التحالف يستبق عملية برية تركية بتعزيزات عسكرية لشمال سوريا

التحالف الدولي بقيادة واشنطن يدفع بتعزيزات تضم قافلة من 100 عربة هي السادسة خلال الشهر الحالي لقواعد أميركية في تل بيدر وقسرك جنوبي الحسكة، فيما يأتي هذا التحرك على وقع تصعيد عسكري تركي واستعدادات لإطلاق عملية برية واسعة ضد كوباني.

بيروت - دفعت قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي تقوده الولايات المتحدة بتعزيزات عسكرية ولوجستية لمناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال وشرق سوريا والتي يشكل المسلحون الأكراد غالبية مقاتليها، في تحرك يأتي بينما تتعرض هذه المنطقة لتصعيد عسكري تركي بدأ في 19 نوفمبر/تشرين بغارات جوية مكثفة بينما تستعد أنقرة لإطلاق عملية برية واسعة لبناء حزام أمني من الغرب إلى الشرق على حدودها.

وتأتي هذه التطورات بعدما تعرضت قاعدة عسكرية مشتركة تابعة للتحالف وقوات سوريا الديمقراطية لقصف تركي قتل فيها اثنان من مسلحي قسد، بينما سبق للولايات المتحدة أن حذّرت تركيا من تعريض قواتها للخطر.

ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من لندن مقرا له ويتابع تطورات الوضع في سوريا منذ بدء الحرب السورية في 2011 اعتمادا على شبكة واسعة من المراسلين، فإن التعزيزات العسكرية الإضافية التي دفع بها التحالف الغربي إلى مناطق شمال وشرق سوريا قادمة من معبر الوليد الحدودي مع إقليم كردستان العراق.

وقال المرصد إن "التعزيزات تتألف من نحو 100 شاحنة، حيث عبرت مدينة القامشلي واتجهت نحو قواعد أميركية في تل بيدر وقسرك جنوبي الحسكة"، موضحا أن هذه القافلة هي السادسة خلال الشهر الحالي التي تدخل إلى المنطقة المضطربة بالتزامن مع تصعيد جوي تركي ضد معاقل التنظيمات الكردية السورية المسلحة.

ويدعم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري والتي شكلت ولا تزال رأس الحربة في الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

ويرجح أن التعزيزات العسكرية للتحالف تأتي على وقع استعداد تركيا لشن هجوم بري واسع بعد حملة جوية مكثفة على معاقل المسلحين الأكراد الذين تتهمهم أنقرة بالمسؤولية عن تفجير اسطنبول في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي الذي قتل فيه 6 أتراك وأصيب فيه العشرات ونفت التنظيمات الكردية السورية وحزب العمال الكردستاني مسؤوليتهما عنه.

وتجاهلت تركيا الاعتراضات الأميركية والروسية على العملية العسكرية الجوية ورفضهما أيضا لعملية برية يجري التحضير لها، إلا أن موقف القوتين العالميتين المتدخلتين في الصراع السوري بدا أقل حزما من مواقف سابقة، ما أعطى الانطباع بوجود ضوء أخضر لتركيا ضمن تسويات أو صفقات محتملة يجري العمل عليها.

وجاء التصعيد التركي بينما أبدت أنقرة استعدادها لتطبيع العلاقات مع النظام السوري بعد نحو 11 عاما من العداء وعمل تركي دؤوب لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.

واعتبر الموقف التركي انعطافة في مسار النزاع وتحولا باتجاه تصفية المشكلة الكردية بالتعاون مع دمشق وهو أمر ترغب فيه تركيا بشدة وتدفع روسيا العالقة في حرب مدمرة في أوكرانيا، إلى انجازه.

ويتوجس أكراد سوريا من أن يكونوا ثمنا لصفقات تجري في غرف مغلقة بين روسيا ودمشق وتركيا، بينما يشعرون في الوقت ذاته بأن الحليف الأميركي خذلهم مجددا.

وأشار المرصد السوري كذلك إلى أنه رصد يوم الجمعة دخول تعزيزات عسكرية للتحالف إلى مناطق انتشار وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تم استقدامها من المنطقة الحدودية مع إقليم كردستان العراق الذي يتعرض بدوره لقصف تركي وإيراني يستهدف معاقل تنظيمات كردية معارضة تركية وإيرانية.

وتشمل التعزيزات العسكرية التي دفع بها التحالف 30 شاحنة يعتقد أنها محملة بمواد لوجستية إضافة إلى صهاريج وشوهدت وهي تتجه إلى قواعد عسكرية تابعة للتحالف في الجنوب السوري بعد أن عبرت مدينة الحسكة.

وتأتي هذه التطورات بينما نفذت طائرات حربية تركية ليل السبت-الأحد، غارات جوية مكثفة، استهدفت مناطق انتشار القوات الكردية وقوات النظام  السوري بريف حلب الشمالي في شمال شرقي سوريا.

ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن الغارات استهدفت مواقع في كل من مطار منج العسكري وشوارغة ومرعناز والمالكية، بينما لم ترد بعد معلومات عن خسائر بشرية.

وشن سلاح الجوي التركي منذ بدء العملية العسكرية في 19 نوفمبر الحالي، 50 غارة استهدفت آليات ونقاط ومواقع متفرقة للتنظيمات الكردية في كل من حلب والحسكة والرقة، متسببة بمقتل 45 شخصا وإصابة 34 شخصا آخرين  بجراح متفاوتة.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية قبل يومين أن قواتها نجحت في تحييد (تصفية) أكثر من 300 مسلح كردي في العملية المتواصلة في كل من شمالي العراق وسوريا.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد توعد في أحدث تصريحاته بأن بلاده عازمة على اقتلاع التنظيمات الكردية التي وصفها بـ"الإرهابية" في كل من سوريا والعراق، ملمحا إلى عملية برية واسعة لم يحدد موعدها لكن إطلاقها يبقى مسألة وقت لا غير.

وتشير تصريحات أردوغان الأخيرة وقبلها تأكيد تركيا أن منفذة هجوم اسطنبول سورية من كوباني (عين العرب) جندتها التنظيمات الكردية، إلى أن الهدف للعملية البرية ستكون كوباني التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية منذ دحر تنظيم الدولة الإسلامية منها.

وانتزاع كوباني سيمثل ضربة قاصمة للمسلحين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة ولحلم إنشاء كيان كردي على تخوم تركيا. كما سيتيح احتلالها من قبل القوات التركية لأنقرة توسيع الحزام الأمني بعمق 30 كيلومتر مربع.