الترويج الإعلامي لحقوق العمال أهم لقطر من تنفيذها

أزمة العمال في قطر تنتقل إلى مدراء الشركات والمهندسين والمشرفين ما يكشف العجز المالي الذي تمر به الإمارة الخليجية بسبب المقاطعة.

الدوحة - أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته السبت أن الجهود القطرية لضمان انتظام تسديد أجور العمال كاملة في مواعيدها "لا تفي" بالمعايير الدولية، متحدثة عن ثغرات في أنظمة حماية العمال الوافدين، في وقت تتزايد الشكوك حول قدرة الدوحة على مواصلة التحايل على العمالة الوافدة واستغلال ظروفهم الصعبة بعد انكشاف خداعها أمام المنظمات الدولية.

ووضعت قطر في العام 2015 نظاما لحماية الأجور لضمان تقيّد أرباب العمل بالمواعيد المحددة لدفع أجور موظّفيهم كاملة، وذلك على خلفية انتقادات وجّهتها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش في هذا الإطار.

وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش مايكل بايج "أقرت قطر بعض القوانين لحماية العمال الوافدين، لكن يبدو أن السلطات مهتمة بالترويج لهذه الإصلاحات الطفيفة في وسائل الإعلام أكثر من إنجاحها".

وكشف تقرير هيومن راتيس ووتش أن رب عمل لم يتم ذكر اسمه تأخر في تسديد أجور مدرائه خمسة أشهر، وأجور عماله شهرين، ما يسلّط الضوء على ثغرات في مراقبة وزارة العمل لعدم التقيّد بدفع الأجور.

وقال التقرير أن مشاريع الشركة تشمل إنشاء ملعب لكأس العالم وطرقات وتوظف نحو 6 آلاف شخص، وقد دفعت أجور مستحقة للعمال فقط بعد قيام بعض المتضررين بعمل احتجاجي.

ويحظر القانون القطري الاحتجاجات العامة بدون ترخيص والنشاطات النقابية.

ويشكل الأجانب 90 بالمئة من عدد سكان قطر البالغ 2.75 مليون نسمة، وغالبيتهم من دول نامية يعملون في مشاريع مرتبطة باستضافة الإمارة الخليجية الصغيرة لنهائيات كأس العالم 2022.

وجاء في تقرير المنظّمة نقلا عن سبعة مديرين في الشركة أن 500 مدير لم يتلقوا أجورهم منذ سبتمبر/أيلول 2019، بينهم مجموعة من المهندسين والمساحين والمشرفين.

وقد تلقى غالبية موظفي الشركة في 13 شباط/فبراير أجورهم المتأخرة، فيما يتوقّع أن يتلقى العدد المتبقي أجورهم في 16 شباط/فبراير.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات وصور لعمال أجانب وهم ينفذون وقفات احتجاجية قرب أماكن عملهم في الدوحة بعد أن واصلت الشركات التي تشغلهم امتناعها عن دفع مستحقاتهم منذ أشهر.

وفشلت الدوحة التي تعاني من أزمة مالية بسبب مقاطعة جيرانها لها منذ 2017، في التغطية على عدم قدرتها في وقف استنزاف الحكومة للسيولة النقدية لتلبية التزاماتها المحلية والخارجية في وقت تراجعت فيه الإيرادات على نحو كبير.

وأظهرت بيانات حديثة لمصرف قطر المركزي أن إجمالي ودائع القطاع العام القطري بلغ حتى نهاية العام الماضي نحو 273 مليار ريال (75 مليار دولار أميركي).

وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يونيو/حزيران 2017 العلاقات الدبلوماسية مع قطر، بسبب دعمها للجماعات الإرهابية، ما أثر سلبا على اقتصاد الدوحة التي شهدت المؤشرات المالية والمصرفية فها تراجعا حادا في السنوات الأخيرة.

وخلال سنوات المقاطعة لجأت الدوحة إلى أسواق الدين المحلية والخارجية، بهدف توفير السيولة المالية اللازمة لنفقاتها الجارية للسوق المحلي ولتجهيزات كأس العالم لكرة القدم لإسعاف إيراداتها المالية.

ال
حماية للإستهلاك الإعلامي

وفي عامي 2018 و2019 أصدرت قطر عبر وزارة المالية إحدى أكبر أدوات الدين في تاريخها في الأسواق الخارجية، بقيمة إجمالية بلغت 12 مليار دولار أميركي لكل طرح، عدا عن أدوات دين محلية من البنوك العاملة في السوق.

وخلال العام الجاري 2020، توجهت قطر عبر مؤسساتها الرسمية مرة أخرى وبكثافة نحو الاقتراض وإصدار أدوات دين جديدة لتوفير السيولة اللازمة لنفقاتها الجارية.

ومع تزايد الضغوط الدولية وتقارير المنظمات الدولية، وعدت الدوحة بتسوية وضعية العمال الوافدين لإسكات الانتقادات عبر الترويج إعلاميا لإصلاحات في نظام الكفالة وتحسين ظروف عمال منشآت المونديال، لكنها بقيت حبرا على ورق مع تواصل تبعات المقاطعة.

وكشفت "هيومن رايتس ووتش" السبت أن تقريرا مشتركا أصدرته وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية في حزيران/يونيو 2019 ذكر أن "سلسلة من المشاكل في نظام حماية الأجور تعيق فعاليته، وتثقل كاهله في حالات عديدة".

وقال بايج إن "هذه الحالة لمئات الأجور المتأخرة تؤكد مجددا أن نظام حماية الأجور وإدارة حماية الأجور ليسا كافيين لضمان حصول العمال الوافدين في قطر على رواتبهم في الوقت المناسب وبالكامل".

وألغت قطر مؤخرا تأشيرات الخروج الإلزامية للعمال المنزليين في خطوة أرادت الترويج من خلالها إلى أنها الإمارة الخليجية تسعى لتعزيز حقوق العمال الأجانب لتخفيف الضغوطات والانتقادات الموجهة لها بعد انتهاك حقوق المئات من العمال الأجانب.

في المقابل تقول هيومن رايتس ووتش إن السلطات القطرية وعلى الرغم من إدخال بعض الإصلاحات العمالية على مدار العامين الماضيين، لم تلغِ نظام الكفالة "يمنح أصحاب العمل سلطة مفرطة على موظفيهم".

وواجهت قطر انتقادات من جانب جمعيات حقوق الإنسان بشأن معاملتها للعمال الأجانب الذين يعملون في مشاريع منشآت كأس العالم.

وكشفت تقارير سابقة عن استيلاء السفير القطري في نيبال على ملايين الدولارات من عمليات مشبوهة لتوظيف العمالة في قطر، حيث تحدثت تقارير حقوقية عن ما وصف بظروف استعباد يعيشها العمال الأجانب في الإمارة الخليجية ومعظمهم يعملون في بناء منشآت بطولة كأس العالم التي تستضيفها قطر في 2022.

وللعمال النيباليين معاناة خاصة، فقد لقي أكثر من إلف عامل نيبالي حتفه في قطر في أوضاع اعتبرت في الغالب غير إنسانية.

يذكر أن الإمارة الغنية بالغاز لا تدخر جهدا في تمويل الجماعات الإسلامية المتشددة والميليشات في عدد من البلدان دعما للمشروع التركي القطري في المنطقة، وهو ما استنزف مالها وجعل القطريين أنفسهم يخرجون عن صمتهم ويحتجون على السياسة التي تتبعها الدوحة منذ سنوات جعلتها منبوذة داخليا وخارجيا.