البشير يتمسك بالسلطة رغم تصاعد الاحتقان الشعبي

الرئيس السوداني يتعهد بالبقاء في السلطة في تحد للمحتجين في مظاهرات مستمرة منذ أسابيع ضد حكمه الذي بدأ قبل 30 عاما.

الخرطوم - تعهد الرئيس السوداني عمر حسن البشير أمام آلاف من أنصاره في العاصمة الخرطوم بالبقاء في السلطة على الرغم من المظاهرات المستمرة منذ أسابيع ضد حكمه الذي بدأ قبل 30 عاما.

ولم يفلح خطابه في تهدئة الاضطرابات. فقد خاضت قوات الأمن معارك الأربعاء مع المحتجين في مدينة أم درمان على الضفة المقابلة من نهر النيل.

أعلنت الشرطة السودانية الخميس مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في تظاهرة مناهضة للحكومة قامت بتفريقها بالغاز المسيل للدموع، في أم درمان المدينة التوأم للخرطوم الأربعاء.

وقال الناطق باسم الشرطة هاشم عبد الرحيم في بيان إن "تجمعا غير قانوني جرى في أم درمان وقامت الشرطة بتفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع". وأضاف أن الشرطة "أبلغت في وقت لاحق بموت ثلاثة متظاهرين" و"قمنا بفتح تحقيق" بدون أن يضيف أي تفاصيل.

وينظم المحتجون مظاهرات شبه يومية منذ أسابيع للتعبير عن غضبهم من نقص الخبز والعملة الأجنبية. وتأتي تلك الاضطرابات بينما يمضي الحزب الحاكم قدما في خطط لتعديل الدستور بما يسمح للبشير بالبقاء في السلطة لما بعد فترته الحالية التي تنتهي في 2020.

وتحدى البشير معارضيه بأن يهزموه في صندوق الانتخابات وألقى باللوم على قوى أجنبية لم يذكرها بالاسم في تأجيج الاحتجاجات.

وقال البشير الذي استهل خطابه وختمه بالرقص على موسيقى وطنية وهو يلوج بعصاه في الهواء "احنا بنأكد تداول السلطة مرحب لكن طريق واحد والقرار قرار الشعب السوداني قراركم أنتم من خلال صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة".

وفي نفس التوقيت تقريبا الذي كان البشير يتحدث فيه، استخدمت قوات الأمن في أم درمان في الجهة المقابلة من النهر الغاز المسيل للدموع لتفريق احتجاج قريب ضم أكثر من 200 شخص. وفي وقت لاحق، ذكر شاهد من رويترز أن مئات المتظاهرين رددوا هتاف "حرية حرية" بينما أغلقت عدة طرق رئيسية وسط وجود مكثف لقوات الأمن في الشوارع الرئيسية.

وقال محتج يبلغ من العمر 43 عاما طلب عدم نشر اسمه لرويترز "نعاني لتوفير احتياجاتنا الأساسية اليومية.. سنواصل الاحتجاج حتى تسقط حكومة البشير".

وذكر شهود أن الشرطة طاردت المتظاهرين في الشوارع الجانبية حيث عاودوا تنظيم أنفسهم لاستئناف الاحتجاج. وأضاف الشهود أن المئات أغلقوا طريقا رئيسيا.

وأظهر مقطع مصور نشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتحققت منه رويترز مجموعة من المحتجين وهم يحملون لافتات ويرددون هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" وهو الهتاف الأثير لاحتجاجات الربيع العربي في 2011.

المحتجون السودانيون
تفريق المحتجين لا يعني نهاية الاحتجاجات

وبدأت الاحتجاجات على ارتفاع أسعار الخبز ونقص العملة يوم 19 ديسمبر كانون الأول في مدينة عطبرة بشمال البلاد ليتسع نطاقها سريعا وتتحول إلى احتجاجات مناهضة للبشير.

وفاز البشير، وهو قائد سابق في الجيش أطاح بالحكومة المنتخبة عام 1989، في انتخابات متعاقبة وصفها معارضوه بأنها لم تكن حرة ولا نزيهة.

ورأس البلاد خلال حرب أهلية طويلة انتهت باتفاق سلام سمح لجنوب السودان بالانفصال عام 2011، وهو مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتهمة الإشراف على إبادة جماعية في إقليم دارفور، وهو ما ينفيه البشير.

"الحرب والتمرد"

اعتلى البشير الأربعاء مسرحا مفتوحا في الساحة الخضراء بالخرطوم وأبلغ أنصاره أن أعداء أجانب يحاولون كسر السودان.

وقال خلال التجمع الذي نظمه حزبه الحاكم "كان المسعى لكسر السودان وكانت الحرب والتمرد وحاربونا وغزونا وقصفونا حتى جوا داخل الخرطوم وحاصرونا اقتصاديا حتى يركعوا السودان وعاوزين (يريدون) يذلونا بشوية قمح ودولارات وبترول ونحن كرامتنا أغلى من الدولار".

وتقول السلطات السودانية إن 19 شخصا على الأقل بينهم اثنان من أفراد الأمن، قتلوا في الاحتجاجات بينما تقول منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش إن العدد مثلي هذا الرقم.

ويقول شهود إن أفراد الشرطة يستخدمون الذخيرة الحية وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.

وانزلق السودان إلى أزمة اقتصادية منذ استقل الجنوب آخذا معه جزءا كبيرا من موارد البلاد النفطية.

وتفاقمت الأزمة منذ العام الماضي عندما شهدت البلاد بعض الاحتجاجات لفترة قصيرة على نقص الخبز.

ورفعت الولايات المتحدة عقوبات تجارية كانت مفروضة منذ 20 عاما على السودان في أكتوبر تشرين الأول 2017. لكن الكثير من المستثمرين يتجنبون البلد الذي لا يزال مدرجا على قائمة واشنطن للدول الراعية للإرهاب.