البحرين: رغبة هادئة في التغيير بعيدا عن المواجهة

اكدت القوى السياسية في البحرين بالاجماع، عشية الخطاب الذي سيلقيه اميرها الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة بمناسبة مرور عام على تبني الميثاق الوطني، ضرورة التمسك بالآلية التي ينص عليها الدستور لاصدار الدستور المعدل، لكنها تبدو راغبة في تجنب اي مواجهة مع الحكومة في هذا الشأن.
ويتوقع ان يعلن امير البحرين في خطابه التفاصيل المتعلقة بآلية اصدار التعديلات الدستورية التي تتعلق بالتحول الى الملكية واعادة الحياة البرلمانية.
وفي بيانات اصدرتها بمناسبة الذكرى الاولى للاستفتاء على الميثاق الذي اقترحه امير البحرين، اكدت الجمعيات السياسية ضرورة التمسك بالآلية التي ينص عليها الدستور لاجراء اي تعديل دستوري، مشددة في الوقت نفسه على دعمها للمشروع الاصلاحي للشيخ حمد.
وقد عبرت هذه الجمعيات التي سلمت امير البحرين رسالة اوضحت فيها موقفها من هذه المسألة، عن ثقتها بان الشيخ حمد "سيتخذ خطوة جريئة للوفاء بما وعد به شعبه"، معبرة بذلك عن عزمها على عدم الدخول في مواجهة او تصعيد مع الحكومة.
واكدت جمعية الوفاق الاسلامية (شيعية) في بيان في العاشر من شباط/فبراير الجاري "حاكمية الدستور على ميثاق العمل الوطني"، معتبرة ان "اي تغيير في الدستور يجب ان يكون عبر الآلية الدستورية وان ينحصر حق التشريع في المجلس المنتخب فقط".
لكن الجمعية ختمت بيانها بالتعبير عن "ثقتها الكبيرة في ان امير البلاد سيتخذ خطوة جريئة تجاه الوفاء بما وعد به شعبه في ارساء اسس الديموقراطية السلمية".
اما جمعية المنبر الديموقراطي التقدمي (يسار) فقد اكدت في بيان لها تمسكها بـ"الثوابت الدستورية ومبادئ الميثاق (...) ومشاركتها الامير حرصه على الا تتعرض الحياة الدستورية في المستقبل لاي انتكاسات".
ودعت الجمعية الى "مزيد من التشاور والمزيد من الوحدة الوطنية يجب ان يفضيا بالمجتمع الى الخروج من المأزق الحالي (..) وتذليل كل العقبات التي يمكن ان تستفيد منها اي توجهات متطرفة".
واكدت ان "مصاعب الحياة الديموقراطية لا تحل الا بالمزيد من الديموقراطية".
ورأت جمعية العمل الوطني الديموقراطي (يساريون قوميون ومستقلون) ان المطلوب هو "استثمار التوافق الكبير بين القيادة السياسية والقيادات الوطنية والاسلامية والفعاليات الشعبية وقوى المجتمع المدني عبر الدستور والآلية المنصوص عليها في المادة 104".
وتنص هذه المادة على انه "يشترط لتعديل اي من احكام الدستور ان تتم الموافقة على التعديل باغلبية ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس (التشريعي). وان يصدق الامير على التعديل (...) واذا رفض تعديل ما للدستور فلا يجوز عرضه من جديد قبل مضي سنة على رفضه".
واضافت الجمعية في بيان ان "افضل السبل للدخول في المرحلة الدستورية هو اجراء انتخابات عامة لمجلس وطني توضع امامه التعديلات للتصديق عليها".
واكدت ان "التمسك بالوحدة الوطنية والعمل المشترك بين الجمعيات والالتفاف حول النهج الاصلاحي وتعميقه والتمسك بالثوابت الدستورية ستحقق الكثير من الانجازات في المستقبل".
وشددت جمعية الوسط العربي الاسلامي الديموقراطي (قيد التأسيس) على "حاكمية الدستور على الميثاق"، معتبرة انه "العقد الاجتماعي بين الامير وشعبه".
كما اكدت ضرورة "الرجوع الى الآليات المنصوص عليها في الدستور لاجراء التعديلات والمحافظة على صلاحيات التشريع للمجلس المنتخب دون المعين"، مشددة على "اهمية استمرار الحوار الديموقراطي للوصول بالمشروع الاصلاحي الى ما يحقق مصالح الوطن والمواطنين".
وقال معارض بحريني تمكن من العودة الى البلاد العام الماضي ويقيم في السويد ان القوى السياسية في البحرين "تخشى تكرار سيناريو 1972 ولا تريد الدخول في مواجهة مع الامير مهما كلف الامر".
واضاف عبد الهادي خلف استاذ علم الاجتماع في جامعة لوند في السويد ان "موقف القوى السياسية حيال التعديلات الدستورية واضح جدا لكن موقفها حيال جماهيرها يتسم بالحيرة".
وتابع خلف الذي يزور البحرين حاليا ان "الموقف بالنسبة لهذه القوى مزعج. فقد ابلغت الامير بموقفها بصراحة لكنها لا تريد اي مواجهة معه مهما كلف الامر لكنها في مأزق في ما يتعلق بابراء ذمتها امام جماهيرها".
وبعد ان اشار الى وجود "رغبة قوية بعدم استثارة الشارع"، قال خلف ان "هناك خشية من تكرار سيناريو 1972 (..) فرغم قوة المعارضة السياسية (التي قاطعت الانتخابات حينذاك) في ذلك الوقت انتخب مجلس تأسيسي بوجوه لا يمكن تخوينها او الشك في وطنيتها".
ورأى ان القوى السياسية "تتحمل مسؤولية الوصول الى مأزقها هذا (..) لانها لم تبادر الى خلق آلية تنسيق بينها بل تسابقت الى جني مكاسب متوقعة واهملت خلق اداة وآلية تنسيق في ما بينها".
واضاف انه وعلى هذا النحو لا يبدو التحول وكأنه تعاقد بل نتيجة لارادة القيادة السياسية للبلاد".