيين
نداء السودان تضم حزب الأمة وحزب المؤتمر السوداني واحزابا صغيرة إلى جانب الحركات المسلحة
قوى الإجماع الوطني تضم الحزب الشيوعي والحزب البعثي
تجمع المهنيين هو مجموعات صغيرة غالبيتها من الشباب دون قيادة سياسية

الخرطوم - تمكنت المعارضة السودانية أخيرا من إملاء مطالبها على السلطة، وبعد كثير من الانقسامات والاختلافات التي أضعفتها على مدار ثلاثة عقود أمام حكم عمر البشير تشّكلت كتلة قوية من ثلاثة أطراف واستطاعت أن تطيح برأس الدولة.

وتحدث الكاتب الصحافي المخضرم محجوب محمد صالح عن تأثير الإسلاميين وقوتهم بعد سقوط حكم البشير وخريطة المعارضة السودانية وموقفها الحالي بشقيها السياسي والمسلّح.

ويؤكد صالح إن "الإسلاميين لن يختفوا من الساحة ولكنهم لن يكونوا مؤثرين خصوصا مع انتهاء حزب المؤتمر الوطني"، والذي تطالب قوى الحرية والتغيير بحلّه والقبض على قياداته والتحقيق معهم.

الإسلاميون لن يختفوا من الساحة ولكنهم لن يكونوا مؤثرين

وأوضح أنه كان هناك بعض حركات المعارضة للمؤتمر الوطني من المنطلق الإسلامي مثل حزب المؤتمر الشعبي الذي كان يرأسه حسن الترابي وحركة الإصلاح الآن بقيادة غازي عتباني، "أعتقد أنه لن يتم إقصاؤهم من المشهد".

وأربك عزل الجيش السوداني للرئيس عمر البشير مشروع جماعات الإسلام السياسي المدعومة من قطر وتركيا كما أربك خطط التمدد التركي في إفريقيا من بوابة السودان.

وأدى إسقاط البشير، إلى تشكيل مجلس عسكري انتقالي يتولى إدارة حكم البلاد لمدة عامين.

وكان هذا البلد العربي يشهد وجود نحو 100 حزب سياسي بين معارض وموال لحكومة البشير، لكن لم يكن أيا منهم المحرك الرئيسي للشارع.

من هي المعارضة السودانية؟

ويقول صالح، والملقب بـ "عميد الصحافة السودانية" إن المعارضة في السودان الآن يمكن اختصارها في "قوى نداء السودان وقوى الإجماع الوطني وقبلهم تجمع المهنيين والذي يضم العدد الأكبر".

وأوضح أن "نداء السودان"، والتي تأسست في باريس، تضم حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي وحزب المؤتمر السوداني وعددا من الأحزاب الصغيرة إلى جانب الحركات المسلحة مثل الحركة الشعبية لتحرير السودان.

وكانت الاحتجاجات الأخيرة هي بوابة عودة المهدي، المعارض المثقف، إلى البلاد، بعد غياب استمر عاماً.

والمهدي كان رئيساً للحكومة عام 1989 حين أزاحه عن السلطة انقلاب البشير.

وتضم قوى الإجماع الوطني، وفقا لصالح، الحزب الشيوعي السوداني والحزب البعثي وهي أحزاب "أكثر راديكالية عن الآخرين".

ويتمثل تجمع المهنيين في مجموعات صغيرة غالبيتها من الشباب تضم أساتذة جامعات وأطباء ومهندسين وغيرهم دون قيادة سياسية، نظمت تظاهرات ضد نظام البشير بدأت في 19 كانون الأول/ديسمبر حتى قامت باطاحته من الحكم الاسبوع الماضي.

والأحد دعا التجمع المجلس العسكري الانتقالي الى "الشروع فوراً بتسليم السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية متوافق عليها عبر قوى الحرية والتغيير ومحمية بالقوات المسلّحة السودانية".

وحضّ المتظاهرين على مواصلة الاعتصام حتى "تحقيق أهداف الثورة بتنزيل الرؤى والتصورات الواردة بإعلان الحرية والتغيير".

ما مدى قوة المعارضة الآن؟

ويقول صالح إن تكتل المعارضة "قوى الحرية والتغيير" الذي يضم الثلاثة أطراف، كان الأقوى والأكثر استمرارية"مضيفا "أربعة أشهر ولم يتردد الأفراد في التضحية بأنفسهم في الشارع"، من أجل تحقيق المطالب.

وقتل ما يزيد عن 30 شخصا في السودان منذ بدء الاحتجاجات، نتيجة الاشتباكات مع قوات الأمن.

وكانت قوى الحرية والتغيير بقيادة التجمع طالبت أيضا "الحكومة الانتقالية المدنية بمحاكمة "البشير وقادة جهاز الأمن والمخابرات وحزب المؤتمر الوطني والوزراء في الحكومات المركزية والولائية ومدبري ومنفذي انقلاب 30 يونيو 1989".

ومن جهته بدأ المجلس العسكري في تنفيذ المطالب بدعوة الأحزاب السياسية لأن "يتّفقوا على شخصية مستقلة لرئاسة الوزارة والاتفاق على حكومة مدنية".

واعلن أعلن مساء الأحد تعيين الفريق أبو بكر مصطفى رئيساً لجهاز المخابرات والأمن الوطني بعد استقالة رئيسه السابق صلاح جوش، وإعفاء رئيس بعثة السودان في واشنطن، وهو رئيس سابق لجهاز المخابرات والأمن.

ويقول صالح "كل مكونات المعارضة الآن متجهة لتوحيد الصف والقفز فوق الخلافات والتعلم من الخبرات السابقة في هذه المرحلة الاستثنائية".

"لكن عندما تعود الأمور لطبيعتها (في الحياة السياسية) ستظهر وتتواجد الخلافات بين فصائل المعارضة بالتأكيد"، كما يضيف.

وعن المعارضة بالخارج، يقول صالح إن "كل حركة معارضة في السودان لها تابعين في الخارج، ولكن المغتربين السودانيين قد يمثلون بشكل أكبر القوى البشرية التي يمكن اللجوء إليها في تشكيل حكومة مدنية".

وتمسك منظمو الاحتجاجات في السودان الاثنين بحل المجلس واستبداله بآخر مدني يضم ممثلين للجيش وبإقالة كبار المسؤولين في السلطة القضائية.

المحتجون في السودان
المحتجون طالبوا بحل المجلس العسكري واستبداله بآخر مدني يضم ممثلين للجيش

واشترط تجمع المهنيين السودانيين الذي يشرف على الحراك الشعبي وبات يحظى بثقل اجتماعي وسياسي، تمثيلا محدودا للعسكر في المجلس المدني الانتقالي. وزاد على مطلبه هذا إقالة رئيس جهاز القضاء والمدعي العام في السودان.

وقال محمد ناجي وهو من قادة تجمع المهنيين السودانيين الذي نظّم الحركة الاحتجاجية في السودان منذ أشهر "نريد إلغاء المجلس العسكري الحالي واستبداله بمجلس مدني مع تمثيل للعسكريين".

وحذر عضو آخر في التجمع يدعى أحمد الربيع من أنه "إذا لم يحل المجلس العسكري ويتم تكوين مجلس مدني، لن نشارك في الحكومة الانتقالية".

ويضم المجلس العسكري الذي تشكّل عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير بعدما حكم الأخير البلاد بقبضة من حديد لثلاثة عقود، عشرة أعضاء ويترأسه الفريق الركن عبدالفتاح البرهان.

وإضافة إلى الرئيس ونائبه، يتألف المجلس من سبعة ضباط في الجيش ومدير الشرطة ونائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات.

وطالب تجمع المهنيين السودانيين كذلك بإقالة رئيس السلطة القضائية عبدالمجيد إدريس والنائب العام عمر أحمد محمد. وقال القيادي في التجمع طه عثمان للصحافيين "نطالب بإقالة رئيس القضاء ونوابه واستبداله بشخصية موثوقة وإقالة النائب العام واستبداله بشخص موثوق".