التهدئة خيار الأوروبيين الرئيسي لمواجهة التوتر الإيراني الأميركي

وزراء الخارجية الأوروبيون سيسعون في اجتماعهم في بروكسل الى اظهار وحدة موقفهم في مواجهة التعنت الإيراني بخصوص خرق الاتفاق النووي.

بروكسل - سيسعى وزراء الخارجية الأوروبيون إلى إيجاد سبيل لإقناع إيران والولايات المتحدة بتخفيف التوترات وبدء حوار عندما يجتمعون في بروكسل الاثنين وسط مخاوف من أن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بات على وشك الانهيار.

وتفاقمت التوترات بين الولايات المتحدة وإيران منذ أن قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب العام الماضي الانسحاب من الاتفاق النووي الذي وافقت إيران بموجبه على تقييد برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية التي أصابت اقتصادها بالشلل.

وردا على إعادة فرض العقوبات الأميركية الصارمة، والتي استهدفت بشكل خاص إيرادات النفط الرئيسية لإيران، تخلت طهران عن بعض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي. ودفع ذلك الأطراف الأوروبية في الاتفاق، وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا، لتحذيرها من مغبة عدم الامتثال الكامل لبنود الاتفاق.

وسعت القوى الثلاث، الموقعة على الاتفاق إلى جانب روسيا والصين، إلى نزع فتيل التوترات التي بلغت ذروتها عندما خططت الولايات المتحدة لشن ضربات جوية على إيران الشهر الماضي، وهي الخطة التي ألغاها ترامب في اللحظة الأخيرة.

وأرسل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزير خارجية بلاده إلى طهران الأسبوع الماضي لتقديم اقتراحات حول كيفية تجميد الوضع الراهن لكسب بعض الوقت، وقال إنه يريد مراجعة مدى التقدم الدبلوماسي بحلول 15 يوليو/تموز.

وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية "أبلغنا الرئيس حسن روحاني بما يمكن أن تكون عليه معايير التوقف وننتظر ردا من الإيرانيين، لكن نقطة التحول من جانبهم بعيدة نسبيا لأنهم يطالبون بإلغاء العقوبات على الفور".

وحثت إيران الاثنين الأطراف الأوروبية في الاتفاق النووي الموقع عام 2015 "على اتخاذ قرارات عملية وفعالة ومسؤولة" لإنقاذ الاتفاق التاريخي.

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان "نشدد على أن الإجراءات التي تواصل جمهورية إيران الإسلامية القيام بها على أساس طوعي وبحسن نية تستند إلى مبدأ المعاملة بالمثل في الحقوق والواجبات" في ما يتصل بالاتفاق النووي.

وأكد روحاني الأحد على استعداد طهران للتفاوض إذا ألغت الولايات المتحدة العقوبات وعادت إلى الاتفاق النووي. ولم يظهر ترامب أي علامة على التراجع في الوقت الحالي. ورغم أنه بحث قضية إيران مع ماكرون، قال ترامب الأسبوع الماضي إنه سيواصل فرض المزيد من العقوبات عليها.

الرئيس الايراني حسن روحاني
روحاني طالب واشنطن برفع العقوبات كشرط للتفاوض

وفي نيويورك، وجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأحد رسالة قوية للأوروبيين.

ونقل التلفزيون الإيراني الرسمي عنه قوله "هناك فرق كبير بين فعل شيء وإعلان استعدادك".

وما زال الأوروبيون يحاولون تطبيق آلية (إنستكس) الأوروبية للتبادل التجاري مع إيران، ولم يتم بعد إنشاء الآلية الموازية لها في إيران. وفي حال بدء تطبيق هذه الآلية فعليا مع إيران فإنها ستتعامل مبدئيا فقط في منتجات مثل المستحضرات الصيدلانية والغذاء، وهي منتجات لا تخضع للعقوبات الأمريكية.

وقال دبلوماسيون إنهم في كل الأحوال يخشون من رد الفعل الأميركي، بينما قال مسؤولون إيرانيون مرارا إن آلية إنستكس يجب أن تشمل مبيعات النفط أو تقديم تسهيلات ائتمانية كبيرة حتى تكون مفيدة.

ستكون الرسالة الاثنين هي إظهار وحدة الاتحاد الأوروبي لكن يجب أن توضح لإيران أنها بحاجة إلى العودة إلى الصف

وقال دبلوماسي أوروبي "الاتفاق على شفا الانهيار. ستكون الرسالة الاثنين هي إظهار وحدة الاتحاد الأوروبي، لكن يجب أن توضح لإيران أنها بحاجة إلى العودة إلى الصف".

وأضاف "في الوقت الراهن لا يوجد شيء يمكن التراجع عنه، لذا لدينا مساحة أكبر للدبلوماسية".

ودعت فرنسا والمانيا وبريطانيا، الدول الاوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي الايراني العام 2015، في بيان مشترك الاحد الى "وقف تصعيد التوتر واستئناف الحوار" في هذا الملف.

وقالت الدول الثلاث في بيان اصدرته الرئاسة الفرنسية "نحن قلقون لخطر تقويض الاتفاق تحت ضغط العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وبعد قرار ايران عدم تنفيذ العديد من البنود المحورية في الاتفاق".

واضافت "من جهة أخرى، فان دولنا الثلاث قلقة بشدة حيال الهجمات التي شهدناها في الخليج وخارجه، وكذلك حيال تدهور الامن في المنطقة. نعتقد أن الوقت حان للتحرك في شكل مسؤول والسعي الى وسائل لوقف تصعيد التوتر واستئناف الحوار".

واعتبرت الدول الثلاث أن "الاخطار كبيرة الى درجة تجعل من الضروري أن تلتزم كل الاطراف المعنيين تهدئة ويفكروا في التداعيات المحتملة لافعالهم".

ورغم التحذيرات الاوروبية الموجهة لايران لكن مراقبين يرون ان لجوء الدول الاوروبية لاستعمال آلية الفض بإعادة فرض العقوبات الدولية والأوروبية على طهران امر مستبعد حاليا ويظهر ذلك من تصريح المسؤولين الفرنسيين لكن الموقف الأوروبي يمكن ان يتغير في اية لحظة.

وتابعت الدول الثلاث الأحد "إذ نواصل دعمنا للاتفاق النووي، فان استمراره يبقى رهنا بوفاء ايران الكامل بالتزاماتها"، لافتة الى "ضرورة أن تصدر من جميع الاطراف مؤشرات الى حسن النية".

ووقعت بريطانيا والمانيا وفرنسا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وايران والصين وروسيا اتفاق 2015.