التنافس السياسي يختلط بالعائلي في الانتخابات البلدية في لبنان

الأحزاب تتصرف على أن الانتخابات هي بروفا للانتخابات النيابية المقبلة المرتقب تنظيمها في العام 2026.
جوزيف عون: لبنان عاد يبني مؤسساته وعاد يقف على السكة الصحيحة

بيروت  – انطلقت صباح الأحد في لبنان المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية، في أول عملية اقتراع تشهدها البلاد في عهد الحكومة الجديدة التي تولت مهماتها عقب حرب مدمّرة بين إسرائيل وحزب الله، يختلط فيها التنافس السياسي مع التنافس العائلي مع سيطرة الأحزاب على المعارك في البلدات الكبرى.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند السابعة صباحا في محافظة جبل لبنان، وهي الأكبر من حيث عدد السكان، وتضم مناطق ذات انتماءات سياسية ودينية مختلفة، منها الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، والتي تعرضت لدمار كبير جراء الغارات الاسرائيلية خلال النزاع. ومن المقرر أن تقفل الصناديق عند السابعة مساء.

ونقلت وكالة الأنباء اللبنانية الأحد، أجواء الاقتراع في مختلف مناطق المحافظة، ومن المتوقع أن ترتفع نسبة الاقتراع بعد الساعة الثانية من بعد الظهر، حيث تعود الماكينات الحزبية بشكل أقوى إلى الساحة في البلديات الكبرى وتنشط العائلات لتثبيت وجودها في القرى الصغيرة.

وأشارت الوكالة إلى أن "الأحزاب تتصرف على أن الانتخابات هي بروفا للانتخابات النيابية المقبلة” المرتقب تنظيمها في العام 2026.

وبحسب الوكالة، جال وزير الداخلية على بعض مراكز الاقتراع في الغبيري لاسيما مدرسة الغبيري الثانية للبنات وحي الجامع. ووفق وزارة الداخلية والبلديات، فقد تفاوتت نسبة الاقتراع في مناطق المحافظة بين نحو 11 و30 بالمئة في الساعات الخمس الأولى.

وقال هشام شمص (39 عاما) بعد الإدلاء بصوته في مركز انتخابي في منطقة الشياح بالضاحية الجنوبية "رغم كل الهجمة التي صارت على موضوع بيئة المقاومة وسلاح المقاومة (في إشارة الى حزب الله)، نحن أتينا لنثبت حقنا ونوصل صوتنا بأن هذا قرارنا وهذا خيارنا مهما حصل من دمار".

وأكد رئيس الجمهورية جوزيف عون من وزارة الداخلية أهمية الانتخابات لكي "نعطي ثقة للناس ونعطي ثقة للعالم الخارجي أن لبنان عاد يبني مؤسساته وعاد يقف على السكة الصحيحة".

وتولت الحكومة مسؤولياتها في فبراير/شباط  وتعهدت تنفيذ خطوات إصلاحية وبناء "الثقة" مع المجتمع الدولي بعد أكثر من عامين ونصف عام من تصريف الأعمال في السلطة التنفيذية وشغور في رئاسة الجمهورية، انتهى بانتخاب عون في يناير/كانون الثاني.

وأتت التغييرات السياسية الداخلية على وقع تغير في موازين القوى بعد تكبد حزب الله خسائر كبيرة على صعيد بنيته العسكرية والقيادية خلال النزاع مع إسرائيل الذي بدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2023 على خلفية الحرب في قطاع غزة، وتحول مواجهة مفتوحة اعتبارا من سبتمبر/أيلول2024.

وبحسب وزارة الداخلية، بلغ إجمالي عدد المرشحين للمقاعد البلدية والاختيارية في جبل لبنان 9321 شخصا من بينهم 1179 من الاناث. وتضم محافظة جبل لبنان ستة أقضية هي قضاء بعبدا، قضاء المتن، قضاء عاليه، قضاء الشوف، قضاء كسروان، قضاء جبيل.

وتوجه عون إلى الناخبين بالقول "لا تجعل العامل المذهبي والطائفي والحزبي والمالي يؤثر على خيارك".

وفي حين يشكّل الولاء الحزبي والانتماء المذهبي معيارا أساسيا في الانتخابات في لبنان المنقسم طائفيا والقائم على مبدأ المحاصصة، تتيح الانتخابات البلدية والاختيارية هامشا أكبر للعائلات والقوى المحلية بأداء دور.

وبينما تنص القوانين على إجراء الانتخابات البلدية كل ستة أعوام، تعود عملية الاقتراع الأخيرة إلى عام 2016. وأرجئت الانتخابات البلدية مرة أولى عام 2022 لتزامنها مع النيابية، وبعدها بعام لنقص التمويل في ظل أزمة مالية خانقة تواجهها البلاد منذ 2019.

أما الإرجاء الأخير فحصل في أبريل/نيسان 2024، وأتى في ظل النزاع بين إسرائيل وحزب الله.

وعلى رغم سريان وقف لإطلاق النار بين الجانبين منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، تواصل اسرائيل شنّ ضربات جوية تقول إنها تستهدف عناصر في الحزب أو بنى عسكرية تابعة له. كما أبقت الدولة العبرية على وجود عسكري في خمس مرتفعات في جنوب لبنان تتيح لها الاشراف على جانبي الحدود، على رغم أن وقف إطلاق النار نصّ على سحب كل قواتها التي توغلت خلال الحرب.

ومن المقرر أن تجرى في 24 مايو/أيار، الانتخابات البلدية في محافظتي النبطية والجنوب، أي في المناطق القريبة من الحدود مع إسرائيل والتي تعرضت لدمار هائل خلال الحرب.

وتجرى الانتخابات في محافظتي الشمال وعكار في 11 مايو/أيار، ومحافظات بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل في 18 منه.