"التنسيقي" يعتمد تكتيكا انتخابيا لضمان تشكيل الحكومة بأريحية
بغداد - قرر الاطار التنسيقي، الدخول في الانتخابات النيابية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بثلاث قوائم انتخابية تضم جميع القوى والكتل السياسية الشيعية المنضوية فيه، لتحقيق أغلبية نيابية تضمن تشكيل الحكومة بأريحية رغم وجود خلافات بين مكوناته التي تعمل على تشكيل تحالفات متنافسة فيما بينها.
وذكرت مصادر داخل الاطار أن هذا القرار هو جزء من التكتيك الانتخابي، لضمان تقاسم الأصوات وعدم ضياعها داخل التحالفات الكبيرة، خاصة وأن قانون الانتخابات سيكون دائرة واحدة لكل محافظة.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علاوي نعمة البنداوي، في تصريحات لوكالة شفق نيوز المحلية، إن "قوى الاطار التنسيقي ستتوزع على أكثر من قائمة انتخابية لتحقيق اعلى عدد من المقاعد النيابية ومن ثم تشكيل تحالف سياسي مهم يمكنه من تشكيل الحكومة بسهولة"، مؤكداً أن "قوى الإطار تحبذ تشكيل التحالف بعد اعلان نتائج الانتخابات ليعلم كلٌ حجمه الانتخابي وقواعده الشعبية وتمثيله السياسي".
انقسامات عدّة ما بين قوى الإطار في الكثير من الملفات السياسية من قانون الانتخابات الى دعوة الرئيس السوري وغيرها
وتشكل تحالف الإطار التنسيقي عقب الانتخابات البرلمانية في أكتوبر/تشرين الأول 2021، التي فاز بها التيار الصدري، إذ دفع فوز الأخير هذه القوى إلى تشكيل إطار موحد لمنافسته، وما إن انسحب التيار من العملية السياسية، حتى أصبح الإطار التنسيقي الكتلة الكبرى برلمانياً بحصوله على 130 نائباً، ليتمكن بذلك من تشكيل الحكومة.
وضم تحالف الإطار التنسيقي قوى ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، وتحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري وتحالف "قوى الدولة" بزعامة عمار الحكيم وكتل "عطاء" وحركة "حقوق"، و"حزب الفضيلة"، وغيرها.
وبشأن انسحاب بعض الكتل من الإطار، أوضح البنداوي أنه لا يعتبر انسحاباً بعينه، مضيفا "ما جرى كان انسحاب احتجاجي واعتراض على لقاء السوداني بالشرع في قطر سراً، ولا توجد انسحابات أو تفكك، بل هو متماسك وقد تستمر تجربة الإطار التنسيقي لما بعد الانتخابات كونه نجح في دعم الحكومة وتشكيل كتلة نيابية كبيرة".
ويجري الحديث داخل الاطار أن التنافس الانتخابي يحتدم إذ أن كل كتلة تسعى إلى الحصول على منصب رئيس الوزراء خلال المرحلة المقبلة، وبذلك تريد الحصول على أعلى المقاعد داخل البيت الشيعي.
والآونة الأخيرة شهدت انقسامات عدّة ما بين قوى الإطار في الكثير من الملفات السياسية من قانون الانتخابات وكذلك دعوة الرئيس السوري وغيرها.
ورجح البنداوي أن "تحقق القوائم الانتخابية للإطار أغلبية شيعية تمهد لتشكيل حكومة وطنية قوية بسهولة، وهذا لا يعني إقصاء الآخرين كون الإطار لا يؤمن بسياسة إقصاء الآخرين بل يهتم بالمشاركة في العملية الانتخابية وبالاستحقاقات الدستورية".
واستبعد إجراء أي تغيير بقانون الانتخابات، بالقول "أي تغيير على فقراته سينعكس سلبا على موعد اجراء الانتخابات الامر الذي يشكل عبئا ماليا مضافا لأعباء الحكومة".
وكانت مصادر سياسية قد كشفت الثلاثاء الماضي، عن كواليس اجتماع عقده الإطار التنسيقي، مساء الاثنين وسط غياب بعض قياداته وتصاعد الخلافات بشأن ملفات داخلية وخارجية.
وقال أحد المصادر في الإطار، إن زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، تغيب عن الاجتماع، فيما غادر زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي الاجتماع مبكرًا، نتيجة تباين في وجهات النظر، لا سيما حول العلاقات العراقية السورية، والانفتاح على حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع.
ودافع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال الاجتماع عن توجهات حكومته، مشيرًا إلى أن تعزيز التعاون مع دمشق يحقق مكاسب أمنية للعراق، أبرزها تأمين الحدود الغربية، وإحباط محاولات تسلل تنظيم داعش، فضلاً عن تخفيف الضغوط الأميركية بهذا الصدد.
وأشار مصدر ثان إلى تصدّع واجه تحالف "قرار" قبل أن يرى النور، والذي كان من المقرر أن يخوض الانتخابات التشريعية المقبلة، موضحًا أن تباينات أعتلت المشهد بين السوداني وهادي العامري دفعت باتجاه خيار المشاركة في الانتخابات ضمن قوائم منفصلة.
كما لفت إلى تعثر المباحثات مع أحمد الأسدي، رئيس كتلة "سند"، أفضى كذلك بفرط عقد التحالف، لتباين حول ملف رئاسة هيئة الحشد الشعبي، إضافة إلى الخلاف حول مشروع قانون الحشد الذي تم سحبه من البرلمان.
وكانت مصادر سياسية ذكرت بأن عدداً من القوى السياسية المنضوية في الإطار التنسيقي في طور تشكيل تحالف انتخابي جديد تحت اسم "تحالف قرار"، ويضم في مرحلته الأولى تيار "الفراتين" بزعامة السوداني، إلى جانب كل من العامري، رئيس منظمة بدر، وفالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي.
وأشارت المصادر إلى مفاوضات جارية قد تُفضي إلى انضمام أحمد الأسدي، وأبو آلاء الولائي، قائد "كتائب سيد الشهداء"، بالإضافة إلى كتلة "حقوق"، المنبثقة عن "كتائب حزب الله".
ورغم أن هذه القوى شكّلت سابقاً العمود الفقري للإطار التنسيقي، فإن الخلافات المتزايدة دفعت أطرافاً أخرى كـ"دولة القانون"، و"عصائب أهل الحق"، و"تيار الحكمة" إلى دراسة خوض الانتخابات بشكل منفصل، مع الإبقاء على خيار الاندماج بعد ظهور النتائج.
وتزامناً مع استعداد القوى الشيعية للانتخابات، تزايدت الضغوط على الفصائل المسلحة للاندماج في هيكل الحشد الشعبي، تمهيداً لما تصفه بعض المصادر بـ"الانتقال إلى العمل السياسي الكامل"، وسط تحذيرات أميركية بفرض عقوبات إضافية على شخصيات وفصائل مرتبطة بإيران، ومطالبة الحكومة العراقية بحصر السلاح بيد الدولة.
وحدّدت الحكومة العراقية، الحادي عشر من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل موعداً رسمياً لإجراء الانتخابات التشريعية العامة في البلاد، فيما أكد مراقبون أن هذه الخطوة جاءت بعد ضغوطات تعرض لها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من بعض قادة تحالف الإطار التنسيقي.
وأجريت الانتخابات الأخيرة في عام 2021 وفق الدوائر المتعدّدة، بعد ضغط قوي من الشارع والتيار الصدري لإجراء هذا التعديل الذي كان يعارضه الإطار التنسيقي، وفي مارس/آذار 2023، صوّت البرلمان العراقي على التعديل الثالث لقانون الانتخابات، الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة.