التغير المناخي يهدد قوت جامعات المحار في تونس
قابس (تونس) - تحني ألوف النساء ظهورهن لساعات يوميا في خليج قابس بتونس، ويجمعن المحار لتوفير احتياجات أسرهن.
وتتوجه جامعات المحار يوميا إلى بلدة الزارات الساحلية في الصباح الباكر لجمع المحار، إذ ينتشرن على طول الساحل في مجموعات مسلحة بقفازات ومناجل وأوعية كبيرة وأحذية بلاستيكية وقبل ذلك بالكثير من الصبر.
وتعمل ألوف النساء في المنطقة الواقعة بالساحل الشمالي الشرقي على البحر المتوسط بجمع المحار وبيعه منذ أجيال وهو عمل شاق يتطلب معرفة جيدة بتقنيات استخراجه، ومع ذلك أصبحت هؤلاء النسوة خبيرات في مهنتهن.
ويتعين عليهن أن يقطعن الشاطئ ذهابا وإيابا لساعات من أجل جمع بعض المحار الذي يبعنه للتجار، ففاطمة بحري تبدأ عملها المتعب كل يوم من السادسة صباحا حتى الواحدة بعد الظهر من أجل توفير الطعام لأطفالها في ظل وضع اقتصادي صعب بتونس.
ولفتت بحري (50 عاما) إلى أن السيدات بالمنطقة ليس لديهن نشاط آخر بخلاف جمع المحار، قائلة "أليس من المستحسن أن اشتغل لأصرف على أبنائي أو أبقى في البيت، حتى لو هو شقاء فسأقوم بجمعه".
ومع ذلك، فإن التغير المناخي الذي يشهده العالم في السنوات الأخيرة زاد صعوبة عمل هؤلاء النسوة نتيجة للاحتباس الحراري وعوامل أخرى مثل غزو السلطعون الأزرق (يعرف في تونس باسم داعش البحر). وأدى كل ذلك إلى انخفاض عدد المحار بشكل كبير عاما بعد آخر.
وكانت جامعة المحار خيرية دباش تجمع في السابق ما بيت 15 و20 كيلوغراما، لكنها تشكو الآن صعوبة الحصول على محار.
وأشارت إلى أنها تعمل بهذه المهنة منذ 40 عاما، قائلة "كان هناك من يأخذنا لنجمع ثم نزن ما جمعناه في ذلك المكان ونأخذ نقودنا ونعود إلى البيت، لكن الآن لم يعد قانونيا جمع المحار، فقد منعوا ذلك لمدة خمس سنوات بسبب عدم توفره".
وأضافت "عندما ظهر داعش لأول مرة اختفى المحار، لقد كانت موجودة بكثرة في البر، لذلك لم تترك المحار أكلته كاملا، وعاد للظهور عندما بدأ البحارة في صيد السلطعون الأزرق، لكن بكميات أقل من السابق".
وتعتمد آلاف النساء في تونس على جمع المحار كنشاط موسمي يمثل مصدرا رئيسيا لدخل أسرهن.
وأوضحت جامعة المحار فاطمة بحري "لقد كان المحار موجودا ورخيصا جدا، لقد كان الكيلوغرام يُباع بدينار واحد (0.33 دولار أميركي)، لكن المعيشة اليوم تختلف عن السابق بسبب الغلاء، والعمل في جمع المحار متعب جدا الآن، نحن نبدأ على الساعة السادسة ونعود إلى منازلنا على الساعة الواحدة، لا نستطيع حتى جمع كيلوغرام ونصف".
وتعمل السلطات على حماية جامعات المحار باعتماد استراتيجية تسويق واضحة من المنتج إلى المستهلك وضمان حقوقهن وتدريبهن على تحسين أداء هذا القطاع وكذلك الحفاظ على جودة المنتجات التي تُصدّر بشكل أساسي.
وقال مصباح الزعبي رئيس مجمع جامعات المحار بالزارات "في السنوات الأخيرة لاحظنا تراجع في إنتاج المحار وذلك بسبب التغيرات المناخية والتلوث والذي أثر بشكل سلبي على رزق الآلاف من النساء جامعات المحار".
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، يُسمح بصيد المحار في تونس في الموسم بين أكتوبر/تشرين الأول ومايو/أيار ويحظر خلال الأشهر المتبقية من العام.
وأفاد تقرير للمنظمة بأن أكثر من 4000 امرأة يعملن في إنتاجه عبر 17 موقعا في تونس، خاصة في محافظتي قابس وصفاقس، مضيفا أن هذا القطاع ينتج في المتوسط 700 طن سنويا، مع التركيز على التصدير إلى مختلف البلدان.