الاتحاد الأوروبي يستقبل أردوغان بشروطه لتقديم الدعم

عضو البرلمان الأوروبي، وهو من المحافظين الألمان، يقول إن الشرط المسبق لأي مساعدات إضافية من الاتحاد الأوروبي لتركيا ينبغي أن يكون وقف كل الدعم للعبور غير القانوني للحدود ونقل الناس بعيدا عنها.

بروكسل - يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتهدئة خلافات ساهم في تأجيجها مع الأوروبيين بشأن الهجرة خلال زيارته اليوم الاثنين لبروكسل، بعد أن فشلت تصريحاته العدائية في ابتزاز دول الاتحاد الأوروبي لحصول تركيا على المزيد من الدعم من المجتمع الدولي.

ويصل أردوغان الاثنين إلى العاصمة البلجيكية لإجراء محادثات مع كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي تتمحور حول أزمة الهجرة فيما أعلنت ألمانيا أن الاتحاد ينظر في استقبال ما يصل إلى 1500 من الأطفال المهاجرين العالقين في الجزر اليونانية.

وخفف أردوغان في اليومين الأخيرين من لهجة التهديد التي انتهجها في الأسابيع الماضية ضد الاتحاد الأوروبي بشأن اللاجئين السوريين، معربا عن "أمله في حصول بلاده على المزيد من الدعم من المجتمع الدولي".

وأعلن الرئيس التركي أمس الأحد أن اللقاء سيدور حول عدة قضايا من بينها اتفاقية اللاجئين والموقف في سوريا.

لكن عدد من دول الاتحاد الأوروبي عبرت هذه المرة عن رفضها للابتزاز الذي يمارسه أردوغان من بينها ألمانيا التي ربطت حصول تركيا على مساعدات مالية إضافية محتملة لدعم اللاجئين بالتزامها بالاتفاقات.

وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن "رسالة أوروبا لتركيا واضحة: نحن ندعم التوزيع العادل للأعباء، لكن لن نقبل إساءة استغلال الأفراد، الذين يعانون بالفعل من وضع بائس، كرهن سياسي... لن تؤدي مناورة تفاوضية على حساب الحلقة الأضعف إلى النتيجة المنشودة".

ومن المنتظر أن يلتقي أردوغان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين مساء الاثنين.

وجاء في تغريدة للمتحدث باسم رئيس المجلس الأوروبي أن اللقاء سيتناول "القضايا المشتركة للاتحاد الأوروبي وتركيا بما فيها الهجرة والأمن والاستقرار في المنطقة والأزمة في سوريا".

وقال مانفريد فيبر عضو البرلمان الأوروبي، وهو من المحافظين الألمان،الاثنين "الشرط المسبق لأي مساعدات إضافية من الاتحاد الأوروبي ينبغي أن يكون وقف كل الدعم للعبور غير القانوني للحدود ونقل الناس بعيدا عن الحدود".

وتريد تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي، مزيدا من الدعم الأوروبي في سوريا، حيث تهدف أنقرة لبناء مجمعات سكنية على الحدود السورية لتوطين الاجئين الذين هربوا إلى أراضيها بعد فشلها في السابق الحشد لإقامة "منطقة آمنة" تتيح لها في الحقيقة مراقبة تحركات الأكراد على حدودها أكثر من حماية اللاجئين السوريين.

وقال دبلوماسي أوروبي "طلبت تركيا حوارا سياسيا مع الاتحاد الأوروبي لوضع كل الأمور على الطاولة. يمكننا أن نفعل ذلك لكن ليس تحت ضغط".

من جهته أعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس الاثنين أن بلاده والاتحاد الأوروبي لن يقبلان التعرض "للابتزاز" بواسطة تركيا بسبب أزمة اللاجئين.

وخلال قمة اقتصادية ألمانية يونانية في برلين، قال ميتسوتاكيس إنها "لحظة حرجة" بالنسبة لليونان وأوروبا، وطالبأ أردوغان بالاسهام في خفض التصعيد خلال زيارته إلى بروكسل اليوم الاثنين.

وقال إن تركيا تحاول تحويل عشرات الآلاف من المهاجرين إلى "دخلاء غير شرعيين"، مؤكدا ضرورة حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.

وكان أردوغان قد دعا في وقت سابق أثينا إلى "فتح الأبواب" أمام المهاجرين بعد أن استخدمت الشرطة اليونانية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه خلال مناوشات مع مهاجرين احتشدوا بالآلاف على الحدود.

وقال أردوغان السبت من إسطنبول "على اليونان التخلص من هذا العبء" (المهاجرين)، مضيفا "دعوهم يذهبون إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي".

hg
ألمانيا تعلن بالاتفاق مع الاتحاد الأوروبي عن تبني 1500 طفل يعيشون داخل المخيمات في اليونان

وفي 2016 توصلت تركيا والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق يقضي بأن تقدم بروكسل مساعدات بمليارات الدولارات مقابل قيام السلطات التركية بمنع تدفق المهاجرين.

كما ينص الاتفاق أيضا على استقبال الاتحاد الأوروبي آلاف اللاجئين السوريين بشكل مباشر من تركيا ومنح الأتراك حق دخول التكتل دون تأشيرات وتحقيق تقدم أسرع في محادثات انضمام تركيا للاتحاد.

لكن العلاقات بين الجانبين توترت بعد محاولة انقلاب في تركيا في يوليو/تموز 2016. وانتقدت بروكسل نطاق الحملة الأمنية التي نفذها أردوغان ضد المعارضة بعد الانقلاب الفاشل وجمد فعليا محاولة تركيا الانضمام لعضويته.

كما قررت أنقرة في 28 شباط/فبراير فتح حدودها، مستخدمة المهاجرين "كسلاح سياسي". وبالنتيجة، تجمّع 13 ألف شخص خلال 48 ساعة على معبر كاستانييس الحدودي بين تركيا واليونان.

وبموجب الاتفاق الذي تملصت منه مؤخرا أنقرة، يتعين على الاتحاد الأوروبي منحها ستة مليارات يورو (6.8 مليار دولار) لمساعدتها في تمويل بناء مساكن ومدارس ومراكز طبية للاجئين. ويقول أردوغان إن تركيا تلقت فقط نصف هذا المبلغ حتى الآن.

ويحاول عشرات الآلاف من طالبي اللجوء اختراق الحدود البرية من الجانب التركي منذ أسبوع، بعد أن أعلنت أنقرة إنها لن تمنع اللاجئين من مغادرة أراضيها إلى الاتحاد الأوروبي بل فتحت المجال أيضا أمام مهاجرين مقيمين فيها من غير السوريين للاتجاه نحو الحدود مع اليونان لاستغلال فرصة التسلل نحو أوروبا.

وقالت مصادر وتقارير هذا الأسبوع إن مهاجرين أفارقة ومن باكستان وأفغانستان تكدسوا على الحدود التركية بالآلاف للعبور نحو اليونان ثم نحو دول الاتحاد الأوربي في ظل تساهل من السلطات التركية.

وتركيا التي تستقبل قرابة أربعة ملايين لاجئ غالبيتهم سوريون، كثيرا ما تنتقد ما تعتبره تقاسما غير عادل للعبء.

وعلى عكس موقفه من تعامل تركيا مع المهاجرين عبر الاتحاد الأوروبي عن دعمه لليونان ووعدت برلين بتقديم المزيد لأثينا.

ورحب رئيس الوزراء اليوناني بخطط الحكومة الألمانية لدعم اليونان، فضلا عن استقبال ما بين ألف و1500 طفل يعيشون داخل مخيمات في جزر بحر إيجه اليونانية.

وفي ساعة مبكرة الاثنين، أعلنت برلين أن بروكسل تنظر في استقبال ما يصل إلى 1500 من الأطفال المهاجرين المقيمين حاليا في مخيمات في اليونان.

وقالت الحكومة الألمانيّة في بيان إنّ تحالفا من دول "متطوعة" في الاتحاد الأوروبي يدرس إمكانية التكفل بأمر ما يصل إلى 1500 من الأطفال المهاجرين العالقين في الجزر اليونانية كإجراء دعم "إنساني".

وأضافت أحزاب الائتلاف الحكومي بعد اجتماع استمر ساعات وبدأ مساء الأحد "نحن مستعدون لدعم اليونان في مواجهة الوضع الإنساني الصعب لحوالى ألف إلى 1500 طفل متواجدين في الجزر" اليونانية.

وأشارت الحكومة إلى أنّ ألمانيا مستعدّة لأخذ حصتها "المناسبة" مضيفة أن ألمانيا تريد دعم اليونان في الوضع "الصعب" الذي تواجهه.

وتابعت "إنهم أطفال بحاجة لعلاج طبي عاجل أو ليسوا برفقة أولياء أمر تقل أعمارهم عن 14 عاما وغالبيتهم من الفتيات".

المتاج
المتاجرة بآلام المهاجرين

والجمعة أمر أردوغان خفر السواحل التركي بمنع محاولات العبور المحفوفة بالمخاطر في بحر إيجه بعد وصول أكثر من 1700 مهاجر إلى جزيرة ليسبوس وأربع جزر أخرى في بحر إيجه قادمين من تركيا في الأسبوع الماضي.

غير أن قوات خفر السواحل قالت إن الإجراءات التركية التي تسمح للمهاجرين واللاجئين بمغادرة الأراضي برا لم تتأثر، والتعليمات طالت فقط محاولات العبور بحرا.

كما أرسلت أنقرة أواخر الأسبوع الماضي قوات خاصة تتكون من 1000 شرطي لمنع عودة المهاجرين الذين توجهوا إلى الحدود من العودة.

وسبق للرئيس التركي أن استخدم ملف اللاجئين كورقة للضغط على أوروبا حين أغرقها في 2015 بالمهاجرين وتحملت ألمانيا العبء الأكبر من تبعات ذلك. ولا ترفض بلدان الاتحاد الأوروبي أن تعيد تركيا نفس السيناريو حاليا.

كما يسعى أردوغان عن طريق الضغط بملف المهاجرين تسهيل حصول الأتراك على تأشيرات دخول الاتحاد الأوروبي والتقدم في مفاوضات التوقيع على اتفاق جمركي بين الطرفين، بعد أن تبين أن قادة التكتل الأوروبي لم يأخذوا مطالب تركيا بجدية.

وقال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي إنهم مستعدون لاتخاذ "كل الإجراءات اللازمة" لوقف العبور غير القانوني إلى اليونان.

وكان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ورئيس المجلس الأوروبي التقيا أردوغان في أنقرة الأربعاء، في وقت طالبت تركيا بمزيد من الدعم فيما يتعلق بالنزاع والمهاجرين.

وشعر أردوغان بمزيد من الضغط مع نزوح قرابة مليون شخص من محافظة إدلب بشمال غرب سوريا باتجاه الحدود التركية خلال العملية العسكرية الأخيرة لقوات الجيش التركي والفصائل التي تدعمها أنقرة ضد تقدم قوات النظام السوري المدعومة من روسيا وإيران.

لكن أردوغان سافر الخميس إلى موسكو للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين ووقعا اتفاقا لوقف لإطلاق النار في المنطقة، وذلك بعد أن مارس سياسة التهديد والتصعيد مع روسيا الداعمة لنظام بشار الأسد تمام مثلما فعل بملف اللاجئين مع بروكسل.

ويسعى أردوغان لاستغلال عجز الأوروبيين عن التوصل إلى اتفاق بشأن سياسة موحدة للهجرة كما في السابق، لكن الاتحاد الأوروبي يبدو اليوم في وضع أحسن بكثير مما كان عليه في عام 2015 عندما تدفق مليون شخص عبر البحر وتجمعوا على الحدود.