البرلمان اللبناني يمنح الثقة لحكومة حزب الله

حكومة دياب تواجه تحديات اقتصادية صعبة في الحصول على دعم دولي يساعد لبنان على الخروج من أسوء أزمة اقتصادية، في ظل تصنيف دول غربية لحزب الله ضمن المنظمات الإرهابية.
الشارع اللبناني يتمسك برفض حكومة دياب بعد حصولها على ثقة برلمانية "هشة"

بيروت - منح البرلمان اللبناني الثلاثاء الثقة للحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب خلال جلسة مناقشة البيان الوزاري، حيث صوت لصالح الحكومة نواب حزب الله وحلفائه، ورفضتها كتلة تيار المستقبل برئاسة رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري.

وبعد جلسة استمرت حوالى ثمانية ساعات، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أن 63 نائباً صوتوا لصالح منح الثقة للحكومة الجديدة، مقابل رفض 20 منهم وامتناع نائب واحد.

رغم احتجاجات متظاهرين حاولوا صباحاً عرقلة وصول النواب إلى البرلمان واندلعت مواجهات بينهم وبين القوى الأمنية خلفت إصابات في صفوف المتظاهرين.

وحضر الجلسة 84 نائباً من أصل 128 ووفروا النصاب اللازم لها، وقد استهلها دياب بقراءة البيان الوزاري الذي تضمن تنفيذ "خطة طوارئ سريعاً" لإخراج البلاد من الانهيار الاقتصادي الذي تشهده منذ أشهر.

وخلال الكلمة التي طلب فيها من النواب منح الثقة للحكومة، قال دياب "نحن نتبنى مطالب الانتفاضة الثورة التى أحدثت زلزالاً في البلد".

وشكل دياب الحكومة في 21 يناير/كانون الثاني من عشرين وزيراً غير معروفين بغالبيتهم ومن الأكاديميين وأصحاب الاختصاصات. وقد تمّ اختيارهم بغرض تجنب أسماء قد يعتبرها المتظاهرون استفزازية.

إلا أن متظاهرين يرفضون حكومة دياب ويرون أنها لا تحقق مطالب رفعوها منذ أشهر بتشكيل حكومة من اختصاصيين ومستقلين تماماً عن الأحزاب السياسية التقليدية، بل يعتبرون أن الوزراء الجدد لا يمثلون سوى الأحزاب التي سمتهم. كما أنهم يطالبون النواب بالاستقالة معتبرين أنهم جزء من الطبقة السياسية الفاسدة.

ويرى محللون أيضاً أن الحكومة الجديدة ليست سوى واجهة لفريق سياسي واحد مؤلف من حزب الله وحلفائه، وأبرزهم حركة أمل برئاسة بري والتيار الوطني الحر بزعامة رئيس الجمهورية ميشال عون.

وصوت نواب هذا الفريق لصالح منح الثقة للحكومة، فيما رفضتها أحزاب أخرى أبرزها تيار المستقبل بزعامة الحريري.

وتواجه الحكومة الجديدة تحدّيات كبيرة خصوصاً على الصعيدين الاقتصادي والمالي في ظل أزمة سيولة وتراكم الدين العام إلى نحو 92 مليار دولار، أي أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وقدرت منظمة إحصاءات محلية (إنفو برو) أن 220 ألف شخص خسروا وظائفهم منذ أكتوبر/تشرين الأول.

وقال كريستوفر (26 عاماً) "نحن هنا لنقول إنه حتى لو منح النواب الثقة للحكومة، فالشعب لن يمنحها إياها"، مضيفا أن الوزراء كان يجب أن يكونوا "مستقلين عن الأحزاب التي خربت البلد وبالطبع لن تعيد إصلاحه".

وأقرّت الحكومة اللبنانية بالإجماع في السادس من الشهر الحالي بيانها الوزاري الذي يتضمن عناوين خطة عملها في الفترة المقبلة وأحالته على البرلمان.

وتلا دياب الثلاثاء البيان الوزاري، وفيه التزام الحكومة "إنجاز خطة طوارئ قبل نهاية فبراير/شباط لمعالجة حاجات الناس الطارئة ومواجهة الاستحقاقات والتحديات الداهمة"، وإلحاقها بخطة إنقاذ شاملة متكاملة على ثلاث مراحل من مئة يوم إلى ثلاث سنوات.

وحذر البيان الوزاري من أن "كل يوم يمر من دون المضي في التنفيذ يكلف البلد وشعبه المزيد من الخسائر والأضرار وقد نصل إلى الانهيار الكامل الذي سيكون الخروج منه صعباً إن لم نقل شبه مستحيل".

كما التزمت الحكومة تنفيذ مقررات مؤتمر سيدر الذي أقر في العام 2018 في باريس سلسلة هبات وقروض للبنان بقيمة 11.6 مليار دولار مقابل إصلاحات هيكلية وخفض عجز الموازنة. واعتبر دياب وفق البيان، أن الحكومة الحالية هي "حكومة مواجهة التحديات".

منظمات دولية تدين عنف القوات اللبنانية ضد المحتجين
منظمات دولية تدين عنف القوات اللبنانية ضد المحتجين

وتأمل الحكومة بعد مباشرة عملها أن تحظى بدعم المجتمع الدولي، فيما يبدي لبنانيون تخوفهم من رفض دول غربية وخليجية دعم الاقتصاد اللبناني في ظل وجود حكومة مدعومة من حزب الله وتدور في الفلك الإيراني.

وتضع واشنطن ودول غربية حزب الله الموالي لإيران على لائحة المنظمات الإرهابية، وهو ما قد يعثر مساعي جلب استثمارات خارجية ودعم دولي لإنعاش الاقتصاد اللبناني الذي يقف على حافة الهاوية.

ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول تظاهرات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية التي يتهمها اللبنانيون بالفشل في إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة. وتراجعت وتيرة التظاهرات بعد تشكيل دياب حكومته خلفاً لحكومة الحريري التي استقالت تحت ضغط الشارع.

وفرضت القوى الأمنية والجيش الثلاثاء طوقاً أمنياً في محيط مقر البرلمان، وأغلقت طرقا عدة بالحواجز الاسمنتية الضخمة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى مبنى المجلس النيابي.

في وقت دياب يتحدث داخل قاعة برلمان نصفها فارغ حول الحق في التظاهر رمت القوى الأمنية الغاز المسيل للدموع واعتدت على الناس في الخارج

ومنذ الصباح الباكر تجمع المتظاهرون عند شوارع عدة مؤدية إلى مجلس النواب رافعين لافتات كُتب عليها "لا ثقة".

واندلعت على أحدى الطرق مواجهات استمرت ساعات بينهم وبين القوى الأمنية التي رشقوها بالحجارة فردت باستخدام خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع، وفق شهود عيان.

وأعلن الصليب الأحمر اللبناني عن معالجة 328 شخصاً في المكان جراء التعرض للغاز المسيل للدموع واصابات أخرى، كما نقل 45 شخصاً إلى المستشفيات.

ودانت منظمة هيومن رايتس ووتش استخدام القوى الأمنية "القوة المفرطة" ضد المتظاهرين. وقالت باحثة لبنان في المنظمة آية مجذوب "في وقت كان رئيس الحكومة حسان دياب يتحدث داخل قاعة برلمان نصفها فارغ حول الحق في التظاهر، رمت القوى الأمنية الغاز المسيل للدموع واعتدت على الناس في الخارج".

وفي وسط بيروت قالت كارول مفضلة عدم ذكر اسمها الكامل، "لا ثقة بهذه الحكومة لأن الطريقة التي تشكلت بها لا تجعلنا نثق بها"، مضيفة "لا يمكن للبلد أن يكمِّل بالطريقة نفسها".

ورغم انتشار المتظاهرين في محيط المجلس، نجح النواب بالوصول حتى أنه منهم من وصل باكراً أو نام في مكتبه، وفق وسائل إعلام محلية.

وأثناء محاولة أحد الوزراء الوصول إلى المنطقة، وقف متظاهرون أمام السيارة ورشقوها بالبيض، وصرخ أحدهم "استقل".

وأصيب أحد النواب في رأسه وفق ما نقل مكتبه، أثناء محاولته الوصول إلى البرلمان. وجرى نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج قبل أن يعود لاحقاً لحضور الجلسة.