التوتر السياسي في الصومال ينفتح على سيناريوهات قاتمة

العاصمة مقديشو تشهد عمليات إطلاق نار واستهداف فندق يقيم فيه قادة من المعارضة بالصواريخ عندما خرجت مسيرات تطالب الرئيس بالتنحي وسط أزمة سياسية بسبب تأخر تنظيم الانتخابات.
المعارضة الصومالية عازمة على مواصلة الاحتجاجات حتى إسقاط الرئيس فرماجو
المعارضة والرئيس فرماجو يتبادلان الاتهامات بالتصعيد
الأزمة السياسية تأتي بينما يواجه الصومال أعنف الهجمات التي تشنها حركة الشباب

مقديشو - عمّت الفوضى مقديشو الجمعة عندما حاولت المعارضة الخروج في مسيرة ضد تأخّر تنظيم الانتخابات، ما فجّر الوضع السياسي المتأزّم منذ شهور.

وتجاوزت الصومال مهلة نهائية كانت محددة لإجراء انتخابات بحلول 8 فبراير/شباط وهو موعد كان من المفترض أن يتنحى فيه الرئيس محمد عبدالله محمد الملقّب فرماجو، ما أدى إلى أزمة دستورية.

ولم يتمكن فرماجو وزعماء الولايات الفدرالية من حل خلافاتهم بشأن كيفية إجراء الانتخابات، بعدما تم التخلي عن آمال إجراء أول انتخابات منذ العام 1969 بالاقتراع المباشر، على خلفية مشاكل أمنية وسياسية.

وأفاد ائتلاف لمرشحي المعارضة أنه لن يعترف من الآن فصاعدا بفرماجو كرئيس وتعهّدوا بتنظيم تظاهرات حاشدة إلى حين تنحيه.

وحاولت مجموعة صغيرة من المتظاهرين الخروج في مسيرة على شارع المطار الرئيسي عندما بدأ إطلاق النار، ما دفعهم إلى البحث عن مكان يحتمون به.

ولم تتضح الجهة التي فتحت النار أولا، لكن شاهدا يُدعى يوسف محمد تحدّث عن "تبادل كثيف لإطلاق النار" بين قوات الأمن وحراس مسلّحين يحمون أنصار المعارضة.

وفي الأثناء، أكد شهود وعناصر شرطة أن مقذوفة متفجّرة أصابت منطقة تضم متاجر ومطاعم داخل بوابات المطار، لكن لم يكن من الممكن تحديد ماهيتها.

وقال الشاهد ويدعى لبان علي "ضرب شيء ما مطعما داخل المطار فاحترق. لا يمكنني تحديد ماهيته لكنه تسبب بانفجار قوي وحريق دمّر المطعم بأكمله".

وبعد الحادثة، عقد قادة المعارضة مؤتمرا صحافيا قالوا فيه إن إطلاق النار كان محاولة اغتيال وأنه تم أطلاق صواريخ.

وقال رئيس الوزراء السابق حسن علي خيري "نجوت مع عدد من المرشّحين والمشرّعين والمتظاهرين المدنيين من محاولة مباشرة للتخلّص منّا".

وأكد زعيم آخر للمعارضة هو عبدالرحمن عبدالشكور أن "الصواريخ التي أطلقوها باتّجاهنا ضربت المطار حيث تسببت بدمار". وتراجعت حدة إطلاق النار في العاصمة بحلول بعد الظهر.

بدوره قال رئيس الوزراء محمد حسين روبلي في خطاب للأمة إنه يشعر بـ"خيبة أمل عميقة حيال ما حصل في مقديشو خلال الساعات الـ24 الماضية".

وأضاف "أدعو الناس في مقديشو للوقوف في وجه العنف. لن نقبل بأن تنظّم تظاهرات يقودها مسلّحون ضد قوات الأمن".

وكانت الحكومة حذّرت المعارضة من تنظيم التظاهرة على خلفية ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في العاصمة، لكن ائتلاف المعارضة تعهّد المضي بها.

وائتلاف المعارضة متحالف ضد فرماجو، لكنه يضم مرشّحين يسعون لخوض الانتخابات الرئاسية بصفة فردية، بينهم رئيسان سابقان.

وكان من المقرر أن يجتمع فرماجو مع زعماء من المناطق الجمعة في آخر مسعى لحل المأزق السياسي، إلا أن الاجتماع لم ينعقد.

وبدأ التوتر منذ الليل عندما تبادل الطرفان التهم بشن هجمات، فاتّهمت الحكومة الصومالية في بيان "مليشيات مسلّحة" توفر الحماية لقادة المعارضة بمهاجمة نقطة تفتيش أمنية والسعي للسيطرة على أجزاء من مقديشو.

ونفت المعارضة الأمر واتّهمت قوات الحكومة بمهاجمة الفندق حيث كانت تنزل.

وقال الرئيس السابق شريف شيخ أحمد على تويتر "هاجموا فندق مايدا حيث كنت أقيم أنا والرئيس السابق حسن شيخ محمود".

وبعد القتال الذي دار خلال الليل، سيطرت القوات الحكومية على ساحة عامة حيث كان من المقرر أن تجري التظاهرة وأغلقت جميع الطرقات المؤدية إليها بينما نشرت آليات عسكرية وقوات حول العاصمة.

وحذّرت بعثة الأمم المتحدة في الصومال على تويتر من أنها تشعر "بقلق عميق جرّاء الاشتباكات المسلحة التي شهدتها مقديشو خلال الليل وصباح الجمعة وتدعو جميع الأطراف المعنية إلى التهدئة وضبط النفس. وحضت على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة للمساعدة على خفض منسوب التوتر".

كما  أكدت البعثة على ضرورة توصل الحكومة الفدرالية والولايات إلى "اتفاق سياسي" بشأن الانتخابات.

ولم تحظ الصومال بحكومة مركزية فعلية منذ انهيار نظام سياد بري العسكري في العام 1991، ما أدى إلى عقود من الحروب الأهلية والفوضى التي غذّتها نزاعات عشائرية.

كما لا يزال البلد يخوض معركة ضد حركة الشباب الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة التي سيطرت على العاصمة حتى العام 2011، بينما لا تزال تستولي على مناطق ريفية وتشن هجمات ضد أهداف حكومية وعسكرية ومدنية في مقديشو وبلدات محيطة.

ولا تزال الصومال تدار بموجب دستور مؤقت بينما تعد مؤسساتها على غرار الجيش، بدائية وتعتمد إلى حد ما على الدعم الدولي.

وكان من المقرر أن تجري الانتخابات على أساس نظام معقّد للتصويت غير المباشر استُخدم في الانتخابات الماضية ويقوم على اختيار شيوخ العشائر لناخبين يختارون النواب، والذين يختارون بدورهم الرئيس.