الاحتقان الشعبي والعقوبات يسرّعان اعدام فاسدين في إيران

بعد شهر واحد من إنشاء محاكم خاصة لمحاربة الجرائم المالية، القضاء الإيراني يحكم على ثلاثة مسؤولين بالإعدام في عقوبة مشدّدة تستهدف احتواء حالة الاحتقان الشعبي من جهة وكبح الفساد المالي من جهة ثانية في ظل أزمة اقتصادية خانقة بفعل العقوبات الأميركية.

إيران تؤسس محاكم خاصة لمحاكمة الفاسدين
سرعة أحكام الإعدام تسلط الضوء على وطأة الضغوط الاقتصادية الأميركية
خامنئي دعا لتعزيز اقتصاد المقاومة بإجراءات قانونية سريعة لمحاسبة الفاسدين
الأحكام الإيرانية تأتي في ظل موجة احتجاجات شعبية على الفساد والمحسوبية
الإيرانيون كسروا جدار الخوف بوصف خامنئي والنظام السياسي الديني بـ"الفاسد"

طهران - سرّعت الدفعة الأولى من العقوبات الأميركية على إيران وتيرة محاسبة ومحاكمة المسؤولين المتهمين بالفساد في محاولة لاحتواء الاحتقان الشعبي من جهة وفي مسعى لكبح انتشار الظاهرة التي تغلغلت في مؤسسات الجمهورية الإسلامية بفعل المحسوبية وتفاقم ظاهرة الرشوة ونهب المال العام.

وقال التلفزيون الإيراني الحكومي اليوم الأحد إن محاكم خاصة تأسست في إطار مسعى لمحاربة الجرائم المالية قضت بإعدام ثلاثة أشخاص في ظل عودة العقوبات الأميركية إيران وحالة استياء عام من الانتهازية والفساد.

وتأسست المحاكم الثورية الإسلامية الخاصة الشهر الماضي لمقاضاة المشتبه بهم بسرعة بعد ما دعا الزعيم الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي إلى إجراءات قانونية "سريعة وعادلة" لمواجهة "حرب اقتصادية" يشنها أعداء من الخارج.

محاكمة المسؤولين الفاسدين مسكّنات إيرانية لتهدئة الغضب الشعبي

ونقل التلفزيون الرسمي عن غلام حسين محسني ايجائي المتحدث باسم السلطة القضائية قوله إن المحاكم قضت بإعدام ثلاثة متهمين لإدانتهم بـ"نشر الفساد في الأرض" وهي جريمة عقوبتها الإعدام بموجب أحكام الشريعة الإسلامية المعمول بها في طهران.

ولم يذكر محسني ايجائي أسماء المتهمين الثلاثة ونقل التلفزيون الرسمي عنه قوله إنه يتعين مصادقة المحكمة العليا على الأحكام حتى تنفذ.

واتهم المسؤولون الإيرانيون الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية ومعارضين يعيشون في المنفى بإثارة القلاقل وشن حرب اقتصادية لزعزعة الاستقرار في إيران.

ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن محسني ايجائي قوله إن أحكاما بالسجن لما يصل إلى 20 عاما صدرت بحق 32 متهما آخرين.

وفي مايو/أيار، قررت الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران وقوى عالمية عام 2015 وجرى بمقتضاه تخفيف العقوبات على طهران مقابل كبح برنامجها النووي.

وأعادت واشنطن فرض عدد من العقوبات على إيران وتعتزم فرض عقوبات أشدّ في نوفمبر/تشرين الثاني تستهدف خفض إيرادات طهران النفطية إلى الصفر، ما يعني وضع الاقتصاد الإيراني على سكة الانهيار التام حيث تشكل إيرادات النفط أهم مورد مالي للجمهورية الإسلامية.

المحاكم الخاصة.. الشجرة التي تخفي غابة الفساد المالي والسياسي في إيران

وتقول إيران إنها تنتج حاليا نحو 3.5 ملايين برميل يوميا وقد تراجعت صادراتها النفطية للسوق الآسيوية بشكل حاد في الأشهر القليلة الماضية بعد أن قرّرت كبرى شركات التكرير الهندية خفض وارداتها من النفط الإيراني خشية أن تطالها العقوبات الأميركية. كما قلّصت اليابان بشكل لافت وارداتها النفطية من إيران وكذلك فعلت الصين أكبر مشتر للنفط.

وفقد الريال الإيراني حوالي 70 بالمئة من قيمته منذ أبريل/نيسان تحت وطأة العقوبات الأميركية وفي ظل الطلب الشديد على الدولار في أوساط الإيرانيين لحماية مدخراتهم.

وارتفع مستوى المعيشة أيضا مما أدى لخروج مظاهرات متفرقة ضد الانتهازية والفساد فيما ردد بعض المحتجين شعارات مناهضة للحكومة وللمرشد الأعلى علي خامنئي.

ولم يسبق أن رفعت شعارات مناهضة لخامنئي الذي يمثل أعلى مرجعية سياسية ودينية في إيران ويعتبر انتقاده من المحرمات، إلا أن وقع الأزمة على الإيرانيين دفع بهم للشارع في احتجاجات نادرة سلّطت الضوء على حجم الاحتقان الاجتماعي وحالة الإحباط والسخط الشعبي على ما اعتبره المحتجون فساد النظام بمرجعياته السياسية والدينية.