البرهان يقدّم حججا واهية بعد نسفه مبادرة أممية لإنهاء النزاع
الخرطوم - قالت الحكومة السودانية اليوم السبت إنها "لا ترى داعيا" لإنشاء منبر جديد للوساطة بينها وبين قوات الدعم السريع معلنة تمسكها بـ"منبر جدة" وتعهداته، في أوضح دليل على حالة التخبط والتناقض في المواقف التي تعصف بفريق عبدالفتاح البرهان قائد الجيش السوداني الذي لغّم المفاوضات بشروط شبه مستحيلة وآخرها اشتراطه انسحاب القوات التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" من كافة المدن.
ودأب البرهان طيلة الفترة الماضية على انتهاج سياسة الهروب إلى الأمام والتهديد بالتصعيد، كاشفا عن نواياه الحقيقية بإطالة أمد الحرب، ما شكّل عقبة على طريق العديد من المبادرات والجهود الدولية والإقليمة الهادفة إلى إنهاء الصراع.
ويداري قائد الجيش السوداني هزائمه المتتالية وفقدانه السيطرة على العديد من المناطق بإصراره على التصعيد ومواصلة الحرب، فيما لا توحي وعود الدعم العسكري التي تلقاها من إيران وروسيا بتحقيق أي نتائج ملموسة على أرض المعركة، في وقت تواصل فيه قوات الدعم السريع تحقيق مكاسب ميدانيه هامة.
وقال المتحدث باسم الحكومة السودانية وزير الإعلام جراهام عبدالقادر إن "الحكومة وافقت على دعوة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان العمامرة، للمشاركة في مداولات غير مباشرة بمدينة جنيف بشأن الأوضاع الإنسانية".
وأكدت الحكومة في بيان أن تلبيتها للدعوة الأممية جاءت "انطلاقا من واجبها الوطني والتزامها بالقانون الدولي الإنساني.
وذكر البيان أنه "رغم طبيعة الدعوة التي تشير إلى مناقشات غير مباشرة وليس عملية تفاوض، لم يتلق وفد حكومة السودان بعد أيام من وصوله إلى جنيف أية أجندة أو برنامج عن هذه المداولات".
وأضاف أنه "طُلب من الوفد الذهاب إلى قصر المؤتمرات بجنيف، خلافا لطبيعة المناقشات غير المباشرة، وهو أمر لم ير فيه الوفد الحكومي داعيا".
وأكدت حكومة السودان أنها "لا ترى داعيا لإنشاء منبر جديد للوساطة، وتظل متمسكة بمنبر جدة وتعهداته وضرورة تنفيذ التعهدات التي أُبرمت"، وفق البيان.
وتابع أن "الحكومة لن تقبل التعامل مع أي جسم بديل أو موازٍ بشأن الإغاثة الإنسانية، خلافا للكيان الحكومي المختص بذلك، وهو مفوضية العون الإنساني واللجنة العليا للطوارئ الإنسانية".
وأكد على "التزام الحكومة بالتعاون الإيجابي مع الأمم المتحدة لتخفيف المعاناة عن شعب السودان والتوصل إلى رؤية مشتركة بشأن توصيل الإغاثة للمحتاجين والنازحين".
ومنذ 6 مايو/أيار 2023، ترعى الرياض وواشنطن محادثات بين الجيش والدعم السريع، أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة السعودية بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة وقعت خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين الطرفين، ما دفع الوسيطان لتعليق المفاوضات.
والجمعة، أعلنت قوات الدعم السريع، ترحيبها بدعوة الأمم المتحدة لبدء محادثات مع الجيش السوداني بشأن تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وقالت في بيان، إن وفدها المفاوض وصل جنيف لبدء المحادثات من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية التي يواجهها السودانيون بسبب الحرب.
وكشف حميدتي مرارا استعداده الجاد والصادق للحوار مع الطرف الآخر في النزاع لإرساء سلام عادل وشامل يتوج بتأسيس الدولة السودانية الجديدة.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة البرهان، والدعم السريع بقيادة حميدتي حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وحوالي 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وتزايدت دعوات أممية ودولية لتجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.