الإنتاج المفرط يهدد مكونات طبيعية للحمية الغذائية

الكينوا غذاء المستقبل

ليما - من قمم جبال الأنديس إلى أدغال الأمازون مرورا بصقيع منطقة باتاغونيا، لطالما تناول السكان الأصليون الكينوا والكامو كامو والكالافات... غير أن هذه المكونات المستخدمة في الحميات الغذائية السليمة والتي ذاع صيتها حول العالم باتت مهددة جراء الانتاج المفرط.

وبفضل غناها بمضادات الأكسدة والفيتامينات والأحماض الأمينية والمعادن والألياف، تبعث الحبوب المنتجة في منطقة التيبلانو في قلب جبال الأنديس إحدى أعلى المناطق المأهولة في العالم (كالكينوا والكيويتشا والكانيوا) والجذور (الكسافا وإجاص الأرض) وثمار العوزة (كالافات والغوافة التشيلية) الأمل في معالجة الأمراض القلبية الوعائية والبدانة والسرطان بحسب الخبراء.

وأصبحت هذه الأطعمة الرائجة للغاية المنتجة في أطر التجارة المنصفة، من اساسيات القطاع الغذائي لمنطقة جبال الأنديس. فبين العامين 2011 و2015، سجل العرض على هذه المنتجات الطبيعية ارتفاعا بواقع ثلاث مرات بحسب هيئة "برومبيرو" المكلفة الترويج للبيرو.

كما أن الصادرات تسجل نموا مطردا. فتلك العائدة للكينوا البيروفي المسمى "الحبة الذهبية" لجبال الأنديس والتي تزرع منذ زمن حضارة الإنكا، ارتفعت قيمتها بواقع أربعة أضعاف بين 2012 و2017 لترتفع من 34,5 إلى أكثر من 124 مليون دولار.

أما صادرات ثمرة ساتشا إينتشي وهي من الجوزيات الغنية بالأحماض الدهنية فقد ارتفعت بواقع أكثر من الضعف العام الماضي، بحسب الهيئة البيروفية. كذلك سجل تقدم لافت لثمرة لاكوما الغنية بالفيتامينات.

تغيير الميزات

غير أن النجاح العالمي لهذه المنتجات التي تستقطب الذواقة والنباتيين وأخصائيي التغذية له أثر سلبي: اذ ان المنتجين عمدوا إلى زيادة الانتاج لتلبية الطلب المتزايد.

ويمكن لمزايا هذه الأطعمة أن تتبدل في حال كانت التربة غير ملائمة وخلال عملية التحويل التي تخضع لها لتسويقها وتصديرها، وفق مارسيلا زامورانو الكيميائية المتخصصة في تحليل الأطعمة في جامعة سانتياغو في تشيلي.

ويتعرض الكينوا خصوصا لدرجات حرارة مرتفعة خلال عمليات التوضيب.

وتشير الفنلندية ريتفا ريبو الأخصائية في الكيمياء الغذائية في جامعة لا مولينا الزراعية في ليما ومؤلفة كتب عدة عن الكينوا، إلى أن "التحدي الرئيسي يكمن في عدم تراجع مستوى المغذيات في المنتج الصناعي مقارنة مع تلك الموجودة في النبتة الأصلية".

وفيما المصدر الأساسي للكينوا هي سلسلة التيبلانو البوليفية والبيروفية، باتت هذه الحبوب تنتج أيضا في الولايات المتحدة وهولندا والهند والصين. مع ذلك، يمكن لهذه الحبوب أن تفقد جزءا من مغذياتها خارج موطنها الطبيعي وفق ريبو.

ولمساعدة المستهلكين على تحديد أفضل المنتجات البيروفية، تنادي مديرة هيئة "برومبيرو" ايزابيلا فالكو بضرورة وضع تسميات خاضعة للمراقبة لتحديد طابعها الأصلي.

وتقول لوكالة فرانس برس "يقال إن الكينوا الذي ينبت على علو أربعة آلاف متر هو الأغنى بالمغذيات".

ويمكن للحبوب الأخرى المنتجة في جبال الأنديس مثل كيويتشا التي تحوي مستويات من الكالسيوم والبروتينات أكثر من تلك الموجودة في الكينوا، وكانيوا التي تحوي كميات أكبر من الألياف والحديد مقارنة مع الكينوا، أن تواجه المشكلة عينها لتدهور جودتها مقارنة مع مثيلاتها المنتجة في مناطق أخرى.

الوقاية من الأمراض

وتقوم جاذبية هذه المأكولات أيضا على مزاياها الصحية. ويجمع الخبراء على أن هذه اللبيات والثمار والحبوب الغنية بالفيتامينات يمكن أن تساعد في الوقاية أو في تأخير الأمراض المزمنة غير المعدية مثل السكري.

وتحذر الكيميائية مارسيلا زامورانو من أن هذه الأطعمة لا يمكن أن تحل محل الأدوية في حالات المرض.

وتقول لوكالة فرانس برس "عموما، الأطعمة الخارقة لا تكافح أي مرض لكنها تقي من ظهور بعض الأمراض" شرط استهلاكها بانتظام.

وقد رأى قطاع صناعي النور بالاعتماد على هذه المنتجات بما يشمل أنواعا من الحلوى والمعكرونة ومشروبات الطاقة.

وفي جامعة تشيلي، ينكب باحثون على دراسة مزايا ثمرة الكالافات التي تنبت في جنوب تشيلي وفي الأرجنتين.

ويوضح مدير المشروع دييغو غارسيا لوكالة فرانس برس أن "فكرتنا تقوم على الاستعانة بهذه المادة كمكمل غذائي مع الحمية الغذائية لفقدان الوزن".

كذلك يدرس غارسيا المزايا المضادة للالتهاب لثمرة الغوافة التشيلية والفراولة البرية والماكي وهي ثمرة زرقاء أخرى معروفة بميزاتها المضادة للأكسدة.

وفي عواصم البيرو وتشيلي وبوليفيا، تحظى هذه الأطعمة بمكانة مميزة في مطاعم كثيرة احتل بعضها مواقع متقدمة في تصنيفات أفضل المطاعم.