الاقتصاد التركي في موقف أضعف من أن يواجه أزمة كورونا

الليرة التركية تسجل تراجعا آخر بعد فرض العزل العام نهاية الأسبوع يأتي في أعقاب انهيارات متوالية استمرت لأشهر للعملة التركية تعكس عمق الأزمة الاقتصادية، فيما تكابد أنقرة لتجازوها.
المعارضة تتهم اردوغان برهن الاقتصاد التركي لقطر
اتهامات لاردوغان بإغراق الاقتصاد التركي في مستنقع الديون

أنقرة - بمجرد إعلان الحكومة فرض حظر عام وتشديد إجراءات الإغلاق نهاية الأسبوع سجلت الليرة التركي الثلاثاء تراجعا آخرا في أعقاب انهيارات متوالية استمرت لأشهر منذ انتشار فيروس كورونا، ما يعكس مدى ضعف الاقتصاد التركي في مواجهة الأزمات.

وهبطت الليرة التركية الثلاثاء واحدا بالمئة مقابل الدولار الأميركي بعد أن فرضت الحكومة إجراءات عزل عام جديدة لنهاية الأسبوع وتدابير أخرى لمكافحة قفزة قياسية في الإصابات والوفيات بفيروس كورونا.

وتراجعت الليرة التركية إلى 7.91 واستقرت العملة الاثنين بعد ثلاث جلسات من المكاسب، عقب أن بلغت أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 8.58 في الشهر الماضي.

ودفع توالي انهيار الليرة إلى قاع عميق صهر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بيرات ألبيرق مؤخرا إلى الاستقالة من منصب وزارة المالية.

وتواجه تركيا في السنوات القليلة الماضية أزمة اقتصادية ومالية حادة نتيجة سياسات سقيمة وضعت الاقتصاد التركي في موقف ضعيف في مواجهة الأزمات من بينها تداعيات انتشار فيروس كورونا.

وتشكلت الأزمة الاقتصادية في تركيا نتيجة تدخلات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في السياسة النقدية وإقحام نفسه في مسائل اقتصادية ليست من مشمولاته، وشنه حملة تصفيات سياسية ضد الكوادر والكفاءات بالبنك المركزي ممن عارضوا تدخله في السياسة النقدية، ما أربك القطاع النقدي مسببا له مشاكل متناثرة.

ويتهم منتقدون الرئيس التركي بإهلاك السياسة الخارجية، فيما يرى بعضهم أن استقلال الاقتصاد التركي مهدد بسبب التحالف مع قطر، مشددين على ضرورة تغيير دستور البلاد للتخلص من سطوة أردوغان وسياساته المنهكة للبلاد.

وفي هذا السياق انفجرت مؤخرا حملة انتقادات من قبل المعارضين لأردوغان بعد أن استقبل في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في إطار الاجتماع السادس للجنة الإستراتيجية العليا التركية- القطرية.

واتهم معارضون اردوغان برهن الاقتصاد التركي لقطر وإغراق البلاد في مستنقع من الديون، بعد أن وقع اتفاقا مع الدوحة يقضي ببيع 10 بالمئة من أسهم بورصة إسطنبول لجهاز قطر للاستثمار.

ويسعى اردوغان من خلال إبرام اتفاقات متنوعة مع الدوحة لانتشال بلاده من الأزمة الاقتصادية، فيما اتهم برلماني عن الشعب الحزب الجمهوري المعارض الرئيس التركي ببيع الجيش إلى قطر.

وكان النائب علي ماهر بشارير قد أثار ضجة بسبب تصريحاته التي انتقد فيها بيع مصنع 'تانك بالت' لإنتاج قطع غيار الدبابات إلى قطر، قائلا "إنها المرة الأولى في تاريخ الجمهورية التي يتم خلالها بيع الجيش لصالح قطر".

ويعزو كثير من الخبراء الأزمة الاقتصادية المتناثرة بين انهيار الليرة وارتفاع معدلات التضخم وتزايد نسب الفقر والبطالة، إلى سوء إدارة اردوغان لسياسة البلاد، سواء على المستوى الاقتصادي أو على مستوى سياساته الخارجية التي استجلبت لتركيا عداءات مجانية بسبب التدخل العسكري في أكثر من جبهة، ما تسبب في قلق المستثمرين ونفور بعضهم الآخر عن الاستثمار في تركيا وهو ما يعكس حتما تراجعا اقتصاديا حادا.

وتعاني الليرة التركية منذ أشهر انهيارا مستمرا في خضم أزمات متناثرة جلبها أردوغان بسبب سياساته الفاشلة في إدارة البلاد، فضلا عن تمويله تدخلات عسكرية في أكثر من جبهة صراع بدل التفاته إلى أزماته الداخلية، ما استنزف الميزانية التركية، وهو ما قد يشكل بداية مرحلة من العزلة التركية، في ظل اكتساب أنقرة نقرة أنعداءات مجانية تجاه دول الخليج وأوروبا والدول الغربية.

ويفترض في الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تعيشه تركيا، أن يلتفت أردوغان لأزماته الداخلية، لكنه اختار التصعيد على أكثر من جبهة فخسر الشركاء التقليديين من الخليج إلى أوروبا واستنزف موازنة البلاد في حروب مدفوعة بأطماع استعمارية وبحثا عن مجد خلا للإمبراطورية العثمانية ولتحقيق طموحات شخصية وتنفيذ أجندة التمكين لجماعات الاسلام السياسي.