الإنترنت تشعل حرب ثقافات

يرى محللون ومتخصصون في شبكة الانترنت ان السنوات القادمة قد تشهد محاولات حثيثة من طرف الشركات العملاقة من ناحية والحكومات من ناحية أخرى للسيطرة على حرية تدفق المعلومات عبر الانترنت كل لاستخادمه الخاص.
فمن ناحيتها ترغب الشركات الكبرى في استخدام الانترنت كأداة للتسويق والترويج لمنتجاتها دون مراعاة لأية فروق ثقافية او اخلاقية، او حتى دون التركيز على تنمية الابداع عبر الشبكة المعلوماتية باتاحة الفرص للأفكار الجديدة والخلاقة.
وقد اطلقت هذه الصيحات التحذيرية في مؤتمر مجتمع الإنترنت السنوي الذي تم إنشائه بمعرفة منظمة دولية غير هادفة للربح تضم العديد من المصممين ومحترفي الإنترنت لمناقشة قضاياها بغرض المحافظة على فاعلية الشبكة ونجاحها.
وناقش المؤتمر خلال انعقاده الأسبوع الماضي في "آرلنجتون" ورقة عمل تحت عنوان"طرق نزاعات الإنترنت حين تصطدم التقنية مع السياسة". و تضمنت محاور المؤتمر مناقشة الاهتمام المتزايد من الحكومات لممارسة السيطرة على الأعمال التجارية بالشبكة بهدف تحقيق أعلى معدل من الأرباح دون اهتمامها بتنمية الإبداع والابتكار عند المستخدمين أو تنظيم التعبير والحد من حرب الثقافات بين الشعوب.
ويرى وليام جى دراك الباحث بجامعة ميريلند أن العالم يشهد نقطة تحول نحو تطور شبكة الإنترنت كما يوجد أساليب تعبير خاطئة يمارسها المستخدمين تؤثر بالسلب في حرية التعبير حيث تسرق الإمكانيات الحقيقية للديموقراطية.
ويؤكد فينت سيرف مطور لغة شبكة الإنترنت الأساسية واحد أوائل المؤسسين لمجتمع الإنترنت أن الأعمال التجارية التقليدية الكبيرة يمكن أن تزيد من سيطرتها على شبكة الإنترنت بشكل لم يسبق له مثيل خلال المعالجات العالية والخدمات السريعة التي حررت بواسطة الكابل واتصال الشبكات.
ويضيف سيرف أن الشركات تمنع التطور والابتكار من خلال السماح للمستعملين باستقبال المعلومات أكثر بكثير من إرسالها مما يؤدي إلى كثير من التأثيرات الغريبة، منها كبح الابتكار والإبداع عند المستخدمين.
فمثلا لو تواجد شخصان بامكانهما استلام ملفات فيديو عالية الجودة لكنهما لا يتمكنان من إرسالها فهما لا يستطيعان أن يستخدما إمكانيات الفيديو في تسجيل أي مناسبة أو حدث.
وقد كان سيرف وزميله روبرت كاهن طورا في السبعينات نظام التحكم في اتفاقيات الاتصالات بين "محترفي الإنترنت" بالإضافة إلى وضع معايير مفتوحة تتميز بالحيادية والمرونة بهدف تنظيم العمل بين مالكي التقنية، وهو ما تم تطويره فيما بعد بحيث يسمح للكمبيوتر الشخصي بالاتصال والإبداع والابتكار مثل شبكة الإنترنت العالمية المتطورة.
ويرى إيريك إي شميث الرئيس التنفيذي بشركة "جوجل" أن الانفتاح الثقافي يهدد بشكل متزايد مستخدمي الشبكة حيث يحفز الشركات على الاهتمام بتحقيق أرباح فقط دون تنمية الإبداع عند المستخدمين في ظل سيطرة الحكومات على الشبكة.
ويؤكد ستيف كروكير رائد الإنترنت، والذي روج اتفاقيات مستويات الخدمة المفتوحة التي وضعت من اللجنة الخاصة لنظام الإنترنت، أن قرارات المؤتمر يمكن أن تعيق شبكة الإنترنت حيث تمكن الترفيه والإعلانات على الشبكة من العمل آليا مما يؤهلها بأن تقود المستهلك وفقا لظروف العمل إلى المقامرين الكبار.
ومن الناحية التعليمية حذر لورانس ليسيج أستاذ القانون بجامعة ستانفورد من اتخاذ قرارات عشوائية بدون دراسة وافية وفهم كامل لكافة التأثيرات المختلفة على المستخدمين مع مراعاة الحماية الكاملة لحقوق الملكية الفكرية عن طريق وقف انتهاكات النسخ والطبع وسرقات القراصنة.
واكد العديد من المشاركين في المؤتمر أن الأجهزة الحكومية والأعمال التجارية عاجزة عن إدارة الخدمات على شبكة الإنترنت خاصة السرية والبريد الإلكتروني وحماية حقوق الملكية الفكرية.
ويشير كيث بيسجروف مدير في مكتب أستراليا الوطني لاقتصاد المعلومات إلى فشل كل الجهود لمنع اختراق الشبكة من القراصنة والحفاظ على السرية وأيضاً توثيق البريد الإلكتروني وكلها خدمات لو نجحنا في حمايتها يمكن أن تجعل من شبكة الإنترنت مؤتمن جيد للتجارة الدولية.
وأعترف ماريان جروبين بفشل التحكم مع الخدمات النقالة والتي ترسل الاعلانات إلى المستخدمين رغم أن البرلمانات التشريعية في الاتحاد الأوربي أقرت بضرورة حصول شركات الاعلان على رخصة قبل إرسال البريد الإلكتروني التسويقي إلى الأوروبيين إلا أنها عجزت في تطبيق القوانين في كافة أنحاء العالم.
ويرى ولفجانج كلينواتشتر أستاذ الاتصال الدولي بجامعة آروس في الدنمارك أن صناع السياسة لابد أن يدرسوا بعناية تطبيق القوانين في جميع المجتمعات حول العالم بما يضمن عدم انتشار الجريمة المنظمة على شبكة الإنترنت.
بينما يؤكد مايكل نيلسون مدير تنفيذي بشركة ماشين للأعمال الدولية والرئيس الشرفي للمؤتمر أن القرارات السياسة السيئة يمكن أن تعيق نمو الإنترنت خاصة وأن العالم يتجه حاليا نحو توسيع نطاق الإنترنت، ويخشى من أن نتخذ بعض القرارات الخاطئة لتصبح شبكة الإنترنت مثل أي نوع من الصناعات الأخرى.