الإعلام الإيراني يضع فرضية تورط اسرائيل في انفجار ميناء رجائي

مطالب برلمانية بالتعامل مع المتسببين في انفجار الميناء على أي مستوى كانوا، وبغض النظر عن مناصبهم، بطريقة حاسمة ورادعة.
90 بالمئة من أعمال إطفاء الحريق قد اكتملت
ارتفاع عدد القتلى جراء الانفجار الى28 شخصا وإصابة أكثر من ألف آخرين

طهران – أشارت صحيفة "هم ميهن" الإيرانية إلى أن هناك شكوكًا قوية بتورط إسرائيل في انفجار ميناء رجائي بمدينة بندر عباس، وذكرت أنه يجب على السلطات الإيرانية إعادة النظر في إجراءاتها الأمنية، و"أن تسارع إلى إجراء التحقيقات والكشف عن نتائجها"، حيث تتباين الروايات بشأن أسباب الانفجار الضخم وطبيعة المواد التي انفجرت ومن المتسبب به، ومطالب بالتحقيق السريع ومحاسبة المسؤولين.

وارتفع عدد القتلى في انفجار أكبر ميناء تجاري في إيران السبت، إلى 28 شخصا بينما أُصيب أكثر من ألف آخرين بجروح، وفق حصيلة جديدة صادرة الأحد، فيما تمت السيطرة على الحريق المندلع في المكان من دون إخماده.

وصرح مصدر على صلة بالحرس الثوري الإيراني لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية بأن ما انفجر في الميناء كان بيركلورات الصوديوم، وهو مكون رئيسي في الوقود الصلب للصواريخ وتحدث المصدر شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة مسائل أمنية.

كما أبلغت شركة "أمبري" الأمنية عن وجود مؤشرات على أن الانفجار نتج عن تخزين غير سليم لبيركلورات الصوديوم في الميناء. وكانت صحيفة "فاينانشيال تايمز" قد ذكرت في يناير/كانون الثاني أن الصين شحنت المادة الكيميائية إلى إيران، التي استُنفدت مخزوناتها من وقود الصواريخ العام الماضي عندما أطلقت إيران وحزب الله وكيلها، صواريخ على إسرائيل.

غير أن الإعلام الرسمي نقل عن هيئة الجمارك في إيران أن "الانفجار وقع على الأرجح بسبب تخزين مواد خطرة ومواد كيميائية في الميناء".

من جانبها، أكدت وزارة الدفاع الإيرانية، عدم وجود أي شحنات عسكرية مخزّنة في موقع الانفجار. وقال المتحدث باسم الوزارة رضا طلائي نيك للتلفزيون الرسمي "لم تكن هناك أي شحنات مستوردة أو مصدّرة للوقود العسكري أو للاستخدام العسكري في المنطقة التي شهدت حادث الحريق وفي ميناء الشهيد رجائي".

ويعدّ الميناء الذي يقع على مضيق هرمز حيث يمر خُمس إنتاج النفط العالمي، جزءا من منطقة بندر عباس الكبرى التي يقطنها حوالى 650 ألف شخص. كذلك تضم المنطقة قاعدة رئيسية للبحرية الإيرانية.

توقف تشغيل الميناء الاستراتيجي لمدة أسبوعين بسبب الدمار المادي والتشغيلي، يُلحق ضررًا بالغًا باقتصاد البلاد

وتتمتع بندر عباس بموقع استراتيجي على طول مضيق هرمز، حيث يلتقي الخليج العربي بخليج عُمان وهو ممر ملاحي مزدحم للنفط والغاز الطبيعي في العالم.

وقال عضو البرلمان الإيراني، أمير حسين ثابتي في جلسة علنية بالبرلمان الأحد "يجب أن يتم التعامل مع المتسببين في انفجار بندر عباس على أي مستوى كانوا، وبغض النظر عن مناصبهم، بطريقة حاسمة ورادعة".

وأفادت وكالة مهر الإيرانية، ظهر الأحد، بأن جزءًا من ميناء رجائي شهد حريقًا جديدًا بسبب الرياح واحتراق المواد السامة، وقال جلال ملكي المتحدث باسم إدارة الإطفاء، إنه تم السيطرة على الحريق وبدأت عمليات التبريد.

ووفقًا له، فإن 90 بالمئة من أعمال إطفاء الحريق قد اكتملت، ولكن العديد من الحاويات سقطت فوق بعضها البعض وتحطمت بسبب الحريق. وذكرت إدارة الإطفاء أن الحاوية التي تسببت في الانفجارات الكبيرة كانت تحتوي على أسطوانات غاز.

وأمر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بإجراء تحقيق في أسباب الكارثة.  وأفادت صحيفة "كيهان"، التي تُدار تحت إشراف ممثل خامنئي، في مقال رئيس على صفحتها الأولى، صباح الأحد بأن الحادثة التي أدت إلى هذا الحجم الكبير من الدمار والخسائر المادية والبشرية، في أكبر ميناء تجاري بالبلاد، وأحد أكبر الموانئ في المنطقة، تعد ذات أهمية خاصة، وتتطلب دراسة دقيقة وسريعة للأسباب والتداعيات.

وأشارت الصحيفة إلى ضرورة تحديد وتوضيح الأسباب بدقة، وبشكل مدعوم بالأدلة والوثائق، مع الإعلان عما إذا كان الحادث ناتجًا عن تقصير وإهمال، وعدم مراعاة التحذيرات السابقة فيما يخص إجراءات السلامة، أم أن هناك عوامل أخرى قد تكون وراء ذلك.

وكتب عبد الله باباخاني، المستثمر في مجال الطاقة المتجددة والمحلل الاقتصادي، في منشور على موقع اكس "توقف تشغيل هذا الميناء الاستراتيجي لمدة أسبوعين، بسبب الدمار المادي والتشغيلي، قد يُلحق ضررًا بالغًا باقتصاد البلاد".

وبعد مرور أكثر من 20 ساعة على وقوع الانفجار في ميناء رجائي، أظهرت الصور التي نُشرت في وسائل الإعلام المحلية الإيرانية أن الحريق لا يزال مستمرًا في الميناء، فيما تنتشر سحب الدخان في سماء بندر عباس.

وقال مدير الهلال الأحمر الإيراني بيرحسين كوليفاند في مقطع فيديو نُشر على موقع الحكومة الإلكتروني "للأسف، قُتل 28 شخصا"، مشيرا إلى وجود "20 شخصا في العناية المركّزة". كذلك أفاد الهلال الأحمر في الحصيلة الجديدة، بإصابة أكثر من ألف شخص بجروح.

وأعلنت وزارة الصحة الإيرانية، مستشهدةً بالملوثات السامة المحمولة جوًا، حالة الطوارئ في محافظة هرمزغان، وطالبت من الناس البقاء في منازلهم وإغلاق النوافذ وارتداء الكمامات. وسُمح فقط لوسائل الإعلام الإيرانية بالتقاط صور ومقاطع فيديو في منطقة الحادث.

وبعد 24 ساعة على وقوع الانفجار، تستمرّ عمليات إخماد الحريق بمشاركة طائرات قاذفة للمياه ومروحيات بينما يستخدم عناصر الإطفاء على الأرض خراطيم مياه ضخمة.

وقال مسؤول جهاز الطوارئ في المحافظة مهرداد حسن زاده إن "المدارس والمكاتب والجامعات في بندر عباس ستغلق الأحد"، بينما حثّت وزارة الصحة في بيان، السكان على البقاء في منازلهم "حتى إشعار آخر" ووضع كمامات إذا كانوا مضطرّين للخروج. كذلك، أُطلق نداء للتبرّع بالدم.

وأعلنت السلطات في محافظة هرمزكان الحداد ثلاثة أيام اعتبارا من الأحد. ولم يُعرف على الفور عدد الموظفين الذين كانوا في الميناء لحظة وقوع الانفجار السبت، وهو أول يوم عمل في الأسبوع في الجمهورية الإسلامية.

والأحد، قال وزير الداخلية إسكندر مؤمني الذي توجّه إلى مكان الحادث، إنّ عمليات التخليص الجمركي وتحميل الحاويات قد استؤنفت.

وأظهرت صور نشرتها وكالة "إرنا"، مسعفون يتوجّهون إلى مكان الحادث، بينما غطّت بقع دماء إحدى السيارات التي دفعها عصف الانفجار إلى الاصطدام بشاحنة.

وكان عصف الانفجار شديدا لدرجة أنه أطاح بصف من الشاحنات التي تحولت إلى حطام، بحسب صور نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي صور أخرى ملتقطة جوا بدا الدخان الأسود كثيفا في ما يُعتبر مؤشرا على اندلاع حرائق في عدّة مواقع.

وقدمت الأمم المتحدة وعدد من الدول، من بينها السعودية والإمارات وباكستان والهند وتركيا وروسيا، تعازيها إلى إيران.

ووقع الانفجار في وقت اختتمت الوفود الإيرانية والأميركية جولة ثالثة من المفاوضات في سلطنة عمان بشأن البرنامج النووي الإيراني، بعد مناقشات سابقة وصفها البلدان بأنها بنّاءة.

ولم تشر السلطات الإيرانية إلى احتمال أن يكون الانفجار ناجما عن عمل تخريبي. ومنذ سنوات، تشنّ إسرائيل حربا خفية على إيران لمواجهة نفوذها الإقليمي، في وقت تشتبه فيه بأنّ طهران تسعى للحصول على السلاح النووي.

وكانت صحيفة واشنطن بوست الأميركية ذكرت أنّ إسرائيل نفذت في أيار/مايو 2020 هجوما إلكترونيا على ميناء الشهيد رجائي.