الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل يعزز التعاون في أكثر من قطاع
دبي - تستعد الإمارات وإسرائيل لفتح أبواب التعاون في عدة مجالات بعد إعلان اتفاق سلام وصفته أبوظبي وتل أبيب بأنه "تاريخي".
والإمارات الغنية بالنفط وصاحبة الاقتصاد الأكثر تنوعا بين جيرانها، هي أول دولة خليجية وثالث دولة عربية ترتبط باتفاق سلام مع إسرائيل من المتوقع أن يشكل أساسا للتقارب الاقتصادي بين الطرفين في عدة قطاعات تشمل الأبحاث والطاقة والتكنولوجيا والشركات الناشئة والسياحة وتقنيات الزراعة والأمن والمراقبة والأمن الغذائي والمائي.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن في يونيو/حزيران الماضي عن "تعاون" مع الإمارات في مجال مكافحة وباء كوفيد -19.
ويشكّل قطاع الأبحاث عموما عنصرا مهما في الإستراتيجية الحكومية الإماراتية ويشمل الأدوية والأمراض والأسمدة وغيرها كما هو الحال في إسرائيل.
ورأى كريستيان أولريشسن الباحث في معهد بيكر التابع لجامعة رايس في الولايات المتحدة أنّ "الأولوية العاجلة ستكون التعاون في البحث والتطوير لمكافحة كوفيد 19 وقد تكون هذه طريقة شعبية لتطبيع الناس في البلدين حيث لفكرة أن التنسيق في مثل هذه القضية الملحة سيعود بالفائدة على الطرفين".
وبعد الإعلان عن اتفاق التطبيع وقّعت شركتان إماراتية وإسرائيلية في أبوظبي عقدا آخر لتطوير أبحاث ودراسات خاصة بفيروس كورونا المستجد للمرة الأولى علنا في العاصمة الإماراتية بحضور وسائل إعلام إسرائيلية.
وترى إلين آر والد الباحثة في مركز الطاقة العالمي التابع لمعهد المجلس الأطلسي أن احتياطيات النفط الهائلة للدولة الخليجية تمثل نقطة جذب كبيرة لإسرائيل.
وقالت "ستستفيد إسرائيل كثيرا إذا تمكنت من شراء النفط الإماراتي وستستفيد الإمارات إذ سيصبح بإمكانها البيع لزبون متعطش" للطاقة.
ويعدّ تعزيز قطاع السياحة محورا رئيسيا للشق الاقتصادي في اتفاق تطبيع العلاقات.
ونظرا لأن العديد من الوجهات السياحية في المنطقة محظورة حاليا على الإسرائيليين، فإن الملايين الذين يسافرون إلى الخارج كل عام يتجهون عادة إلى أوروبا أو الولايات المتحدة.
وسيصبح بإمكان هؤلاء السياح القيام برحلة قصيرة إلى المنتجعات على طول ساحل الإمارات العربية المتحدة.
وتريد إسرائيل أيضا جذب الأعمال لقطاع السياحة الخاص بها لا سيما في تل أبيب الواقعة على البحر الأبيض المتوسط.
كما يشكل قطاع التكنولوجيا المتقدمة في إسرائيل أكثر من أربعين بالمئة من صادراتها، بحسب وزارة الاقتصاد، لذلك تطلق على نفسها اسم "أمة الشركات الناشئة".
وفي الإمارات، تعتبر دبي خصوصا أحد أبرز المدن العربية والعالمية استقطابا لهذه الشركات بفضل البيئة الحاضنة والدعم الحكومي لها.
وتشير تقارير إلى أن أكثر من 35 بالمئة من الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتمركز في الإمارات وحدها.
في موازاة ذلك، تسعى الإمارات لأن تكون قوة في مجال التكنولوجيا عبر دعمها للعديد من المشاريع والاستثمار في هذا القطاع الرئيسي بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي.
وصدّرت إسرائيل في عام 2016 ما قيمته 9.1 مليار دولار من منتجات التكنولوجيا الزراعية، بحسب أرقام صادرة عن وزارة الزراعة الإسرائيلية.
وفي الإمارات هناك توجه للتركيز على أسلوب الزراعة الذكية لتجاوز التحديات التي تواجه الزراعة في البلاد ومنها الحرارة الشديدة وقلة الأراضي الزراعية بالإضافة إلى شح المياه.
وبدأت في السنوات الأخيرة تنتشر في دبي مزارع الفواكه والخضار وغيرها على ناطق واسع.
والجمعة تعهدت إسرائيل والإمارات "بالتعاون في المشاريع التي تتناول الأمن الغذائي والمائي" إضافة إلى "البحث و التطوير وتربية الأحياء المائية والتقنيات الزراعية وغيرها".
كما تملك إسرائيل شركات رائدة عالميا في مجال تنقية المياه من بينها "أي دي أيي" الرائدة في هذا المجال والتي أقامت 400 محطة في أربعين دولة، فيما تعتمد الإمارات التي تعاني من شح في المياه ومناخ صحراوي على تحلية مياه البحر لتوفير مياه صالحة للشرب.
ويشير تقرير صادر في العام 2016 عن منظمة "برايفيسي انترناشونال" البريطانية غير الحكومية، إلى أن هناك 27 شركة إسرائيلية متخصصة في هذا المجال.
وهذا الرقم يضع إسرائيل البالغ عدد سكانها ثمانية ملايين نسمة في طليعة التصنيف العالمي للشركات في هذا المجال مع 3.3 شركة لكل مليون شخص، مقابل 0.4 في الولايات المتحدة و 1.6 في بريطانيا. ومن بين مستخدمي هذه البرمجيات حكومات في أميركا اللاتينية وآسيا الوسطى وإفريقيا.
وفي الإمارات تقدم شركات عديدة خدمات في مجال الأمن والمراقبة وتحليل المعلومات، بينما تنتشر في البلاد التي لم تتعرّض قط لأي عمل "إرهابي" ملايين الكاميرات التي تراقب الشوارع والمراكز التجارية ضمن نظام يُعرف باسم "عين الصقر". ومن النادر مشاهدة رجال الشركة الإماراتيون في الأماكن العامة.