التضليل المناخي يجتاح مواقع التواصل الاجتماعي

تقرير جديد لمنظمة بحثية تجد أن على منصات التواصل التصدي لمئات الآلاف من المنشورات التي تنكر تغير المناخ أو تشكك في أسبابه أو تقلل من آثاره.
العلماء يحثون منصات التواصل الاجتماعية على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الأكاذيب المناخية
تغير المناخ سيستمر وتزداد حدته بمرور الوقت على عكس الوباء
موقع تويتر تضمن في عام 2020 ما يقرب من نصف مليون منشور يتعلق بإنكار تغير المناخ

لندن - يقول باحثو وسائل التواصل الاجتماعي وعلماء المناخ إن مئات الآلاف من المنشورات التي تنكر تغير المناخ يمكن العثور عليها على تويتر وفيسبوك وانستغرام وتيك توك ويوتيوب.
يجد تقرير جديد لمنظمة "أدفانس ديموكراسي"، وهي جهة بحثية تدرس المعلومات المضللة والتطرف، أن هذه المشاركات التي تنكر وجود تغير المناخ أو تشكك في أسبابه أو تقلل من آثاره، غالبا ما تفتقر إلى معلومات موثوقة.
وبحسب موقع "تيك اكسبلور" التقني، يحذر مايكل مان، مدير مركز علوم نظام الأرض بجامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية من أن المصالح المتعلقة بالوقود الأحفوري تعمل على تسليح منصات وسائل التواصل الاجتماعي لزرع الشك والانقسام وقمع الدعم العام لمبادرات تغير المناخ.
ويدعو شركات التكنولوجيا إلى تحديد الحسابات التي تضغط بشكل متكرر على أكاذيب المناخ ومنع المعلومات المضللة من الانتشار دون رادع إلى حد كبير، والإبلاغ عنها وإزالتها.

التضليل المناخي الذي يخفي أو يقلل من شأن المخاطر التي تهدد حياة الإنسان يؤخر الإصلاحات السياسية الضرورية في جميع أنحاء العالم

وقال مان مؤلف كتاب "حرب المناخ الجديدة" لصحيفة "يو إس ايه توداي" لا يوجد شيء أقل من مستقبل هذا الكوكب على المحك.
وكان هناك على موقع تويتر في عام 2020 ما يقرب من نصف مليون منشور يتعلق بإنكار تغير المناخ، ويوجد حتى الآن هذا العام 83،590  محتوى ينكر تغير المناخ.
وقال تويتر في بيان: "نحن ندرك أنه يمكن القيام بالمزيد على خدماتنا لرفع مستوى المعلومات المناخية الموثوق ، بما في ذلك كيفية تخفيف أضرار أزمة المناخ، وتفكر فرقنا في أفضل السبل التي يمكننا من خلالها خدمة محادثة أزمة المناخ العالمية، من خلال الأدوات التي تظهر على السطح وتجعل المعلومات والموارد الموثوقة متاحة بسهولة أكبر."
وعلى نحو متزايد، يستغل المنكرون للتغير المناخي الأحداث المناخية المتطرفة، مثل عاصفة تكساس الشتوية عندما ادعى بعض الناس خطأً أن الثلج كان مزيفًا أو أن حرائق الغابات في كاليفورنيا التي قال البعض إنها كانت نتيجة أشعة الليزر الفضائية للترويج للشك بشأن تغير المناخ من قبل عامة الناس.
عندما فقد الملايين من تكساس قوتهم في فبراير/شباط، لم يصف فيسبوك الادعاءات الكاذبة بأن توربينات الرياح تسببت في الانقطاعات الهائلة التي حصدت ملايين المشاهدات، وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة آفاز غير الربحية.
اعترف مارك زوكربيرغ بأن التضليل المناخي يمثل مشكلة كبيرة في جلسة استماع بالكونغرس في مارس/آذار، ولكن عندما سئل لماذا لم يطبق فيسبوك نفس القواعد على تغير المناخ مثل المعلومات الخاطئة عن كوفيد-19 قال الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك إن الأكاذيب حول الوباء لديها القدرة على التسبب في "ضرر جسدي وشيك"، في حين أن المعلومات المناخية الخاطئة لا تفعل ذلك.

فيسبوك أنشا مركز معلومات علوم المناخ
فيسبوك أنشا مركزا لمعلومات علوم المناخ

وقال متحدث باسم فيسبوك إن المعلومات الخاطئة المتعلقة بتغير المناخ تمثل نسبة صغيرة من المعلومات المضللة الشاملة على منصات فيسبوك الأخرى لكنها رفضت أن تكون محددة.
ويقول جون كوك، الباحث في مركز الاتصالات المتعلقة بتغير المناخ بجامعة جورج ميسن الأميركية والذي يقدم المشورة لفيسبوك، إن منصات وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن تطور سريعا حلولا فعالة للمعلومات المضللة المناخية بالطريقة التي فعلتها مع كوفيد.
ويضيف "تعد المعلومات الخاطئة عن كوفيد تهديدا مباشرا واضحا وكانت منصات وسائل التواصل الاجتماعي استباقية بشكل مناسب في الاستجابة السريعة ومنع انتشارها، وبالمثل، يمثل تغير المناخ تهديدا مباشرا حيث تحدث تأثيرات المناخ الآن في جميع أنحاء العالم، وعلى عكس الوباء، فإن تغير المناخ سيستمر وتزداد حدته بمرور الوقت، وهذا يؤكد سبب ضرورة أن تكون لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي خطوات عاجلة لوقف انتشار المعلومات المناخية المضللة".
ويحث العلماء منصات التواصل الاجتماعية على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الأكاذيب المناخية.

المصالح المتعلقة بالوقود الأحفوري تعمل على زرع منصات وسائل التواصل الاجتماعي بالشك والانقسام وقمع الدعم العام لمبادرات تغير المناخ

ويقول باحثو وسائل التواصل الاجتماعي إنه من الصعب التعامل مع حجم المعلومات المضللة المتعلقة بالمناخ دون الوصول إلى المجموعات والرسائل الخاصة.
وفي الخريف الماضي أنشأ فيسبوك مركز معلومات علوم المناخ بهدف مساعدة الأشخاص في الحصول على معلومات موثوقة حول تغير المناخ، ويظهر المركز عندما يبحث المستخدمون عن مصطلحات مثل الاحتباس الحراري، وهو يتضمن حقائق علمية مثل أن البشر يتسببون في  الاحترار العالمي تقريبا، كما أنه يحارب الخرافات الشائعة عن تغير المناخ.
وتم تصنيف يوتيوب المملوك لشركة غوغل على أنه مصدر رئيسي للمعلومات المضللة المتعلقة بالمناخ من قبل لجنة اختيار مجلس النواب الأميركي المعنية بأزمة المناخ، وحثت اللجنة الموقع على اتخاذ خطوات أكثر صرامة. 
وقالت إيلينا هيرنانديز المتحدثة باسم يوتيوب في بيان: "على سبيل المثال، البحث عن مقاطع فيديو حول تغير المناخ أو حتى المؤامرات المتعلقة بالمناخ يؤدي إلى ظهور نتائج من مصادر موثوقة ولوحات المعلومات حيث يمكن للمستخدمين العثور على سياق إضافي".
ويؤكد تيك توك أنه يعمل على إبقاء المحتوى والحسابات المضللة أو الضارة أو المخادعة خارج الموقع، مضيفا "نحن نعمل بشكل استباقي لتحديد وإزالة المعلومات الخاطئة والحسابات المخصصة لنشرها، ونراجع التقارير الواردة من مجتمعنا التي تتضمن معلومات خاطئة متعلقة بتغير المناخ واللقاحات وكوفيد والمزيد."
ويقول دانيال جونز رئيس منظمة "أدفانس ديموكراسي" إن التضليل المناخي الذي يخفي أو يقلل من شأن التهديد الذي يتهدد حياة الإنسان يؤخر الإصلاحات السياسية الضرورية في جميع أنحاء العالم.