التغير المناخي يبتلع مناطق سياحية في العالم

الجفاف يحول واحدة من البحيرات المهمة في العاصمة التشيلية إلى أرض مغبرة تنتشر فيها جيف الحيوانات والزوارق المهجورة والشجيرات الجافة.
التغير المناخي يرسم خارطة جديدة للعالم
الجفاف يوجه ضربة قاضية لمناطق سياحية كثيرة في العالم
الخبراء يتوقعون أن تواصل الحرارة ارتفاعها حتّى العام 2030

باين (تشيلي) - تنتشر جيف الأحصنة والأبقار على أرض متشقّقة في ما كان سابقا أحد أبرز المعالم السياحية في ضواحي العاصمة التشيلية قبل أن تندثر بحيرة أكوليو نتيجة الجفاف والاستهلاك المفرط للمياه.
ولطالما كانت هذه البحيرة الممتدة سابقا على 12 كيلومترا مربعا ويصل عمقها إلى حوالى ستة أمتار من أهمّ المعالم السياحية في سانتياغو التي تبعد عن وسطها 70 كيلومترا.
وكلّ صيف، كان سكان المنطقة البالغ عددهم 10 آلاف شخص ينتظرون على أحرّ من الجمر مجيء المصطافين للسباحة ولممارسة رياضات مائية خصوصا. وكانت الفنادق والمطاعم تعجّ بهم.
لكن مياه البحيرة باتت ماضيا منسيا ولم يبق في الموقع سوى أرض مغبرة تنتشر فيها جيف الحيوانات والزوارق المهجورة والشجيرات الجافة. وتضرب أشعة الشمس الحارقة الأرض القاحلة التي تفوح منها رائحة التربة المحروقة. ويندثر النبات يوما بعد يوما تاركا تصدعات في الموقع.
ويقول ماركوس كونتريراس الذي يعمل في مجمّع فيلات في بلدة بينتويه الواقعة على ضفاف البحيرة "نرزح تحت وطأة الجفاف منذ عشر سنوات. وجفت البحيرة اليوم وقد وجّه اندثارها ضربة قاضية للسياحة والأنشطة ذات الصلة".

بحيرة أكوليو  في التشيلي
كان هناك ماء وحياة

وراح مستوى المياه ينخفض تدريجا اعتبارا من العام 2011 لتجفّ البحيرة بالكامل في مايو/آب 2018.
وكثيرة هي العوامل التي أدّت إلى زوال المياه، من انخفاض شديد في التساقطات وهي المصدر الرئيس لتغذية البحيرة، إلى الاستهلاك الزراعي المفرط وصولا إلى التنمية الحضرية العشوائية في جوار الموقع.
تقول كاميلا نونيس (20 عاما) التي تعمل في مطعم مجاور "لا يزال أجدادي يستذكرون وقت كانت الأمطار الغزيرة تهطل طوال أسبوع على الاقلّ. أما اليوم، فتمطر السماء ليومين في أفضل الأحوال".
في الثمانينيات، كان معدّل التساقطات يوازي 350 ميليلترا في السنة في وسط تشيلي. وقد تراجع متوسط الأمطار إلى النصف في العام 2018 ومن المتوقع تواصل هذا التراجع في السنوات المقبلة نتيجة الاحترار المناخي.

من المرجّح أن يكون الجفاف خلال السنوات المقبلة بالحدّة عينها التي نشهدها راهنا

ويوضح إدواردو بوستوس مدير مركز الأبحاث حول التغير المناخي في جامعة تشيلي الكاثوليكية "من المرجّح أن يكون الجفاف خلال السنوات المقبلة بالحدّة عينها التي نشهدها راهنا مع استمرار تراجع التساقطات".
ويعيش حوالى 70% من سكان تشيلي في مناطق تعاني من الجفاف أو انخفضت فيها المتساقطات انخفاضا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة. ويتوقّع الخبراء أن تواصل الحرارة ارتفاعها حتّى العام 2030 وأن يتراجع منسوب المياه في الأحواض المائية بنسبة تصل إلى 30%.
غير أن نقص الأمطار ليس وحده مسؤولا عن هذه الكارثة البيئية، فعندما كانت السياحة في أوجّها في المنطقة راحت المتاجر والمساكن تنتشر فيها، ما أدى إلى ارتفاع شديد في الطلب على المياه في فترة قصيرة جدا.
كما أن الحاجة إلى المياه ارتفعت بشدّة وقت الجفاف في مجال الزراعة، فتمّ استغلال مخزون المياه استغلالا مفرطا، لا سيما في ما يخصّ زراعة الأفوكادو. ويؤكد الباحث إدواردو بوستوس أن "حاجة المزروعات في المناطق المجاورة إلى المياه زادت الضغط على البحيرة".
وتقول أنطونيا روميرو (26 عاما) التي تسكن المنطقة "قتلنا البحيرة ببطء".