تصاعد التوتر بين السلطة في شرق ليبيا والبعثة الأممية
بنغازي (ليبيا) – تزداد أزمة القوى السياسية الليبية مع البعثة الأممية تعقيدا بطلب الحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، منها مغادرة البلاد بشكل فوري، حيث اتهمتها بعدم الحياد والانحياز للسلطات في طرابلس وبالتغاضي عن تجاوزاتها، و"تعطيل الإرادة الوطنية وتعميق الانقسام".
وتوترت العلاقة بين الطرفين بعد الإحاطة الأخيرة التي قدمتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه أمام مجلس الأمن الدولي، واعتبرت الحكومة أن ممارسات البعثة "يمثل تدخلا سياسيا مباشرا في صلاحيات السلطة التشريعية المنتخبة، وتعديا صريحا على مبدأ السيادة الوطنية".
وانتقدت البعثة في إحاطتها إقرار البرلمان ميزانية بقيمة 69 مليار دينار ليبي لصندوق التنمية وإعادة الإعمار الذي يديره بلقاسم، نجل قائد الجيش خليفة حفتر، حيث قالت إن هذه الخطوة "ستقوّض قدرة مصرف ليبيا المركزي في السيطرة على التضخم، والحفاظ على قيمة الدينار".
وقرّر رئيس الحكومة أسامة حماد، السبت عدم السماح بتنقل وتحرّك البعثات الدولية والدبلوماسيين داخل الأراضي الليبية، ومنع أي نشاط دون التنسيق مع الجهات الرسمية ودون إذن مسبق من وزارة الخارجية، وهو ما يعني تقييد حركة رئيسة وأعضاء وموظفي البعثة الأممية في المناطق الخاضعة لسيطرة معسكر الشرق، شرق ووسط وجنوب ليبيا.
وتعكس هذه الأزمة، التحديات التي تواجه عمل البعثة الأممية التي دخلت في علاقة قطيعة مع السلطات في شرق ليبيا وتواجه غضبا شعبيا بعد اقتحام متظاهرين لمقرّها بالعاصمة طرابلس، بسبب فشلها في التوصل الى حلّ سياسي ينهي سنوات الأزمة.
ومن المرجح بعد موقف حكومة الشرق، أن تصبح البعثة ممنوعة من العمل والنشاط في المناطق الخاضعة لنفوذ الحكومة والجيش الليبي ومن التعامل مع الشخصيات السياسية هناك، كما ستصطدم خارطة الطريق التي تعتزم المبعوثة الأممية طرحها خلال الفترة القادمة، بالرفض وعدم التفاعل، الأمر الذي سيعرقل مساعيها في دفع العملية السياسية بالبلاد.
والثلاثاء الماضي، قالت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، إنّها تعتزم إطلاق عملية سياسية تمكن الليبيين من اختيار قادة جدد للبلاد وإنتاج حكومة موحدة، وذلك ضمن محاولة جديدة لإنهاء الأزمة السياسية التي طالت.
ودعت البعثة الاممية جميع الليبيين، السبت إلى المشاركة في استطلاع رأي عام بشأن أربعة خيارات اقترحتها اللجنة الاستشارية، بهدف الوصول إلى تسوية سياسية تفضي إلى إجراء الانتخابات واستعادة شرعية مؤسسات الدولة.
وأوضحت البعثة، عبر منصاتها الرسمية، أن هذه الخيارات تمثل ثمرة جهد ليبي خالص، قُدّم إلى البعثة من قبل أعضاء اللجنة الاستشارية الليبية، في إطار المساعي الرامية إلى إيجاد مخرج توافقي ينهي الانسداد السياسي ويضع البلاد على طريق الاستقرار.
ودعت البعثة المواطنين إلى الاطلاع على الخيارات المطروحة والمساهمة بآرائهم من خلال الاستطلاع الإلكتروني الذي أطلقته، مؤكدة أن مشاركاتهم ستُؤخذ بعين الاعتبار في المرحلة المقبلة.
وطرحت البعثة على المشاركين سؤالاً مباشراً جاء فيه "ما هو الخيار الذي تعتقد أنه الأكثر واقعية وقابل للتنفيذ؟"، مرحبةً بجميع الآراء والمقترحات الأخرى التي قد تُسهم في دعم المسار السياسي.
وعلقت المبعوثة الأممية تيتيه على الوضع السياسي المعقد في البلاد، قائلة إن التسرع في العملية السياسية وخارطة الطريق يهدد بتقويض شرعيتها واستدامتها.
وأضافت في حوار مع "بوابة الوسط"، أن تحريك العملية السياسية بات أمرا ملحًا كما نتفهم تماما الإحباط الذي عبر عنه الكثير من الليبيين. وشددت على ضرورة أن تكون خارطة الطريق نتاج عملية تشاورية شاملة وذات مغزى، وأن تُبني على التوافق حول سبل المضي قدماً نحو إجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات.
وتابعت "هذا يعني التواصل مع عموم الليبيين في جميع أنحاء البلاد، وليس فقط مع القادة السياسيين والأمنيين"، مضيفة "نحن بحاجة إلى فهم وجهات نظر الليبيين اليوم، في ضوء التطورات التي طرأت منذ تعليق العملية الانتخابية الأخيرة".
وذكرت أن هذه التطورات قد تكون أثرت على آراء الناس بشأن نوع الحل السياسي الأنسب لتحقيق تطلعاتهم. وأشارت إلى إجراء مشاورات على مستوى البلاد لضمان تمثيل أصوات جميع الليبيين من مختلف المناطق والمكونات الاجتماعية والمجتمعات المحلية والانتماءات السياسية.
وبينت أن هدف البعثة هو تقديم خارطة طريق محددة زمنياً وقابلة للتطبيق، تستند إلى توافق الآراء، وبإمكانها أن تفضي إلى إجراء الانتخابات.
وأكدت ضرورة أن تحظى خارطة الطريق هذه بدعم مجلس الأمن ونعتقد أن هذا النهج سيخدم الشعب الليبي بشكل أفضل على المدى الطويل.