البنك الدولي يرسم صورة قاتمة للوضع اللبناني

البنك الدولي يبدي استعدادا مشروطا لتقديم كل الدعم لحكومة لبنانية جديدة تنفذ الاصلاحات المطلوبة، محذّرا من أنه لم يعد أمام لبنان كثير من الوقت لإصلاح المشكلات الاقتصادية.

البنك الدولي مستعد لدعم لبنان ويحث على سرعة تشكيل حكومية جديدة
البنك الدولي يتوقع أن يتفاقم الركود الاقتصادي في لبنان
علّة لبنان في نخبته السياسية ونظامه السياسي القائم على المحاصصة الطائفية


بيروت - رسم البنك الدولي اليوم الأربعاء صورة قاتمة للوضع في لبنان محذّرا من الوقت ينفد لحل الأزمة الاقتصادية والسياسية وأن كل يوم يمرّ يزيد معه الوضع تعقيدا، داعيا إلى ضرورة التعجيل بحكومة جديدة بعد أن قدم رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية وحقنا للدماء بعد أن اقتحم أنصار حزب الله ساحة الاعتصام وسط بيروت واعتدوا على المتظاهرين.

وقال البنك الدولي إنه مستعد لتقديم كل الدعم الممكن لحكومة لبنانية جديدة، محذرا من أن البلاد الآن ليس لديها وقت تضيعه لإصلاح المشكلات الاقتصادية التي تتدهور بمرور الوقت.

ودعا البنك الدولي إلى تشكيل حكومة سريعا وقال إنه يتوقع أن يكون الركود في 2019 أكبر بكثير من تقدير سابق بانكماش الاقتصاد بنسبة 0.2 بالمئة.

ودفعت موجة احتجاجات ضخمة ضد النخبة الحاكمة في أرجاء لبنان رئيس الوزراء سعد الحريري للاستقالة الأسبوع الماضي، مما أطاح بحكومته الائتلافية. ولا يوجد أي مؤشر على إحراز تقدم فيما يتعلق بالتوافق حول حكومة جديدة.

ويأتي الاضطراب السياسي في الوقت الذي يصارع فيه لبنان أسوأ توترات اقتصادية ومالية منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990.

والبنك الدولي من المانحين الدوليين الذين تعهدوا العام الماضي بمساعدات بمليارات الدولارات ضرورية للغاية ومشروطة بتطبيق حكومة لبنان لإصلاحات طالما جرى تجاهلها، لكن في ظل عدم اقتناع الحلفاء الدوليين بشكل كامل، لم يتم بعد ضخ الأموال في الاقتصاد اللبناني.

وقال المدير الإقليمي للبنك الدولي ساروج كومار في بيان بعد لقاء الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم الأربعاء "مع مرور كل يوم، يصبح الموقف أكثر حدة وهذا من شأنه أن يجعل التعافي صعبا للغاية".

وقال بيان البنك الدولي "نحن على استعداد لتقديم كل الدعم الممكن للحكومة الجديدة التي تلتزم بالحوكمة الرشيدة والتي تسعى إلى خلق فرص عمل لجميع اللبنانيين، وخاصة للشباب والنساء".

ويواجه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية على وقع خلافات وانقسامات سياسية واضطرابات اجتماعية وضعت الاقتصاد الهشّ الذي يعتمد على تحويلات المغتربين والمعونات الخليجية والدولية على حافة الانهيار.

ولا توجد في الوقت الراهن مؤشرات على نهاية قريبة للأزمة مع استمرار الحراك الشعبي العابر للطائفية ومع انسداد الأفق السياسي وغياب حلول عاجلة لانتشال لبنان من أزمتها.

والشرط الذي اقترحه البنك الدولي لدعم لبنان أي الإسراع بتشكيل حكومة جديدة، سيستغرق وقتا طويلا على أرجح التقديرات. واستنادا إلى شواهد سابقة استمرت مشاورات تشكيل الحكومة السابقة (المستقيلة) أشهرا ولم يكن لبنان وقتها يشهد احتجاجات شعبية بضخامة تلك التي يعيشها حاليا.

وقلب الحراك الشعبي الطاولة على جميع القوى السياسية والنخبة الحاكمة وفق نظام المحاصصة الطائفية، مطالبا برحيل المنظومة الحاكمة التي اتهمها بالفساد وارتهان سيادة لبنان.

ولا يملك لبنان الكثير من الخيارات في المرحلة الراهنة لا على مستوى حل الأزمة السياسية ولا على مستوى الوضع الاقتصادي والاجتماعي، في وقت يعتقد فيه خبراء أن الحل في هدنة اجتماعية تتيح حلّ عقدة تشكيل الحكومة الجديدة.

لكن حتى وإن حصلت هدنة اجتماعية وهذا أمر مستبعد وفق ما هو معلن شعبيا، فإن أي حكومة جديدة ستجد نفسها أمام نفس المعضلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وتركيبة المشهد السياسي اللبناني معقدة بدرجة يصعب معها حل أي أزمة سياسية أو اقتصادية بالسرعة المطلوبة نظرا فكل خطوة باتجاه تصحيح المسار تصطدم عادة بالصراع على النفوذ وهي علّة لبنان منذ اتفاق الطائف.