الاسكندرية تعبق برائحة اليونان

محلات الاسكندرية وشوارعها ومقاهيها تروي قصصا عن التعايش بين اليونانيين والمصريين في ستينات القرن الماضي.

رائحة اليونان تنبعث من الاسكندرية
اليونانيون في الإسكندرية كانوا مندمجين مع الشعب المصري
اليونانيون اشتغلوا كل المهن في الاسكندرية
السفارة اليونانية حولت منزل الشاعر كفافيس إلى متحف

الاسكندرية (مصر) - على مدى سنوات طوال كانت مدينة الإسكندرية المصرية مقرا لإقامة جالية يونانية كبيرة نسبيا واليوم لم يعد موجودا من نسل هذه الجالية بالمدينة سوى عدد قليل جدا.

ولم يبق أيضا سوى القليل من المعالم الخاصة بتلك الجالية التي يحاول نسلها الحفاظ على تراث أسلافهم.

وحولت السفارة اليونانية منزل الشاعر كونستانتينوس بترو كفافيس إلى متحف. ويرى كثيرون أن كفافيس هو من وضع مدينة الإسكندرية على الخريطة.

وكفافيس الذي تحدث في قصائده عن حبه لمدينة الإسكندرية، يوناني الأصل لكنه وُلد وعاش في مصر معظم حياته. ويحوي المتحف نسخا نادرة من أعماله إضافة إلى أثاث بيته الأصلي بالكامل.

وقال مرشد سياحي يوناني يدعى سبيروس إكسنوس "فيه ريحة اليونان والدليل طبعا فيه محلات عدد كبير من المحلات ما زالوا بالأسامي اليونانية، عدد كبير من الناس الكبيرة في السن حاليا عشان ما أقولش (لا أقول) بيتكلموا، هأقول لك بيفهموا اللغة اليونانية بطلاقة. وغير طبعا المدارس وغير النوادي اليونانية اللي ما زالت في الاسكندرية".

وهناك كثيرون مثل كفافيس، فقد ولد كثير من اليونانيين في الإسكندرية واختار بعضهم أن يعيش ويعمل في مصر بدلا من أن يعود لليونان.

ويتحدث هؤلاء اللغتين العربية واليونانية بطلاقة ويديرون مشاريع تجارية بدأت منذ نحو 100 عام.

اليونانيون في الاسكندرية
مطعم اوبا اليونانى واحد من المعالم اليونانية النادرة في الاسكندرية

وأعادت زيارة رسمية، نظمتها الحكومة المصرية في الآونة الأخيرة، عشرات المواطنين اليونانيين الذين كانوا يعيشون في الإسكندرية للمدينة التي لم يروها منذ أكثر من 40 سنة.

وهدف الزيارة كان إعادة تقديم الإسكندرية مجددا باعتبارها المركز الثقافي للبحر الأبيض المتوسط.

ويقول إدموند نيكولا كاسيماتيس رئيس الجالية اليونانية في الاسكندرية والذي يدير محلا تجاريا بناه والده عام 1908، إن اليونانيين في الإسكندرية كانوا مندمجين مع الشعب ويعملون في كل المهن.

وأضاف "نعم كان فيه يونانيين أصحاب مصانع، أصحاب محلات، أصحاب شركات كبيرة. بس كان فيه كمان يونانيين سواقين تاكسي، كان فيه يونانيين أصحاب قهاوي بلدي، كان فيه يونانيين جرسونات. أغلبية الجرسونات اللي كانوا موجودين في الاسكندرية يونانيين وكانوا يختلطون مع الشعب، عايشين معهم، قريبين من الشعب".

وكانت الإسكندرية آنذاك مدينة عالمية يهاجر لها أناس من كل أنحاء منطقة البحر المتوسط بحثا عن فرص عمل وحياة أفضل.

وكانت الكسندرا هاموس، جدة ليليان عيسى، واحدة من أولئك المهاجرين الذين استقر بهم المقام في الإسكندرية حيث افتتحت مقهى صغيرا باسمها لا يزال قائما حتى اليوم.

وتقول ليليان إن الكثير من اليونانيين الذي يعملون في الحلوى والمعجنات اندمجوا على مر السنين مع الفلكلور والتقاليد المصرية وأصبحوا يتفننون في صنع حلويات تخصص لمناسبات مثل عيد القيامة وعيد الفطر.

وأضافت ليليان عيسى التي تملك محل حلواني "أنا ما بأحسش بغربة علشان أنا هنا حاسة دي بلدي. أنا اسكندرانية ويعني كوني اسكندرانية ده في حد ذاته هوية. مش بندور على نبقى داخلين في قوالب أو إكليشيهات إن المصري لازم يبقى كده أو اليوناني لازم كده، الشامي لازم كده، لا، أنا شخصيا باعتبر إن دي هويتي وأنا مش بس مصرية أنا اسكندرانية ودي ليها طابع. الناس اللي عاشت الكوزموبوليتية في جيل مثلا والدي ووالدتي أو أقدم ممكن يفهموها، إن دي هوية اسكندراني".

ولا تزال رائحة اليونان تعبق مدينة الإسكندرية على الرغم من قول كاسيماتيس إن ألوف اليونانيين اضطروا لمغادرة مصر في حقبتي ستينات وسبعينات القرن الماضي بعد ثورة 1952 التي أطاحت بالحكم الملكي في مصر.