
البوليساريو تواجه الهزيمة المذلة في الكركرات بحملة تضليل
الجزائر/الرباط - قابلت جبهة البوليساريو الانفصالية الهزيمة المذلة التي ألحقها بها الجيش الملكي المغربي الذي دفع ميليشياتها صاغرة إلى خارج منطقة ومعبر الكركرات، بحملة تضليل إعلامي روجت فيها زورا لضرب مواقع عسكرية مغربية على طول الجدار الأمني العازل بالصحراء المغربية.
وحملة التضليل التي تقودها المنصات الإعلامية للجبهة انطلاقا من الجزائر لم تكن الأولى فعلى مدى عقود من النزاع الذي تؤججه الجزائر، اعتمدت البوليساريو على ترويج الأكاذيب لجهة إقناع مؤيديها بطروحاتها ولجهة خداع الرأي العام العالمي.
وزعمت البوليساريو في بيان عسكري حمل رقم 2 ونشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن مسلحيها يواصلون لليوم الثاني على التوالي قصف "قواعد عسكرية ونقاط إسناد ومراكز إمداد مغربية"، مضيفة أن تلك المواقع تعرضت يوم أمس السبت "لوابل من النيران لم تستطع الدفاعات المغربية صدها".
وللإيهام بأن ميليشياتها قادرة على الصمود وأن هجماتها حققت أهدافها، اعتمدت المنصات الإعلامية للجبهة ومن ضمنها منصات جزائرية على صور لأحداث في دول تشهد توترات وصراعات مسلحة، فعلى سبيل المثال سوقت لصورة تظهر تحطم طائرة استطلاع عند الشريط العازل، ادعت أنها للقوات المسلحة الملكية المغربية وهي صورة معروفة ومتداولة على شبكات التواصل الاجتماعي وفي مواقع إخبارية دولية لطائرة استطلاع تركية أُسقطت على الحدود بين تركيا وسوريا.
وبحسب رصد من موقع 'هسبريس' المغربي، روجت البوليساريو كذلك لفيديو يظهر قصفا صاروخيا لقواعد عسكرية وقدمتها على أنها هجمات قامت بها ميليشياتها على قواعد مغربية، فيما تعود التفاصيل والأحداث الواردة في المقطع المصور لقصف صاروخي من التحالف العربي لقواعد عسكرية تابعة للمتمردين الحوثيين في اليمن.
والمثير للسخرية في روايات ودعايات الجبهة الانفصالية ترويجها لمشاهد من مواجهات سابقة بين قوات هندية وباكستانية في إقليم كشمير.
وعادة ما تستخدم مثل هذه الدعايات المخادعة في سياق الحرب النفسية للتضليل والأمثلة على ذلك كثيرة وأقربها تلك المتعلقة بالحرب في سوريا، فمثلا انتشرت فيديوهات أو صور أعدت مسبقا تظهر عشرات الأشخاص في حالات اختناق بدعوى تعرض مناطقهم لقصف بغازات سامة، ليتضح لاحقا أنها مجرد خداع لكنها كانت محبكة من حيث الإخراج والمونتاج على خلاف السذاجة التي أظهرتها البوليساريو في أحدث حملات الكذب والتضليل.
وتعكس بيانات البوليساريو التضليلية حالة اليأس والإفلاس الأخلاقي والسياسي والعسكري لقيادة الكيان غير الشرعي المسمى الجمهورية الصحراوية.

والأمر على ما بدا فيه من سذاجة واستغباء للصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف تحت حراب الانفصاليين وأيضا استغباء للقلائل من انفصاليي الداخل (في بعض الأقاليم الجنوبية للملكة)، كان الهدف منه على الأرجح الإيهام بقدرة ميليشيات البوليساريو على الصمود والمباغتة وامتلاك زمام المبادرة في الردّ العسكري.
وتؤكد كل التحليلات أن مجرد اقتراب ميليشيات البوليساريو من الجدار الأمني العازل وأي مغامرة قد تقدم عليها ستكون بمثابة انتحار، فعملية الجيش الملكي المغربي الذي أظهر حزما في مواجهة انتهاكات الجبهة الأخيرة في معبر الكركرات، كانت خاطفة وناجعة لم تستغرق إلا وقتا وجيزا لتطهير المعبر وإعادة فتحه وتأمينه من أي عمليات تسلل محتملة، وهو أمر اختبره الانفصاليون.
وإزاء الهزيمة المذّلة التي أحرجت زعيم البوليساريو إبراهيم غالي، كان لابد للجبهة من البحث عن وهم تسوقه لحفظ ماء الوجه وكانت حملة التضليل المفضوحة سبيلا وقد تنطلي على الصحراويين في تندوف الممنوعين من التواصل مع العالم الخارجي والذين لا يعرفون من وسائل التواصل الافتراضي إلا الأسماء.
وتجد البوليساريو أيضا في حملات التضليل والخداع سبيلا لتجييش مناصريها في الداخل من النشطاء المؤيدين لطروحاتها الانفصالية ضمن ما يعرف باستفتاء تقرير المصير الذي تقابله طروحات عقلانية وواقعية وهي مبادرة المغرب للحكم الذاتي تحت سيادته وهو المقترح الذي لاقى استحسانا من قبل المجتمع الدولي باستثناء قلة في المحيط الإقليمي الإفريقي ومنها الجزائر وجنوب إفريقيا.
الاتحاد الأوروبي يشدد على الحفاظ على حرية الحركة والمبادلات الحدودية في منطقة الكركرات، مؤكدا أثرها الكبير على كامل منطقة المغرب والساحل
وتريد الجبهة الانفصالية كذلك عبر البيانات الكاذبة والمضللة التغطية على محدودية خياراتها في النزاع القائم بالصحراء المغربية وعلى قصر نظرها لذلك كان قرار إبراهيم غالي بانتهاء وقف إطلاق النار المبرم في تسعينات القرن الماضي برعاية أممية، نتاجا لحالة الإفلاس واليأس.
وبعد دحر ميليشيات البوليساريو وطردها من معبر الكركرات كان بمقدور القوات المغربية المضي إلى ما وراء المنطقة العازلة، لكن المغرب الذي أبدى قدرا كبيرا من ضبط النفس، أكد مرة أخرى التزامه بالمواثيق الدولية في ما يتعلق بنزاع الصحراء.
وأكد قيادي في جبهة البوليساريو أن "آلاف المتطوعين" يتم تجنيدهم للالتحاق بالقوات المسلحة الصحراوية للرد على العملية العسكرية التي نفذها المغرب في معبر حدودي مع موريتانيا.
وقال وزير خارجية الكيان غير الشرعي المسمى 'الجمهورية العربية الصحراوية' التي أعلنت بوليساريو قيامها في الجزائر منذ 1976، محمد سالم ولد السالك "آلاف المتطوعين الذين أنهوا تدريبهم يستعدون للالتحاق بالمناطق العسكرية"، مضيفا"هناك المئات أيضا يوجدون في المدارس العسكرية". وتحدث عن "استمرار المعارك بشكل متصاعد" في أقصى جنوب الإقليم.
والجمعة بدأت القوات المغربية عملية "لإقامة حزام أمني" لإعادة فتح المعبر الحدودي مع موريتانيا في منطقة الكركرات العازلة، بعد ثلاثة أسابيع من الغلق. وأعيد فتح الطريق السبت.
واعتبرت جبهة بوليساريو أن العملية العسكرية المغربية بمثابة "إعلان حرب" ينهي اتفاق وقف إطلاق النار الموقع قبل 30 عاما برعاية الأمم المتحدة.
وتحدث وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأحد إلى نظيريه المغربي ناصر بوريطة والجزائري صبري بوقدوم، مشددا على "الأهمية القصوى لضمان احترام اتفاقات وقف إطلاق النار"، وفق ما جاء في بيان، معبرا عن أمله في "استئناف سريع" للمفاوضات المعلقة منذ مارس/آذار 2019 برعاية الأمم المتحدة وتعيين مبعوث أممي خاص للصحراء المغربية. وأضاف البيان أن وزير الخارجية المغربي أكد التزام بلاده باحترام وقف إطلاق النار.
وقدم المبعوث السابق الألماني هورست كولر، استقالته في مايو/أيار 2019 "لأسباب صحيّة" من دون أن يخلفه أحد.
وشدد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي على أهمية "الحفاظ على حرية الحركة والمبادلات الحدودية" في منطقة الكركرات وأثرها الكبير على كامل منطقة المغرب والساحل التي وصفها بأنها "منطقة ذات أهمية إستراتيجية".
والصحراء المغربية منطقة صحراوية تمتد على مساحة 266 ألف كيلومتر مربع على الساحل الأطلسي شمال موريتانيا وهي مستعمرة إسبانية سابقة استعاد المغرب سيادته فيها على ثمانين بالمئة منها، ويقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادته، في حين تطالب جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر، باستقلالها.