السودانيون يذكّرون البشير بمصير النميري
الخرطوم - قال شهود إن آلاف المحتجين السودانيين اشتبكوا مع قوات الأمن أمام مقر إقامة الرئيس عمر حسن البشير وقيادة الجيش بوسط الخرطوم يوم السبت في أكبر مظاهرة على ما يبدو خلال الاحتجاجات التي بدأت قبل أشهر ضد حكمه المستمر منذ 30 عاما.
وكان نشطاء سودانيون، شجعهم نجاح احتجاجات مماثلة وإن كانت أكبر حجما في الجزائر في إجبار الرئيس المريض عبد العزيز بوتفليقة على التنحي، دعوا إلى تنظيم احتجاج السبت في ذكرى انقلاب عام 1985 الذي أجبر جعفر النميري على التنحي في أعقاب احتجاجات حاشدة على حكمه.
وعلى وقع هتافات "جيش واحد، شعب واحد"، خرج المحتجّون في أنحاء شوارع العاصمة، استجابةً لدعوة منظّمي التظاهرات للتحرّك نحو مقرّ القيادة العامّة للجيش.
ويقول السودانيون إن القوات المسلحة وقفت بجانب الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت ضد الحكام المستبدين ويشيرون إلى انتفاضتهم عام 1985 ضد النميري الذي ظل لفترة طويلة في السلطة.
ومهد سقوط النميري الطريق لانتخابات عامة وحكومة مدنية أطاح بها البشير في انقلاب عسكري أيده الإسلاميون في عام 1989. ويتولى البشير السلطة منذ ذلك الحين، واختير رئيسا في انتخابات عديدة يقول منتقدون إنها لم تكن حرة ولا نزيهة.

ورأى المتظاهر أمير عمر من جهته أنّ المحتجّين نجحوا في إيصال رسالتهم إلى الجيش. وقال "لم نُحقّق هدفنا بعد، لكنّنا أوصلنا رسالتنا إلى الجيش ومفادها: انضمّ إلينا".
وقال بيان للمنظّمين ان "هذه لحظة تاريخيّة عظيمة، وندعوكم لمواصلة الاعتصام في شارع القيادة العامة". وأضاف "نُحيّي القوّات المسلّحة التي لم تتعرّض للمتظاهرين، ونأمل أن تنحاز لجانب الشعب اليوم".
وفي مسيرة أُخرى خرجت في مدني (جنوب شرق الخرطوم)، وصل المتظاهرون كذلك إلى مبنى تابع للجيش في المدينة، بحسب شهود.
من جهة ثانية، قالت وكالة السودان للأنباء (سونا) نقلا عن تقارير للشرطة إن مدنيا توفي متأثرا بجروح أصيب بها خلال "أعمال شغب" كما أصيب مدنيون ورجال شرطة أيضا في مدينة أم درمان التي شهدت أيضا احتجاجات في المساء.
هذه لحظة تاريخيّة عظيمة. نُحيّي القوّات المسلّحة التي لم تتعرّض للمتظاهرين ونأمل أن تنحاز لجانب الشعب
وقال بيان من لجنة أطباء معارضة إن المتوفى طبيب مختبر. ولعب الأطباء دورا بارزا في الاحتجاجات التي لقي خلالها عشرات الأشخاص حتفهم خلال الأشهر الثلاثة والنصف الماضية.
وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على متظاهرين في أم درمان وعلى متظاهرين رشقوها بالحجارة قرب مقر إقامة البشير.
ولوح المحتجون بالعلم السوداني ورددوا شعارات تطالب بالحرية والسلام والعدالة أمام بوابات المجمع الذي يحرسه جنود من الجيش ويضم أيضا وزارة الدفاع وقيادة الجيش ومقرات أمنية.
وبحلول المساء هدأت حدة الاشتباكات مع ابتعاد قوات الأمن مما أتاح للآلاف للبقاء أمام المجمع. وقال شهود إن متظاهرين شبان رددوا الأغاني الوطنية ورقصوا. وقال البعض إنهم سيظلون لحين تنحي البشير.
وأشاد وزير الإعلام حسن إسماعيل وهو أيضا المتحدث باسم الحكومة بالروح الوطنية التي تعاملت بها قوات الأمن مع المتظاهرين وأكد تمسك الحكومة بنهج الحوار لحل الأزمة.
وأضاف أن "منهج الأجهزة الحكومية وجد ارتياحا واحتراما من قبل المواطنين. الدم السوداني هو أغلى ما يجب أن نحافظ عليه".
ويرفض البشير التنحي قائلا إن على خصومه السعي للسلطة من خلال صناديق الاقتراع.
وقال محمد صالح (63 عاما) وهو أستاذ جامعي قدر عدد المتظاهرين بأكثر من مئة ألف شخص "اليوم نحن نفوز وواثقون في أن النظام سيسقط".
ولم يتسن الحصول على تقدير مستقل لعدد المحتجين لكن شهود قالوا إن الحشد ربما كان أكبر من أي تجمعات سابقة.
وقال شاهد لوكالة رويترز للأنباء"هناك حشود على امتداد البصر".
وتمثل موجة الاحتجاجات التي بدأت في 19 ديسمبر/كانون الأول أكثر التحديات استدامة في وجه البشير منذ توليه السلطة عام 1989. وخرجت المظاهرات للاحتجاج على ارتفاع الأسعار ونقص السيولة النقدية لكنها تطورت إلى مظاهرات ضد حكم البشير.
وفي فبراير/شباط أعلن البشير حالة الطوارئ في البلاد التي يقطنها نحو 40 مليون نسمة وأقال الحكومة وحكومات الولايات في سلسلة من الخطوات التي استهدفت إحكام قبضته على البلاد.