التراخي الدولي يفتح شهية أردوغان للتوسع من ليبيا إلى الصومال

الرئيس التركي يقول إن مقديشو طلبت من بلاده التنقيب عن النفط في المياه الصومالية في إعلان يأتي وسط توترات يثيرها إصرار تركيا على مواصلة أنشطة التنقيب شرق البحر المتوسط.
الصومال فضاء جيوسياسي حيوي للأطماع التوسعية التركية القطرية
أردوغان يتحرك في فضاءات افريقية ترتبط فيها قطر بصلات وثيقة مع المتشددين
أوروبا تخاطر بأمنها ومصالحها بسوء التعاطي مع اندفاع أردوغان

أنقرة - أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الصومال طلبت من بلاده التنقيب عن النفط في مياهها، في إعلان يأتي وسط توترات يثيرها إصرار تركيا على مواصلة أنشطة التنقيب شرق البحر المتوسط.

وجاءت تصريحات أردوغان بعد مشاركته في مؤتمر برلين حول ليبيا في الوقت الذي يصر فيه على استمرار التدخل العسكري سواء من خلال المرتزقة من الفصائل السورية المتشددة الموالية لتركيا أو من خلال قوات نظامية على الأرض قال إنها لم تصل بعد وأن من وصلوا مستشارون عسكريون لدعم سلطة الوفاق التي يقودها رجل الأعمال الليبي البريطاني فايز السراج المسنود من جماعة الإخوان المسلمين وميليشيات تدين لها بالولاء.

وكان لافتا أن التراخي الدولي وتحديدا الأوروبي في التعاطي بواقعية وبحزم مع التدخل العسكري التركي في ليبيا وتمسكه بانتهاك الاتفاقيات الدولية المتعلقة بعمليات التنقيب في شرق المتوسط، شجع أردوغان على توسيع أطماعه لتشمل مياه الصومال.

والصومال الذي يتقلب على وقع أزمة داخلية وانفلاتات أمنية وهجمات إرهابية تشنها حركة الشباب الصومالية، فضاء جيوسياسي حيوي للأطماع التركية وتتناغم بيئته المتوترة مع أهداف التحرك التركي في ربط صلات مع التنظيمات المتشددة على غرار مع فعل في سوريا وما يفعل في ليبيا.

وأصبحت تركيا من كبار مانحي المساعدات للصومال بعد مجاعة ألمت بالبلد الإفريقي عام 2011 إذ تسعى أنقرة لزيادة نفوذها في البلد الإفريقي الذي تمزقه الصراعات وهي بيئة يحبذها الرئيس التركي للتمدد تحت عنوان المدّ الاغاثي والإنساني.

ويساعد مهندسون أتراك في تشييد الطرق بالصومال. كما درب ضباط أتراك جنودا صوماليين في إطار ما يسمى بجهود بناء الجيش الصومالي.

وقال أردوغان للصحفيين على متن طائرته العائدة من برلين حيث شارك في قمة بشأن ليبيا إن تركيا ستتخذ خطوات على ضوء الدعوة الصومالية، لكنه لم يدل بالمزيد من التفاصيل.

ونسبت قناة 'إن.تي.في' إلى أردوغان قوله "هناك عرض من الصومال. يقولون: هناك نفط في مياهنا وأنتم تقومون بهذه العمليات مع ليبيا وبوسعكم القيام بها هنا أيضا"، مضيفا "هذا مهم جدا بالنسبة لنا... لذلك ستكون هناك خطوات نتخذها في عملياتنا هناك".

وكانت تركيا قد وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الوطني الليبية في خطوة أثارت غضب اليونان وقبرص ومصر والعديد من الدول الغربية والعربية. وتتباين مواقف أثينا وأنقرة إزاء الموارد البحرية قبالة ساحل جزيرة قبرص المنقسمة.

اردوغان يسعى للتوسع في الصومال عبر التنقيب عن النفط
التعامل مع الانتهاكات التركية كأمر واقع شجع اردوغان على التمدد الخارجي

ولم تصدر الحكومة الصومالية ما يؤكد أو ينفي صحة تصريحات أردوغان، إلا أنه من الواضح في خضم هذا المشهد الذي يزداد تعقيدا أن مقديشو اختارت منذ فترة التخندق في المحور القطري التركي.

وسبق للرئيس الصومالي أن فتح أبواب بلاده أمام التوسع القطري من بوابة الاستثمارات في تطوير الموانئ والاتفاقيات التجارية، فيما تشكل هذه البوابة في الوقت ذاته منافذ مهمة للنظام القطري للتواصل المباشر مع حركة الشباب الصومالية.

وتركيا وقطر حليفان تعززت علاقاتهما بعد قرار المقاطعة العربية والخليجية للدوحة في يونيو/حزيران 2017 بعد أن افتضح تورط الدوحة في دعم وتمويل الإرهاب.

ويشكل الصومال فضاء جغرافيا حيويا للحليفين للتوسع والتمدد باستثمار ضعف الحكومة القائمة في الصومال وفي ظل تنامي قوة حركة الشباب الفرع الصومالي للقاعدة والتي تشير تقارير إلى ارتباطات وثيقة بينها وبين الدوحة تحت أكثر من غطاء تمويهي لتضليل المجتمع الدولي والتغطية على الارتباطات المشبوهة.

وفي الوقت الذي كان يفترض فيه أن يضع الاتحاد الأوروبي كقوة دولية وازنة في دول حوض المتوسط، حدا لخروقات الرئيس التركي، تعامل معه على ما يبدو كأمر واقع بما يشمل تدخله السافر في الأزمة الليبية وتهديداته بتوسيع نشاطات التنقيب عن النفط.   

وينذر إعلان أردوغان بتأجيج التوتر في شرق المتوسط، فيما يبدو أنه ماض في تصعيده حتى النهاية على جبهة لا تقل أهمية عن جبهتي سوريا وليبيا.

وأكد الرئيس التركي كذلك أن بلاده ستواصل دعم المسار السياسي في ليبيا ميدانيا وعلى طاولة المباحثات، في تهديد علني يؤكد مضيّه في انتهاك القانون الدولي.

وقال "الخطوات التي اتخذناها بشأن ليبيا حققت توازنا في المسار السياسي وسنواصل دعم هذا المسار في الميدان وعلى طاولة المباحثات".

وأضاف أن تركيا وقفت ضد مقترح مشاركة الاتحاد الأوروبي في مسار دعم السلام بليبيا بصفة منسق عوضا عن الأمم المتحدة، مؤكدا أنه في حال تم الالتزام بوقف إطلاق النار في ليبيا، فإن الطريق سيكون ممهّدا أمام الحل السياسي.

وفيما يخص دعوة رئيس الوزراء اليوناني لحفتر إلى أثينا، قال أردوغان "ميتسوتاكيس (رئيس وزراء اليونان) دعا حفتر إلى أثينا من أجل استفزاز تركيا. أحد الزعماء أبلغني بأن رئيس الوزراء اليوناني يريد إصلاح علاقات بلاده مع تركيا. قلت له عليه أولا أن يصلح خطأه (دعوة حفتر إلى أثينا)".

وتعارض اليونان ومصر والعديد من الدول الغربية عمليات التنقيب التركية في شرق المتوسط التي بدأت قبل أشهر في المياه القبرصية ومرت دون موقف دولي حاسم يضع حدا لانتهاكات أردوغان.

ويبدو أن الرئيس التركي استمرأ غياب موقف دولي قوي حينها، فانتقل من مربع إلى آخر غير عابئ بعواقب تأجيج الصراع في بؤر التوتر وفي شرق المتوسط.