التوتر يخيم على فرنسا مع انطلاق الحملة الانتخابية

احتمال وصول اليمين المتطرّف إلى السلطة يعيد خلط أوراق المشهد السياسي الفرنسي.

باريس - بعد أسبوع من التقلّبات والارتباك سعيا لعقد تحالفات بشكل عاجل واختيار مرشّحين، انطلقت الاثنين في فرنسا الحملة للانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون والتي تنظم دورتها الأولى في 30 يونيو/حزيران.

وسيتنافس المرشّحون على 577 مقعدا خلال هذه الانتخابات التي يدخلها حزب التجّمع الوطني (يمين متطرّف) متسلّحا بحوالي 30 في المئة من نوايا التصويت.

وفاز حزب مارين لوبن بـ31.4 في المئة من الأصوات خلال الانتخابات الأوروبية، بينما يسعى رئيسه جوردان بارديلا (28 عاما) للوصول إلى منصب رئيس الحكومة رغم عدم خبرته السياسية. في المقابل، حصل المعسكر الرئاسي على 13.8 في المئة من الأصوات.

وفي ظلّ هذه النتائج، أدّى احتمال وصول اليمين المتطرّف إلى السلطة إلى إعادة هيكلة مفاجئة للمشهد السياسي وإلى تظاهرات وتصريحات متقابلة.

وغداة موقف لاعب كرة القدم ماركوس تورام الواضح ضدّ حزب التجمّع، أصدر نجم كرة قدم آخر هو كيليان مبابي رسالة "ضدّ التطرّف" الأحد من دون الانحياز رسميا إلى جانب واحد.

وقال قائد منتخب فرنسا "أنا ضدّ المتطرّفين وضدّ الأفكار التي تقسّم"، داعيا الشباب إلى التصويت، مضيفا "نحن نرى أنّ التطرّف على أبواب السلطة ولدينا الفرصة لاختيار مستقبل بلدنا".

وتسبّبت مقامرة إيمانويل ماكرون في ظلّ مساعيه للعثور على غالبية مستقرّة لم يحصل عليها منذ إعادة انتخابه لولاية ثانية في العام 2022، في حدوث انقسام في اليمين.

وقد قرّر رئيس حزب الجمهوريين (يمين) إيريك سيوتي التحالف مع حزب التجمّع الوطني في ضمن "تجمّع للحقوق". وفيما لم يتبعه في ذلك سوى نائب واحد من ضمن المسؤولين في الحزب ورئيس حركة الشباب، إلّا أنّه أشار مساء الأحد إلى أنّ هناك 62 مرشّحا معه.

كذلك يمكن لحزب التجمّع الوطني أن يعتمد على دعم غير مباشر من السياسي اليميني المتطرّف المثير للجدل إيريك زيمور.

ورغم عدائه لحزب التجمّع الوطني، إلّا أنّ حزب الاسترداد التابع له، لن يقدّم مرشّحين في نصف الدوائر الانتخابية تقريبا وذلك لصالح مرشحين مثل إريك سيوتي ونيكولا دوبون آنيان.

من جانبه، أعلن الفرع المناهض لسيوتي في حزب الجمهوريين والذي يحاول الاستمرار في إسماع صوته، مساء الأحد أنّه اختار حوالي 400 مرشح."

وبحصوله على 25 في المئة من نوايا التصويت، حلّ اليسار في المركز الثاني كما تمكّن من التغلّب على أشهر من الانقسامات في أيام قليلة، عبر التوحّد تحت شعار "الجبهة الشعبية الجديدة". ومن المقرّر أن يعقد قادته أوّل اجتماع لهم مساء الاثنين في مونتروي قرب باريس.

وحصل التحالف على تأييد الرئيس الاشتراكي السابق فرنسوا هولاند الذي يقدّم نفسه أمام الناخبين كمرشّح في كوريز (جنوب) وعلى دعم رئيس الوزراء السابق ليونيل جوسبان.

غير أنّ التوترات ضمن اليسار لا تزال موجودة. وفي بعض الدوائر الانتخابية، يقدّم حزب فرنسا الأبية (يسار متطرّف) الذي يتزعّمه جان لوك ميلانشون مرشّحين ضدّ التحالف.

وقد انفصل العديد من الشخصيات التاريخية في حزب فرنسا الأبية والذين ينتقدون ميلونشون، مثل أليكسيس كوربيار، عن الحزب وقرّروا الإبقاء على ترشيحهم رغم أنّ الحزب رفض ترشيحهم.

من جهة أخرى أثار بعض المتقدّمين الذين اختارتهم حركة اليسار المتطرّف مثل المناهض للفاشية رافاييل أرنو، انتقادات كثيرة.

ويحمل برنامج الجبهة الشعبية الجديدة، بنودا عدّة من أبرزها تحديد الحدّ الأدنى للأجور عند 1600 يورو والتخلّي عن إصلاح نظام التقاعد وربط الرواتب بالتضخّم، الأمر الذي يعدّ "كارثة" على حدّ تعبير وزير الاقتصاد برونو لومير.

من جهته طرح المعسكر الرئاسي الذي يشنّ حملته الانتخابية تحت شعار "معا من أجل الجمهورية" تدابير تتعلّق بالقوة الشرائية، مثل زيادة حجم المكافأة التي سيتمكّن أصحاب العمل من دفعها من دون ضرائب على الضمان الاجتماعي وتخفيض فواتير الكهرباء.

ووسّعت الغالبية المنتهية ولايتها أقطابها لتشمل مرشّحين من اليمين أو اليسار أو من مجموعة المستقلّة، كما امتنعت عن تقديم مرشّحين في حوالي ستين دائرة انتخابية، خصوصا تلك التي يترشّح فيها الرئيس السابق فرنسوا هولاند.

وأوضح رئيس الحكومة السابق إدوارد فيليب أنّ "الأمر لا يعني على الإطلاق التخلّي عن الفوز، بل على العكس من ذلك، نمنح أنفسنا فرص عدم ترك الشعب الفرنسي يختار بين التجمّع الوطني وفرنسا الأبية".

وبينما أثّر حلّ الجمعية الوطنية على غالبية ماكرون التي تتخلّف بنسبة حوالى 20 في المئة من نوايا التصويت في استطلاعات الرأي، فقد باتت مهدّدة بالوصول إلى المركز الثالث في عدد من الدوائر الانتخابية وراء حزب التجمّع الوطني واليسار.