الاتحاد الأوروبي يفتح فصلا جديدا مع سوريا بحزمة دعم للتعافي
دمشق – أعلنت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون البحر الأبيض المتوسط دوبرافكا شويتزا تخصيص مساعدات بقيمة 175 مليون يورو لسوريا في "رسالة واضحة" لدعم تعافيها بعد أكثر من 14 عاما من نزاع دام، مؤكدة أن الاتحاد "يريد لعملية إعادة البناء أن تكون بقيادة وملكية سورية خالصة".
وأوضحت شويتزا في مقابلة مع وكالة فرانس برس الخميس أنها عرضت حزمة المساعدات هذه الأربعاء على المسؤولين السوريين خلال اجتماعاتها معهم، مشيرة الى أنها ستركّز على قطاعات تشمل الطاقة والتعليم والصحة والزراعة، للمساعدة في إعادة بناء الاقتصاد السوري ودعم مؤسساته وتعزيز حقوق الإنسان.
والتقى الرئيس السوري أحمد الشرع مساء الأربعاء، شويتزا في العاصمة دمشق. وأفادت مصادر مطلعة بأن اللقاء جاء لبحث ملفات التعاون المشترك والعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وسوريا خلال المرحلة المقبلة، وتبع اللقاء مؤتمر صحافي للمفوضة الأوروبية ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.
وقالت شويتزا "جئتُ إلى هنا… حاملة رسالة واضحة مفادها أننا هنا لمساعدة سوريا على التعافي".
وأضافت من مقرّ الاتحاد الأوروبي في دمشق "نريد أن تكون عملية إعادة الإعمار والتعافي ملكا لسوريا وبقيادة سورية"، في أول زيارة لمفوضٍ أوروبي منذ إعلان السلطات السورية حكومة انتقالية جديدة في أواخر مارس/آذار. وتابعت "نريد أن نرى سوريا في المستقبل دولة… طبيعية وديموقراطية".
وتواجه السلطات الجديدة بعد نحو ستة أشهر من الإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، تحديات كبرى تتمثل في إرساء حكم فعال والنهوض بالاقتصاد، مع الحفاظ على البلاد موحدة.
وسعت الإدارة الانتقالية إلى استقطاب المجتمع الدولي ونجحت مساعيها في رفع العقوبات الأميركية ثم الأوروبية عن سوريا.
وكتبت شويتزا على منصة إكس، "هذه لحظة مفصلية، فصل جديد من العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وسوريا"، واصفة اجتماعها مع الرئيس الانتقالي احمد الشرع بأنه "بناء".
وأكدت من جانب آخر أن عودة اللاجئين يجب أن تكون "آمنة وطوعية وكريمة"، وأضافت أن الاتحاد الأوروبي لم يصنّف سوريا بعد كدولة آمنة للعودة، "لأننا لا نريد حث الناس على المجيء إلى هنا، ثم لا يجدون مأوى لهم".
وفرض الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي عقوبات على ثلاثة كيانات وشخصين مسؤولين عن أعمال العنف الدامية التي هزت سوريا في مارس/آذار الماضي، وطالت مدنيين ينتمون خصوصا الى الأقلية العلوية.
وأكدت شويتزا "لا يمكنك القول إن بعض أجزاء في سوريا آمنة وأجزاء أخرى غير آمنة"، مشيرة إلى أن تصنيف سوريا كدولة آمنة يتطلب "إجماعا بين 27 دولة أوروبية عضوا" في الاتحاد الأوروبي.
وذكرت أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سيحضر اجتماعا وزاريا يضم حوالى 12 دولة متوسطية في 23 يونيو/حزيران في بروكسل.
وأفاد بيان للاتحاد الأوروبي الأربعاء بأن المفوضية "تسعى بنشاط لدمج سوريا في العديد من المبادرات الرئيسية مع الدول المتوسطية الشريكة". وقالت شويتزا "نريد أن نرى سوريا موحدة… هذه عملية. ستتم خطوة بخطوة".
وعقدت مفوضة الاتحاد الأوروبي مؤتمراً صحافياً مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الذي أكد أن مشاركة الحكومة السورية لأول مرة، في مؤتمر نظمه الاتحاد الأوروبي بشأن سوريا، تمثل تحولاً في العلاقة بين الطرفين، مشيراً إلى أن الاتحاد كان من أوائل الشركاء الذين اتخذوا موقفاً شجاعاً تجاه ملف العقوبات.
وقال الشيباني "دعونا شركاءنا الدوليين، وفي مقدمتهم الأوروبيون، إلى دعم أمن سوريا واستقرارها، فنحن لا نسعى إلى الحرب بل إلى إعادة الإعمار، وقد عبّرت سوريا مراراً عن نواياها السلمية".
وشدّد على أن سوريا منفتحة على الحوار والاستثمار، ومستعدة للانخراط مع المؤسسات الأوروبية والدول الأعضاء، لافتاً إلى أن الشعب السوري "عانى بما فيه الكفاية، وحان الوقت ليبني مستقبله بيده".
وأضاف "سوريا تتميز بتنوع ثقافي وديني وتاريخي يربطها بالعالم، ولا يمكن اختزال علاقتها مع أوروبا في ملف اللاجئين فقط"، مؤكداً أن سوريا "لكل السوريين، وهي وطنهم، والباب مفتوح لعودتهم، لكن على الحكومة تأمين البيئة المناسبة لذلك".