
البرلمان العراقي يقر قانون الانتخابات الجديد
بغداد - وافق البرلمان العراقي اليوم الثلاثاء على قانون جديد للانتخابات كان يمثل مطلبا أساسيا للمحتجين لجعل الانتخابات أكثر نزاهة، لكن الجمود السياسي لا يزال يعرقل اختيار رئيس مؤقت للحكومة.
ويشكل القانون انتصارًا جديدًا لمحتجين أجبروا حكومة عادل عبدالمهدي على الاستقالة، في الأول من ديسمبر/كانون أول الجاري، وضغطوا حتى مرر البرلمان قانونًا جديدًا لمفوضية الانتخابات.
وحضر جلسة البرلمان 184 نائبًا (من أصل 329) صوت أغلبهم لصالح مشروع القانون، بما فيه المواد الخلافية المتعلقة بالنظام الانتخابي.
وعقب التصويت على البنود منفردة، استدعى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي رؤساء الكتل البرلمانية إلى منصة الرئاسة، وتم التصويت على مجمل القانون فحظي بالموافقة وتعالت أصوات التصفيق.
وقال الحلبوسي إن "هذا القانون يستجيب لمطالب الشعب العراقي"، في إشارة إلى المحتجين.وأضاف أن "العراق للعراقيين ومن اليوم لن يشغل منصب رئاسة الحكومة أو أي منصب بالدولة شخص يحمل أكثر من جنسية".
وتابع "سأتبنى مع النواب قرار منع مزدوجي الجنسية من تسلم أي منصب".
ويعتمد القانون الجديد على نظام الدوائر الانتخابية المتعددة ضمن المحافظة الواحدة (دائرة انتخابية على مستوى القضاء)، فضلاً عن الترشيح الفردي، وهو ما ينسجم مع مطالب المحتجين والقوى السياسية المؤيدة لهم، مقابل معارضة قوى بينها كتل تمثل إقليم كردستان في شمال العراق.
وقالت رئيسة كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني جوان إحسان في مؤتمر صحفي داخل البرلمان، إن "القانون لا يلبي مطالب الإصلاح ومن شأنه إعادة إنتاج النظام لنفسه وتغول الأحزاب المتسلطة ولا يتيح إجراء انتخابات مبكرة".
وأضافت أن "إصرار المشرعين على الدوائر الانتخابية على مستوى القضاء هو إرادة واضحة لعدم إجراء انتخابات مبكرة، لما في ذلك من تعقيدات فنية ومشاكل تتعلق بهوية عشرات الأقضية".
وتابعت "الإصرار على اعتماد العد والفرز الإلكتروني والاعتماد على البطاقة الإلكترونية إشارة واضحة للتلاعب والتزوير لإرادة الناخبين".
ورأت أن "اعتماد الفائز الأعلى بالأصوات (الترشيح الفردي) هو لحصد الأحزاب المتسلطة لمقاعد المجلس، وإعادة العراق إلى انتماءات قبلية ومناطقية وقطع الطريق أمام الكفاءات والمستقلين".
وجاء تمرير القانون بعد أن فشل البرلمان في ذلك خلال الأسابيع الثلاث الماضية؛ جراء خلافات على بعض بنوده.
وكان القانون القديم للانتخابات النيابية يعتمد على حساب الأصوات استنادًا إلى القوائم الانتخابية واعتبار المحافظة دائرة انتخابية واحدة، بمعنى أن المرشحين الحاصلين على أقل عدد من الأصوات في القائمة الواحدة يستفيدون من الأصوات الزائدة التي حصل عليها زملاؤهم ممن حصلوا على أصوات أكثر.
واعتبر المحتجون أن القانون القديم كان يخدم الأحزاب الحاكمة على حساب الكتل الصغيرة والمستقلين.
كما كانت الأحزاب الحاكمة تتولى تسمية أعضاء مفوضية الانتخابات التي يُفترض أن تكون مستقلة.

كما يطالب المتظاهرون باختيار مرشح لرئاسة الحكومة المقبلة يكون مستقلًا ونزيهًا وغير خاضع للخارج وخاصة إيران، ليتولى إدارة البلد خلال مرحلة انتقالية تمهيدًا لانتخابات مبكرة.
وتخللت الاحتجاجات المستمرة منذ مطلع أكتوبر/تشرين أول الماضي، حملات قمع أوقعت 497 قتيلاً وأكثر من 17 ألف جريح، وفق مصادر حقوقية وطبية وأمنية بالعراق.
والغالبية العظمى من الضحايا هم من المحتجين وسقطوا وفق المتظاهرين وتقارير حقوقية دولية، في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحين من فصائل "الحشد الشعبي" لهم صلات مع إيران، المرتبطة بعلاقات وثيقة مع الأحزاب الشيعية الحاكمة في بغداد، لكن "الحشد الشعبي" ينفي أي دور له في قتل المحتجين.
ويطالب المحتجون بتغيير شامل للنظام السياسي الذي يعتبرونه فاسدا ويبقي على أغلب العراقيين في حالة فقر.
ولم يطالب المحتجون بقانون جديد للانتخابات فحسب، بل طالبوا أيضا باستبعاد النخبة السياسية بأكملها واختيار رئيس وزراء مستقل لا ينتمي لأي حزب.
واستقال رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي الشهر الماضي تحت ضغط من مظاهرات الشوارع لكنه ظل في السلطة لتصريف الأعمال. وانتهت المهلة الدستورية لاختيار بديل له يوم الخميس.
وأثار الصراع بين الأحزاب السياسية المتشبثة بالسلطة، الأزمة ويهدد بإثارة مزيد من الاضطرابات بعد أن فقد المحتجون صبرهم بسبب مأزق في البرلمان يعرقل اختيار رئيس وزراء مؤقت.
وتشارك عن كثب كتلتان من الأحزاب السياسية تدعم إيران إحداها في حين أن الأخرى شعبوية مناهضة لإيران في مناقشات مغلقة للاتفاق على مرشح.
ومن غير المرجح على ما يبدو التوصل لأي اتفاق بشأن القضايا السياسية الشائكة.

ويواصل الثلاثاء المتظاهرون تعبئتهم في مواجهة سلطة مصابة بالشلل بين ضغوط الأحزاب الموالية لإيران وانعدام القدرة على تجديد الطبقة السياسية في أحد أكثر البلدان فساداً في العالم.
واحتشد المحتجون مجدداً في ساحة التحرير بوسط بغداد رافعين لافتات تحمل صور مرشحين لرئاسة الوزراء مغطاة بعلامات حمراء تعبيراً عن رفضهم.
وفي جنوب البلاد أقدم المتظاهرون مجدداً الثلاثاء على قطع طرقات ومواصلة إغلاق غالبية المدارس والدوائر الرسمية.
وتستأنف الطبقة السياسية المصابة بالشلل منذ أيام عدة بسبب تمسك الحلف الموالي لإيران بمرشحه، مفاوضاتها الثلاثاء.
وتخلى المحور السني بقيادة الحلبوسي عن ترشيح وزير التعليم العالي في الحكومة المستقيلة قصي السهيل، داعياً حلفاءه المقربين من طهران إلى ترشيح شخصية جديدة.
وسبق للأحزاب أن فشلت ثلاث مرات بالاتفاق على مرشح لرئاسة الوزراء في المهل الدستورية.
وبمجرد أن تم تداول اسم محافظ البصرة أسعد العيداني، انتفض المحتجون في المحافظة النفطية الجنوبية أيضا.
وأغلق المتظاهرون في البصرة الطرقات الرئيسية المؤدية إلى ميناءي أم قصر وخور الزبير لساعات عدة، لكن ذلك لم يؤثر على سير العمل فيهما.
وقال أحد المتظاهرين في المحافظة "في كل ساعة تقترح الأحزاب مرشحاً جديداً، لكن نحن نريده مستقلاً. ننحن مستعدون للإضراب العام ليوم أو يومين أو ثلاثة، وحتى مئة سنة إذا استدعى الأمر ذلك".
وقطعت أيضاً الطرقات في الناصرية والديوانية والحلة والكوت والنجف جنوباً، فيما أدت الإضرابات إلى منع الموظفين من الوصول إلى أعمالهم، وإغلاق أبواب المدارس.
وفي مدينة العمارة قام متظاهرون بغلق مداخل حقل حلفاية النفطي جنوب المدينة، الذي ينتج 450 ألف برميل يومياً ومنعوا العاملين من الدخول، بحسب مصدر في الشرطة. لكن مصدراً داخل الحقل أكد استمرار العمل.