البحرين تحتفل بعيدها الوطني في اوج عملية اصلاح سياسي

دبي - تحيي البحرين الاحد عيدها الوطني الثلاثين بينما تشهد عملية اصلاح سياسي عميقة ولا سابق لها في منطقة الخليج، يقودها اميرها الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة.
وتستعد البحرين في الوقت نفسه لعمليات استثمار واسعة في منطقة حوار التي حسمت محكمة العدل الدولية الخلاف الذي استمر حولها اكثر من ستين عاما بين قطر والبحرين، بقرار اصدرته في آذار/مارس ورأت فيه ان هذه الجزر تعود الى البحرين.

وكان الشيخ حمد قد بدأ منذ توليه السلطة خلفا لوالده الذي توفي في آذار/مارس 1999، عملية اصلاح واسعة النطاق بدأت بقرارات عفو عن معارضين والافراج عن معتقلين سياسيين.

وكرس امير البحرين هذه الخطوات على طريق الانفتاح السياسي باقتراح ميثاق للعمل الوطني ايده البحرينيون في استفتاء في شباط/فبراير الماضي بـ98.4% من الاصوات.

وينص مشروع الميثاق الوطني الذي يحظى بتأييد المعارضة لا سيما الشيعية على تحويل دولة البحرين الى ملكية دستورية وعودة الحياة البرلمانية المتوقفة منذ حل البرلمان في 1975 بعد سنتين من تشكيله.

ويقضي المشروع ايضا بتوزيع الصلاحيات التشريعية بين برلمان منتخب ومجلس للشورى معين ومبدأ فصل السلطات وحق الشعب في المشاركة في الشؤون العامة.

ومنذ اقرار هذا الميثاق، اتخذت السلطات البحرينية اجراءات لتطبيقه من نتائجها خصوصا ظهور جمعيات سياسية والسماح بصحف مستقلة يصدر احداها على الاقل معارض سابق قرر العودة للاستقرار نهائيا في البحرين بعد عشرين عاما في المنفى.

وقد صرح المعارض البحريني السابق منصور الجمري الجمعة انه سيعود نهائيا الى المنامة الاحد بعد اكثر من عشرين عاما قضاها في بريطانيا، بهدف "المشاركة في مشاريع الاصلاح التي باشرها امير البلاد عن طريق اصدار صحيفة «الوسط»".

وسيتزامن صدور هذه الصحيفة اليومية العام المقبل مع اقرار قانون جديد للصحافة وعد به الامير من اجل "اعطاء دفع لحرية التعبير" في هذه الدولة الخليجية الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 650 ألف نسمة يشكل البحرينيون 62.4% منهم.

وجاءت الاجراءات التي اتخذها الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة بعد خمس سنوات من اضطرابات هزت البحرين من 1994 الى 1999 واسفرت عن سقوط 38 قتيلا على الاقل واثرت الى حد كبير على الحركة الاقتصادية في البلاد والتنمية فيها.

وكان امير البحرين الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة قرر في آب/اغسطس 1975 حل البرلمان الذي انشئ بعد انتخابات تشريعية جرت في السابع من كانون الاول/ديسمبر 1973، بسبب "عدم تعاون" اعضاء المجلس مع الحكومة.

من جهة اخرى، وبعد صدور حكم محكمة العدل الدولية في الخلاف مع قطر، دعت البحرين التي يبلغ انتاجها من النفط 13 ألف برميل يوميا وتقوم بتكرير 82 ألف برميل من النفط السعودي الخام، شركات النفط العالمية الى التنقيب عن النفط في جزر حوار.

واعلن مجلس الوزراء البحريني مؤخرا موافقته على عرضين للتنقيب عن النفط والغاز مقدمين من شركتي "تكساكو" الأميركية و"بتروناس" الماليزية في المنطقة الجنوبية التي تشمل القطاع الممتد من بلدتي جو عسكر الى جزر حوار.

كما وقعت مع قطر مذكرة تقضي ببدء انشاء جسر يربط بينهما بين الساحل الغربي لقطر والساحل الشرقي للبحرين، يبلغ طوله 45 كيلومترا وعرضه 15 مترا وسيؤمن وسائل الربط لشبكتي الطرق الرئيسيتين بين البلدين.

وتحيي البحرين الذكرى الثلاثين لاستقلالها في منتصف آب/اغسطس 1971 والذكرى الخمسين لجلوس اميرها الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، في السادس عشر من كانون الاول/ديسمبر 1961.

وقد اعلنت البحرين استقلالها في عهد الشيخ عيسى الذي رفض الانضمام الى اتحاد للامارات العربية بسبب رفض ثماني امارات اخرى اختيار بلاده التي تضم العدد الاكبر من السكان، عاصمة للاتحاد وتوزيع عدد مقاعد الجمعية الوطنية تبعا لعدد السكان.

البحرين: بطاقة تعريف

ودولة البحرين التي تحتفل الاحد بعيدها الوطني الثلاثين منذ استقلالها في 1971، ارخبيل يضم 33 جزيرة من بينها عاصمتها المنامة واكبرها البحرين التي تبلغ مساحتها 5،586 كيلومترا مربعا وتحمل الدولة اسمها.

وتبلغ مساحة البحرين التي تقع في وسط الخليج وتبعد 24 كلم عن الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية و28 كلم عن قطر، حوالي 710.90 كلم مربع ويربطها بالسعودية جسر يبلغ طوله 25 كيلومترا دشن في تشرين الثاني/نوفمبر 1986.

وقد وقعت مذكرة تفاهم مع قطر لبناء جسر آخر يربطهما يبلغ طوله 45 كيلومترا ويفترض ان تنتهي الدراسات المتعلقة به في تموز/يوليو المقبل.

ويبلغ عدد سكان البحرين اكثر من 650 الف نسمة طبقا لآخر تعداد اجري فيها في نيسان/ابريل الماضي، يشكل البحرينيون 62.4% منهم والاجانب37.6%.

تاريخيا، دلت الاكتشافات الحديثة ان البحرين كانت موطن حضارتين تعود اولاهما دلمون التي ورد ذكرها في المخطوطات السومرية والبابلية والآشورية الى الالف الثالث قبل الميلاد، والثانية الى الالف الاول قبل الميلاد وهي حضارة تايلوس التي تأثرت بالاغريق الذين اطلقوا هذا الاسم عليها.

واشتهر اهل البحرين التي عرفت منذ العصور السابقة للاسلام وحتى القرن السادس عشر للميلاد باسم "أوال"، بمهارتهم في صناعة السفن والملاحة ويفاخرون بانهم ساهموا بخبرتهم في هذا المجال في الفتوحات الاسلامية.

وكانت البحرين جزءا من الدولة الاسلامية ثم خضعت للسلطنة العثمانية التي منحتها حكما ذاتيا محدودا قبل ان تصبح محمية بريطانية في 1871 حتى استقلالها في 15 آب/اغسطس 1971 في عهد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الذي تولى السلطة في السادس عشر من كانون الاول/ديسمبر 1961.

وفي 1973، انتخب مجلس وطني في البحرين، قام الشيخ عيسى بحله بعد عامين اي في 1975، اثر اتهامه "بعرقلة عمل الحكومة" التي يرئسها منذ الاستقلال وحتى اليوم الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة.

وقد عانت البحرين كغيرها من دول المنطقة، منذ استقلالها من انعكاسات القضية الفلسطينية ثم الحرب اللبنانية تلاها انتصار الثورة الايرانية فالحرب بين العراق وايران (1980-1988) ثم الاجتياح العراقي للكويت في آب/اغسطس 1990.

وشهدت من 1994 الى 1998 اضطرابات متقطعة ادت الى مقتل 38 شخصا على الاقل سببتها المعارضة وخصوصا الشيعية المطالبة باعادة الحياة البرلمانية والعمل بالدستور.

وتوقفت هذه الاضطرابات عمليا بعد وفاة الشيخ عيسى في آذار/مارس 1999 وتولي نجله الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة السلطة، متخذا اجراءات للتهدئة كرسها بميثاق للعمل الوطني لقي تأييد اكثر من 98% من الناخبين في استفتاء اجري في شباط/فبراير الماضي.

وينص هذا الميثاق على اعادة الحياة البرلمانية وجعل نظام الحكم في البلاد التي تحكمها اسرة آل خليفة منذ نهاية القرن السابع عشر، ملكيا وراثيا.

وقام امير البحرين بتوسيع المشاركة في حياة الشورى وعين في المجلس الذي انشئ في 1992 ويضم اربعين عضوا، نساء وغير مسلمين وشخصيات من اصول غير عربية في اول خطوة من نوعها في دولة عربية خليجية.

وتتبع البحرين منذ بداية عهد الشيخ عيسى بشكل عام الخط السياسي لشريكاتها في المجلس وتقيم علاقات جيدة مع هذه الدول بما فيها قطر منذ ان تمت تسوية النزاع الذي استمر ستين عاما بينهما حول جزر حوار والزبارة وفشت الدبل.

والبحرين لا تملك موارد مالية كبيرة لكنها تشكل مركزا مهما للقطاع المصرفي في منطقة الخليج. ويبلغ اجمالي الناتج المحلي فيها 6.1 مليار دولار (1998).

وهي دولة منتجة ولكن غير مصدرة للنفط يبلغ انتاجها النفطي 39 الف برميل يوميا وتملك مصفاة تبلغ قدرتها 250 الف برميل يوميا يغذيها النفط السعودي.

وفي 1972، انشأت البحرين مصنعا للالمنيوم يعد احد اهم المصانع في العالم ينتج 500 الف طن سنويا. وقد اعلن عن مشروع توسعة للمصنع تبلغ كلفته مليار دولار لرفع القدرة الانتاجية الى 750 الف طن سنويا.

وتعاني البحرين خصوصا من مشكلة ارتفاع عدد العاطلين عن العمل، الذين اعدت لتسوية اوضاعهم "برنامجا وطنيا للتوظيف" تبلغ ميزانيته 25 مليون دينار (حوالي 66 مليون دولار)".