الإمارات تطلق 'مشروع 300 مليار' لبناء اقتصاد تنافسي على أعلى مستوى

الإمارات تعمل عبر إستراتيجية محكمة على تحقيق نقلة نوعية في القطاع الصناعي ليكون المحرك الرئيسي للاقتصاد الوطني وتسعى لاستثمار مواردها وإمكاناتها لبناء قاعدة اقتصادية عالمية ذات قدرة تنافسية عالية.
مشروع 300 مليار يسعى لتنويع مصادر دخل الاقتصاد الإماراتي
مساع إماراتية لا تهدأ لبناء اقتصاد قادر على مواجهة الأزمات العالمية

أبوظبي - أطلقت الإمارات العربية المتحدة الاثنين في فعالية خاصة أقيمت في قصر الوطن بأبوظبي برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الإستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة تحت عنوان "مشروع 300 مليار" كخطوة نوعية تنفذها وزارة الصناعة على مدى 10 سنوات لتحفيز الاقتصاد الوطني والنهوض بالقطاع الصناعي في الدولة وتوسيع نطاقه إقليميا وعالميا وإكسابه قدرات تنافسية على أعلى مستوى.

ويهدف المشروع إلى تعزيز مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي بالإمارات من 133 مليار درهم إلى 300 مليار درهم بحلول العام 2031، مع التركيز على الصناعات المستقبلية التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة وحلول الثورة الصناعية الرابعة، بما يعمل على تمكين الاقتصاد وتحفيزه ورفده بعناصر النمو المستدام.

كما تسعى الإستراتيجية إلى تحقيق اكتفاء ذاتي في العديد من الصناعات الحيوية وتعزيز القيمة الصناعية الوطنية المضافة من خلال الارتقاء بجودة المنتجات المحلية ودعمها والترويج لها محليا وعالميا، وخلق بيئة محفزة للاستثمار المحلي والأجنبي، عبر توفير مزايا تنافسية تسهم في ترسيخ موقع الإمارات كمركز صناعي رائد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتحولها إلى مركز خبراتي لجذب الكفاءات والمستثمرين، سعيا لتصدر منصات المنافسة الصناعية إقليميا وعالميا.

كما يهدف 'مشروع 300 مليار' بإشراف وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في تطوير المنظومة الصناعية، عبر دعم تأسيس 13.500 شركة ومؤسسة صغيرة ومتوسطة.

وأطلق الشيخ محمد بن راشد الهوية الصناعية الموحدة بعنوان "اصنع في الإمارات" وذلك امتدادا للهوية المرئية للإمارات، لجعل المنتج الصناعي المحلي مرآة لكل ما تمثله هوية الدولة القائمة على التميز، باعتماد أعلى معايير الكفاءة والجودة الفائقة ضمن معايير موحدة على مستوى كافة الإمارات، لإبراز المقوم الإماراتي في المنتج الوطني وتعزيز تنافسية الصناعة والمنتجات الوطنية، بحيث تكون ضمن الصادرات الإماراتية المطلوبة في العالم لنوعيتها وتنافسيتها.

الصناعة عصب الاقتصادات الضخمة

قال الشيخ محمد بن راشد إن "إستراتيجية الصناعة سوف تحقق نقلة نوعية في القطاع الصناعي في الإمارات ليكون المحرك الرئيسي للاقتصاد الوطني وأساس انطلاقتنا التنموية للخمسين سنة المقبلة بثقة أعظم وسرعة أكبر"، لافتا إلى أن "الصناعة هي عصب الاقتصادات الضخمة في العالم والإمارات بما لديها من موارد وإمكانات وسياسات فاعلة وإرادة قيادية قادرة على بناء قاعدة اقتصادية عالمية".

وأضاف "تطوير القطاع الصناعي وتحقيق اكتفاء ذاتي في عدد من الصناعات الحيوية يشكل حصانة لاقتصادنا في مواجهة الأزمات العالمية"، مشيرا إلى أن "القطاع الصناعي في الإمارات حقق إنجازات كثيرة ولدينا منتجات وطنية نفخر بها وقادرة على أن تنافس عالميا ومهمتنا مضاعفة هذه الإنجازات وتعزيز القيمة الصناعية المحلية وبناء منظومة صادرات تعزز تنافسية المنتج الوطني عالميا".

تطوير القطاع الصناعي هو تطوير لاستقرارنا الاقتصادي ومكانتنا العالمية ومستقبل أجيالنا القادمة

وأكد "نسعى إلى إطلاق مشاريع وصناعات جديدة في إطار منظومة صناعية استشرافية تتصدى للتحديات والمعوقات أولا بأول وتبتكر الحلول وتفكر خارج الصندوق وتتجاوز سقف التوقعات"، مضيفا "تطوير القطاع الصناعي هو تطوير لاستقرارنا الاقتصادي ومكانتنا العالمية ومستقبل أجيالنا القادمة".

تمكين المنظمة الصناعية الوطنية

من جانبه قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إن "إستراتيجية الصناعة تمثل نقلة تنموية نوعية في تمكين المنظومة الصناعية الوطنية لتكون دعامة رئيسية في دعامات اقتصادنا الوطني"، مشيرا إلى أنها تجسد اهتمام الدولة بقطاع الصناعة كونه أحد أهم محركات الاقتصاد الوطني خلال الخمسين سنة المقبلة ومصدرا أساسيا لتنويع الدخل وخلق وظائف وتحقيق استدامة التنمية.

وأكد أن "تحقيق أهداف هذه الإستراتيجية وغيرها من المبادرات الوطنية يتطلب تضافر الجهود والعقول والخبرات الوطنية والعمل بروح الفريق لدعم توجه دولة الإمارات ورؤيتها نحو التنويع الاقتصادي وبناء اقتصاد معرفي مستدام".

وقال "إن دولة الإمارات نجحت في ترسيخ مكانتها عاصمة اقتصادية في المنطقة وبيئة مثالية للأعمال، لما تمتلكه من مقومات البنية التحتية المتطورة والبنية الرقمية والخدمات والأمن والعديد من الممكنات والمزايا التنافسية"، مضيفا "تأتي هذه الإستراتيجية لتضع هدفا طموحا لمضاعفة مساهمة قطاع الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة القيمة الوطنية المضافة من خلال برنامج وطني شامل للنمو الاقتصادي المستدام يستفيد من هذه المزايا ويبني عليها للوصول إلى هدف طموح يواكب أولوياتنا الوطنية، ويأخذ في الاعتبار المعطيات الجديدة خلال مرحلة ما بعد كوفيد-19."

الإمارات تؤسس لاقتصاد ذات قدرة تنافسية عالية إقليميا وعالميا
الإمارات تؤسس لاقتصاد ذات قدرة تنافسية عالية إقليميا وعالميا

إرساء دعائم اقتصاد وطني مستدام

بدوره أكد وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة سلطان بن أحمد الجابر، أن القطاع الصناعي في دولة الإمارات يشارك بصورة رئيسة في مسيرة التنمية الاقتصادية في الدولة منذ التأسيس وحتى اليوم، حيث ساهمت المؤسسات الصناعية في الدولة في بناء منظومة صناعية تملك كل مقومات النمو.

وأوضح أن استراتيجية وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة تمثل برنامجا شاملا للمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام وأن إطلاق هذه الإستراتيجية يعكس اهتمام حكومة الإمارات بهذا القطاع الحيوي والعمل على توفير كافة مقومات النجاح التي تضمن له المساهمة الفاعلة في ترجمة الرؤية المستقبلية للدولة الساعية إلى بناء منظومة اقتصادية راسخة وقوية يشكل القطاع الصناعي المحرك الرئيسي فيها.

قفزة صناعية هائلة.

واستعرض وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة للمشروع كإستراتيجية متكاملة تسعى إلى إحداث تحول جوهري في القطاع الصناعي في دولة الإمارات.

وتعمل الاستراتيجية في إطارها العام كما أوضح الوزير في معرض تقديمه على المستوى الرأسي من خلال تدعيم وتمكين الصناعات القائمة التي تتصدر القطاع الصناعي في الدولة لجهة مخرجاتها وقيمتها الصناعية الوطنية المضافة، بحيث يتم البناء على المكتسبات التي حققتها وتوفير كافة الآليات لتعزيز تنافسيتها محليا وعالميا.

كما تعمل الاستراتيجية على المستوى الأفقي من خلال دعم تطوير منظومة صناعية جديدة يتم فيها التركيز على الصناعات المستقبلية التي تشكل أساس بناء اقتصاد المعرفة، كالصناعات المرتبطة بالتكنولوجيا المتقدمة وحلول الثورة الصناعية الرابعة.

كذلك سيتم زيادة الإنفاق على البحث التطوير في القطاع الصناعي من 21 مليار درهم وهو ما يعادل 1.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلى 57 مليار درهم في العام 2031 وهو ما يعادل 2 في بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وذكر الوزير أن "مشروع 300 مليار" سوف يسهم في تحقيق قفزة هائلة في القطاع الصناعي، مساهما في تعزيز موقع الإمارات في مؤشر تنافسية الأداء الصناعي من الترتيب 35 حاليا إلى الترتيب 25 خلال عشر سنوات.

كذلك، توقف سلطان الجابر عند أبرز التحديات والمعوقات التي يواجهها القطاع الصناعي في الدولة وسبل تجاوزها، من بينها التداعيات التي أفرزتها أزمة فيروس كورونا المستجد  وتسارع وتيرة التغيرات التكنولوجية على نحو يستلزم متابعة ورصدا حثيثين لمواكبتها والاستفادة من تطبيقاتها والحلول التي تقدمها، بالإضافة إلى التحولات الإقليمية المتسارعة بموازاة تغير ملامح العولمة التي أفرزت اتجاها عالميا متزايدا نحو تعزيز الاكتفاء الذاتي، خاصة في الصناعات الحيوية، والاستعداد لأي تحديات أو عقبات قد تؤثر على منظومة سلاسل الإمداد.

وسوفر تركز الاستراتيجية الصناعية في المرحلة المقبلة على تطوير القطاعات الصناعية التالية: الصناعات الفضائية والصناعات التكنولوجية المتقدمة والصناعات الطبية والدوائية والصناعات المتعلقة بالطاقة النظيفة والمتجددة (إنتاج الهيدروجين) والآلات والمعدات والمعادن والمواد الكيميائية ومنتجات المطاط واللدائن والأجهزة الإلكترونية والكهربائية والمنتجات الغذائية والمشروبات.