الاحتجاجات في نظر أردوغان وخامنئي حرام في الداخل حلال في الخارج

تركيا وإيران تستغلان الاحتجاجات الحالية في الولايات المتحدة للترويج إلى وجه "ديمقراطي" لأنظمة دكتاتورية في الخارج، بهدف التغطية على ما تفعله من قمع وتجاوزات بحق شعوبها في الداخل.

طهران - أثارت ردود فعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمرشد الإيراني علي خامنئي حول الاحتجاجات التي تشهدتها الولايات المتحدة بسبب مقتل رجل أسود على يد شرطي الأسبوع الماضي، موجة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي حيث واجه نشطاء النظامين التركي والإيراني بحقيقتهما خلال قمعهما المظاهرات السلمية التي تقوم من وقت لآخر في تلك البلدان في تناقض تام مع التأييد الذي ظهر فجأة للاضطرابات العنيفة.

ووجهت إيران توبيخا شديد اللهجة للولايات المتحدة السبت بسبب مقتل رجل أسود في مدينة منيابوليس الأميركية بعدما ضغط شرطي أبيض بركبته على عنقه، الأمر الذي أثار احتجاجات عنيفة رفضا للظلم على أساس العرق.

وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر "لا يعتقد البعض أن حياة السود مهمة" مستخدما وسم "بلاك لايفز ماتر" أو "حياة السود مهمة".

وأضاف "ولمن يعتقد أنها مهمة.. لقد تأخر كثيرا أن يشن العالم بأسره حربا على العنصرية. حان الوقت لعالم ضد العنصرية".

وأضاف "الحكومة الأميركية تبدد موارد مواطنيها سواء بمغامراتها في آسيا أو أفريقيا أو أميركا اللاتينية" مستخدما الصياغة نفسها التي استخدمها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في رسالة بعث بها إلى المحتجين في شوارع إيران عام 2018.

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قد نددت بمقتل الرجل الأسود الأعزل في منيابوليس في واقعة أثارت احتجاجات في مدن أميركية تحول بعضها إلى العنف.

وأدان بيان للوزارة ما وصفه "بالقتل المفجع للسود والتمييز العنصري القاتل في الولايات المتحدة".

وقالت الوزارة "أصوات المحتجين يجب أن تُسمع... وقمع الأميركيين المعذبين يجب أن يتوقف فورا".

واستبق المرشد الإيراني علي خامنئي ظريف في استغلال موجة الاحتجاجات العنيفة لتوجيه الانتقادات لواشنطن، حيث كتب على صفحته على تويتر "إذا كنت صاحب بشرة سمراء وتمشي في الولايات المتحدة، فلا يمكنك التأكد من أنك ستبقى على قيد الحياة في الدقائق القليلة القادمة".

وتواجه طهران الاحتجاجات الشعبية التي تظهر من وقت لآخر في المدن الإيرانية بعنف غير مسبوق كان آخرها مواجهات دموية خاضتها قوات الشرطة والحرس الثوري ضد المتظاهرين السلميين في نوفمبر الماضي قتلت خلالها أكثر من 1500 متظاهر.

وتتحرك قوات خاصة من قوات مكافحة الشغب الإيرانية وعناصر من الحرس الثوري بأوامر مباشرة من خامنئي لاخماد المظاهرات في إيران كلما خرجت أصوات محتجة على أوضاع البلاد الاقتصادية والاجتماعية أو السياسية.

وقال وزير الداخلية الإيراني إن عدد قتلى احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في إيران، التي اندلعت بسبب رفع أسعار الوقود، أقل من 225 شخصا.

وقال وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فضلي للتلفزيون الرسمي في وقت متأخر السبت إن ما يتراوح بين 40 و45 من قتلى الاضطرابات، ويشكلون 20 بالمئة من العدد الإجمالي، لم يسقطوا بنيران قوات الأمن.

وأضاف الوزير أن السلطات ستعلن على الأرجح العدد الرسمي في الأيام المقبلة. وكانت الولايات المتحدة أدرجت الوزير في القائمة السوداء هذا الشهر بتهمة التورط في انتهاكات لحقوق الإنسان.

من جانبه أيد الررئيس التركي رجب طيب أردوغان الاحتجاجات الأميركية في وقت يمارس فيه نظامه تطهيرا عرقيا ضد الأكراد في شمال سوريا فيما أصبحت الحملة التي قادها ضد معارضيه ومئات الصحافيين والنشطاء على إثر محاولة الانقلاب الفاشل سنة 2016، أبرز انجازات حكمه الذي يكرس للدكتاتورية مرعبة في تركيا.

ووصف أردوغان الولايات المتحدة بأنها "عنصرية وفاشية"، وقال ضمن سلسلة تغريدات نشرها حسابه في نسخته الانكليزية على تويتر إن سلوك مدينة مينيابوليس كان نتيجة "مظهر مؤلم للنظام الظالم الذي نقف ضده في جميع أنحاء العالم".

وقال أردوغان إن "تركيا تقف ضد جميع الهجمات التي تستهدف الإنسانية"، مضيفاً أن بلاده تأمل في أن يتلقى مرتكبو هذا العمل اللإنساني العقوبة التي يستحقونها.

وكانت آخر ظحايا نظام أردوغان مغنية في الفرقة الموسيقية التركية ذات التوجهات الراديكالية 'يوروم' توفيت مطلع الشهر الجاري عقب نحو 300 يوم من دخولها في إضراب عن الطعام احتجاجا على القمع الذي استهدف فرقتها بالسجن وعلى الملاحقات ومضايقات أجهزة الرئيس التركي الأمنية ومداهمة المراكز الثقافية.

وتختزل مأساة هيلين بولاك البالغة من العمر 28 عاما حجم القمع الذي تمارسه أجهزة أردوغان بحق معارضيه ومناخ الترهيب الذي يسود تركيا بعد التعديلات الدستورية التي منحت الرئيس صلاحيات تنفيذية واسعة.   

واعتبرت صحف ومواقع عديدة اقحام تركيا وإيران أنفسهم في الاحتجاجات الحالية في الولايات المتحدة هو جزء من عملية استغلال هذه الأنظمة التي تسعى إلى تبني وجه "ديمقراطي" في الخارج، للتغطية على ما تفعله من قمع وتجاوزات بحق شعوبها في الداخل.