البوليساريو تواجه أسوأ عزلة منذ 40 عاما

معارض لجبهة البوليساريو يندد بالانتهاكات الخطيرة التي يرتكبها الانفصاليون ضد سكان مخيمات تندوف بمساندة من الحكومة الجزائرية.
معارض للبوليساريو يطالب بضغوط دولية على الجزائر لتحمل مسؤوليتها كبلد مضيف لسكان تندوف

الرباط - أكد رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني السبت في مؤتمر صحفي بمدينة العيون كبرى مدن الصحراء المغربية، أن جبهة البوليساريو الانفصالية تمر حاليا بأكبر عزلة دبلوماسية لم تشهدها من 40 سنة.

وقال العثماني  إن "المرحلة الحالية تشكل أكبر عزلة دبلوماسية للبوليساريو منذ 40 سنة"، موضحا أن "عددا من الدول سحبت اعترافها بالبوليساريو منذ مدة ومؤخرا ارتفع هذه العدد بشكل ملحوظ".
وأضاف أن "عدد الدول التي تعترف بالبوليساريو انخفض لأقل من 28 دولة من أصل 84 في السابق"، مؤكدا أن التعامل مع قضية الصحراء المغربية يتطلب مقاربة شمولية تدمج الأبعاد التنموية والإنسانية والاجتماعية.

وانتقد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية قائد الائتلاف الحاكم في المغرب، بعض الجهات (لم يحددها) التي تقوم بالهجوم على بلاده وتستهدف استقراره وأمنه.
ويشهد إقليم الصحراء المغربية منذ عام 1975 نزاعا بين الرباط وجبهة "البوليساريو"، وذلك بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول إلى مواجهة مسلحة بين الجانبين، توقفت عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، لكن تصعيد الانفصاليين يهدد بشكل دائم الهدنة في المنطقة.
وتقترح الرباط حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، بينما تدعو "البوليساريو" إلى استفتاء لتقرير المصير وهو طرح لا يلقى صدى دوليا ما عدى دعم الجزائر التي تؤوي عشرات الآلاف من اللاجئين من الإقليم.

وكثيرا ما تلجأ قيادة البوليساريو لفك عزلتها إلى التهديد بالتصعيد مستخدمة مفردات الحرب شعارا في خطاباتها، مستغلة الغياب الأممي عن ملف النزاع في الصحراء المغربية منذ استقالة المبعوث الأممي الألماني لهورست كولر.

وتعيش جبهة البوليساريو حالة من التخبط منذ أن أعلنت دول افريقية افتتاح قنصليات في الأقاليم الجنوبية للمملكة وسحب دول أخرى الاعتراف بالكيان غير الشرعي المسمى الجمهورية العربية الصحراوية، في وقت أعلن فيه المغرب توافقه مع الاتحاد الأوروبي على مسار الحل السلمي وفقا للجهود الأممية وضمن حدود السيادة والثوابت الوطنية المعلنة.

لا مجال لحرية الرأي والتعبير في مخيمات تندوف في حضرة البوليساريو
لا مجال لحرية الرأي والتعبير في مخيمات تندوف في حضرة البوليساريو

ويأتي تصعيد الانفصاليين في خضم أزمة داخلية آخذة في التفاقم مع استمرار الاحتجاجات في مخيمات تندوف تنديدا بتورط قيادات من الجبهة في تهريب اثنين من السجناء صادر بحقهما حكم بالإعدام في جريمة قتل.

وكان تهريب سجينين مقربين من قيادات في الجبهة الشرارة التي أشعلت الغضب مجددا في مخيمات تندوف التي ما أن تهدأ فيها الاحتجاجات حتى تتفجر مجددا.

وانتفض سكان تندوف في أكثر من مناسبة احتجاجا على تعرضهم للقمع والتهميش من قبل قيادات البوليساريو وتنديدا بنهب المساعدات الدولية وتحويل وجهتها بتواطؤ جزائري لحساب قادة الجبهة، وفق ما سبق أن أكدت تقارير غربية.

وفي هذا السياق ندد المدافع عن حقوق الإنسان بمخيمات تندوف والمعارض لقيادة البوليساريو الفاضل ابريكة الجمعة بالقمع والانتهاكات الخطيرة التي يرتكبها الانفصاليون ضد سكان مخيمات تندوف، مؤكدا أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف أن هذه الممارسات ترتكبها الجبهة بمساندة من الحكومة الجزائرية.

ودعا ابريكة مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى إلزام الجزائر بتحمل مسؤوليتها القانونية كبلد مضيف للسكان الصحراويين في تندوف.

ووصف الانتهاكات التي يرتكبها القادة الانفصاليون والأجهزة الجزائرية ضد الصحراويين في مخيمات تندوف، محملا المسؤولية القانونية إلى الجزائر التي تتكتم عن الخروقات المرتكبة بحق هؤلاء السكان.

وقال خلال مداخلته أمام أعضاء مجلس حقوق الإنسان بقصر الامم المتحدة، إن "جسدي لايزال يحمل آثار الجروح وعلامات التعذيب الذي عانيته خلال الخمسة أشهر الأخيرة من سنة 2019 في المعتقلات السرية التي تديرها البوليساريو برعاية من الحكومة الجزائرية".

كما ندد أيضا بالقمع الذي تمارسه جبهة البوليساريو بدعم من أجهز الأمن الجزائرية ضد حرية الرأي والتعبير في المخيمات، قائلا "هناك لا مجال للكلام عن شيء اسمه حرية الرأي و التعبير وكل الأصوات المعارضة للبوليساريو مصيرها التنكيل".

وكان ابريكة قد اختطف من طرف مسلحي البوليساريو مع اثنين من زملائه بسبب تدوينة على وسائل التواصل الاجتماعي للانتهاكات تفضح الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها قادة البوليساريو. وقال لقد "تم احتجازنا خارج القانون في أماكن مجهولة تعرضنا فيها لشتى أنواع التعذيب والتنكيل".

وأضاف إن "اختطافي جاء أيضا كانتقام من طرف المخابرات الجزائرية الذين شاركوا في استنطاقي وتعذيبي فقط لأنني تجرأت على تنظيم وقفة احتجاجية أمام سفارة الجزائر بمدريد للمطالبة بالكشف عن مصير ابن عمي وأحد قياديي جبهة البوليساريو الخليل أحمد ابريه المختفي قسرا منذ اختطافه سنة 2009 من طرف المخابرات الجزائرية بالجزائر العاصمة".