التحالف الدولي يسلم قاعدة القيارة للقوات العراقية

القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة القيارة تنسحب بشكل كامل منها بعد انسحاب مماثل للقوات الفرنسية وتسلم جميع المتعلقات العسكرية الخاصة بمواقعها لقوات الجيش العراقي.

بغداد ـ سلم التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية بقيادة الولايات المتحدة، اليوم الخميس، قاعدة القيارة العسكرية جنوبي مدينة الموصل (شمال)، إلى السلطات العراقية، وفق مصدر عسكري.
ويأتي تسليم قاعدة القيارة بعد يوم واحد من مغادرة القوات الفرنسية العراق، عقب اتفاقات مع حكومة بغداد (دون توضيح أسباب)، وأسبوع من تسليم التحالف قاعدة القائم العسكرية (غرب) إلى القوات العراقية.
وقال مصدر في وزارة الدفاع العراقية إن "القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة القيارة، انسحبت صباح الخميس، بشكل كامل منها".
وأوضح أن "جميع المتعلقات الخاصة بالمواقع التي كانت تشغلها القوات الأميركية في القاعدة العسكرية، تسلمتها قوات الجيش العراقي بشكل رسمي".

من جهته، أعلن التحالف الدولي مغادرة مئات من جنوده ومدربيه الأراضي العراقية، وتسليم مقاره وقواعده إلى الجيش العراقي.
وقال المتحدث باسم التحالف الكولونيل مايلز كيغنز عبر تويتر إن "قيادة قوات التحالف الدولي سلمت مقراتها داخل القواعد إلى وزارة الدفاع العراقية، كما غادر مؤقتا مئات الجنود والمدربين للحفاظ على سلامتهم من فيروس كورونا".
وأضاف كيغنز أن "تواجد بعثات التحالف الدولي يأتي بدعوة رسمية من الحكومة العراقية لهزيمة فلول داعش".
مع نهاية العام 2017، أعلنت بغداد "النصر" على تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر لنحو ثلاث سنوات على ما يقارب ثلث مساحة العراق. ومنذ ذلك الحين، يؤكد التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي كان له دور حاسم بالدعم الجوي والتدريب والقوات الخاصة، أنه سيسحب قواته.

وحالياً، فإن 2500 مدرب، أي ما يقارب ثلث قوات التحالف، غادروا أو ما زالوا يغادرون البلاد، مع تعليق عمليات التدريب مع القوات العراقية.

والأسبوع الماضي، غادرت القوات الأجنبية قاعدة القائم الغربية على الحدود مع سوريا، بما في ذلك الفرنسيون والأميركيون، فيما أعلنت بريطانيا وأستراليا سحب مدربيها فقط من العراق.

والأربعاء، أعلنت السلطات العراقية أن القوات الفرنسية العاملة ضمن التحالف الدولي، غادرت البلاد بناء على "اتفاقات" مع بغداد.
وتنشر فرنسا، العضو في التحالف، نحو 200 عسكري في العراق، بينهم 160 يتولون تدريب الجيش العراقي، وفق هيئة الأركان الفرنسية.
ويأتي الإعلان العراقي بعد ساعات من إعلان وزارة الدفاع التشيكية، سحب قواتها العاملة في العراق والتي يصل عددها حنو ثلاثين، بسبب التهديدات الأمنية وانتشار كورونا.
والجمعة الماضية، أعلن التحالف الدولي سحب وإعادة تمركز قواته في العراق، خوفا من تفشي الفيروس الذي ارتفع إجمالي المصابين به في البلاد إلى 363، من ضمنها 31 وفاة و89 حالة شفاء، حسب ما أعلنت عنه السلطات الصحية العراقية الخميس.

ويبدو أن تفشي كوفيد-19 سرّع عمليات الانسحاب، واضطر السلطات العراقية إلى تمديد حظر التجول في عموم البلاد حتى 11 نيسان/أبريل.

لكن قوات التحالف تعرضت في الأشهر الستة الأخيرة إلى هجمات صاروخية عدة، على غالبية القواعد التي تتواجد فيها.

وسقط صاروخا كاتيوشا فجر الخميس على المنطقة الخضراء شديدة التحصين بوسط بغداد، حيث مقرّ السفارة الأميركية، بحسب ما أعلنت خلية الإعلام الأمني الرسمي في بيان.

ولم يسفر هذا الهجوم، وهو السادس والعشرون منذ أواخر تشرين الأول/أكتوبر، عن سقوط أي ضحايا أو أضرار.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن أي من الهجمات، غير أن واشنطن توجه أصابع الاتهام إلى كتائب حزب الله المقربة من إيران.

وكانت القوات العراقية تواصل تنفيذ عمليات مع قوات التحالف ضد الجهاديين، رغم تصويت البرلمان العراقي على انسحاب 5200 جندي أميركي من البلاد عقب مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بغارة أميركية قرب مطار بغداد في يناير الماضي.

وأسفر أحد الهجمات في 11 آذار/مارس على قاعدة التاجي شمال بغداد، عن مقتل عسكريين أميركيين ومجنّدة بريطانية.

وفي تسجيل فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي حينها، أعلنت مجموعة تطلق على نفسها اسم "عصبة الثائرين"، تبنيها للهجوم ضد "الشيطان الأميركي".

لكن بالنسبة إلى كبار مسؤولي التحالف الدولي، فإن هذه المجموعة ليست إلا الأشخاص نفسهم باسم آخر.

ويقول أحد المسؤولين "هم نفس الأشخاص، لكنهم الآن ينظمون أنفسهم بشكل مختلف قليلاً".

وإذا ما كان رحيل القوات الأجنبية من القواعد العراقية التي انتشرت فيها حدثاً كبيراً جديداً في العراق، فإنه لا يبهر الرأي العام القلِق من وباء كورونا الذي يمكن أن يكون كارثياً في بلد يعاني من نقص مزمن في الأدوية والأطباء والمستشفيات.

ويواجه العراق الأزمة الحالية، بلا حكومة جديدة منذ استقالة عادل عبدالمهدي في كانون الأول/ديسمبر الماضي.

وكلف رئيس الجمهورية برهم صالح قبل نحو عشرة أيام عدنان الزرفي بتشكيل حكومة، بعد اعتذار محمد توفيق علاوي بسبب معارضة الأطراف السياسية الشيعية الموالية لإيران.

وقدّم الزرفي الذي تحشد إيران لرفض تكليفه، وعوداً بتحسين وتطوير المجال الصحي في البلاد، غير أنه لم يتطرق إلى مسألة رحيل القوات الأجنبية، الأمر الحساس في بلد عالق بين حليفيه المتعاديين، الولايات المتحدة وإيران.

وبدا أن واشنطن قدمت دعماً غير مباشر للزرفي، ولكن لمدة ثلاثين يوماً فقط، مع تمديد فترة الاستثناء من العقوبات على طهران التي تعتمد عليها بغداد لاستيراد الطاقة.