التونسية نصاف بن علية تقود بلادها لمواجهة كورونا

الطبيبة المختصة في الطب الوقائي والجماعي والمسؤولة بوزارة الصحة تتصدر الصفوف الأمامية للجيش الأبيض التونسي منذ الأيام الأولى لبدايات انتشار الفيروس.
نصاف بن علية مرشحة لنيل لقب "سيدة العام" في تونس
نجم بن علية برز في وقت عاش فيه التونسيون وقتا عصيبا بين المخاوف المتزايدة من الفيروس
بن علية عُرفت في مواجهة كورونا بالقوة والصلابة

تونس - اختارها شاعر تونسي عنوانا لقصيدته، كما اختارتها مجلة علمية عالمية لعضويتها، ورشحها مهتمون وتقارير إعلامية لنيل لقب "سيدة العام" في تونس.
إنها الطبيبة التونسية نصاف بن علية، مختصة الطب الوقائي والجماعي، المسؤولة بوزارة الصحة التي نشطت بشكل منقطع النظير في "الجيش الأبيض" لمواجهة فيروس كورونا منذ ظهوره بالبلاد وحتى اليوم.
نشاط بن علية، دفع مواطنها الشاعر الأزهر الضاوي، لاختيارها عنوانا لقصيدة خطها باللهجة التونسية باسم "لو كان منك زوز" (لو وجد منك اثنان)، قال فيها "لوكان منك زوز يا نصاف ما عاد مريض في بلادي يخاف".
ووفق تقارير محلية، فإن بن علية تلقت (51 عاما) عرضا أجنبيا، بعد اختيارها ضمن اللجنة العلمية للمجلة العلمية العالمية لمتابعة كورونا، إلا أنها اعتذرت عنه رغم أنه يعادل عشرة أضعاف أجرها.
الترشيح للمجلة العالمية والاعتذار عن العرض، أكده وزير الصحة السابق عبداللطيف المكي، في تدوينة عبر صفحته على فيسبوك.
وتحدث الوزير في تدوينته عن تلقي بن علية عرضا أجنبيا بعد اختيارها ضمن اللجنة العلمية للمجلة العلمية العالمية لمتابعة فيروس كورونا.
وأكّد المكي أنّ "نصاف بن علية اعتذرت عن العرض بعشرة أضعاف أجرها، لتواصل عملها في تونس، معبرة عن وطنية عميقة وصادقة".
تلك الترشيحات والاختيارات لم تأت من فراغ، ولكن جاءت بسبب نشاط بن علية وتصدرها الصفوف الأمامية للجيش الأبيض التونسي منذ الأيام الأولى لبدايات انتشار الفيروس.
إذ كانت تشغل منصب مديرة مرصد الأمراض الجديدة والمستجدة، قبل تعيينها متحدثة باسم الوزارة.

 تأثير منقطع النظير
بدأت المختصة في الطب الوقائي والجماعي إطلالاتها الأولى على الجماهير، خلال مؤتمرات صحفية كانت تعلن فيها الوضع الصحي وآخر تطوراته، وإحصاءات الفيروس، حتى أنها كادت تكون مصدرهم الوحيد واكتسبت ثقتهم الكبيرة.
قادت الفرق الطبية، وبرز نجمها في وقت عاش فيه التونسيون كسائر شعوب العالم، أوقاتا عصيبة بين المخاوف المتزايدة من فيروس لم يوجد له لقاح بعد (آنذاك)، وبين عزل شامل أجبر الجميع على البقاء في المنازل وقلب موازين العالم.
عُرفت في مواجهة كورونا بالقوة والصلابة، ولكن خشيتها على أبناء وطنها جعلها لا تستطيع أن تكبح مشاعرها وحبس دموعها في أحد المؤتمرات الصحفية قبل أشهر، عندما كان الفيروس في انتشار غير مسبوق في باقي دول العالم.
وآنذاك دقت المرأة ناقوس الخطر محذرة من مخاطر الفيروس التاجي، وكان ذلك في وقت لم يعر فيه شق كبير من التونسيين أهمية لكورونا ومدى خطورته، بل حتى أن البعض اعتبره "كذبة" فيما ذهب آخرون إلى حد الاستهزاء والاستهتار به.

 شخصية العام
تمكنت المرأة بعفويتها من أن تكون حديث العام والخاص في فترة وجيزة فكان ترشيحها من قبل كثير من التقارير الصحفية للقب "شخصية العام".
لم تخطط بن علية لهذا الترشيح أو الوصف يوما ما، إنما فرضت ظروف استثنائية ذلك فكانت رمز المرأة التونسية التي نجحت في تخصصها، واستطاعت تحقيق ذاتها وسط مجال تميزت فيه نساء كثيرات.
بن علية اعتبرت في تقارير سابقة أن ما تقوم به من تضحيات حتى وإن كان على حساب واجباتها العائلية تجاه أبنائها ووالديها، هو هدف سام في سبيل تونس سليمة وآمنة.
مسيرة زاخرة
ولدت بن علية عام 1969 بمدينة قليبية من ولاية نابل، وهي أم لبنت وولد، حصلت على البكالوريوس من كلية الطب بتونس، وأجرت بحوثا في جامعات فرنسية معروفة من بينها "بيار وماري كوري"، إحدى أعضاء رابطة الجامعات البحثية الأوروبية.
وبعد عودتها من فرنسا انضمت إلى معهد باستور في تونس، ثم انتقلت إلى المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة بصفة مديرة عامة، حيث واصلت بحوثها لتتوّج ذلك بدراسات متميزة في مجال الأوبئة.
مسيرة مهنية زاخرة، استمرت وما زالت لأكثر من 23 سنة، قضتها بن علية بين كليات الطب والمخابر والبحوث العلمية.
وبلغ إجمالي إصابات كورونا في تونس، حتى الأربعاء، 98.072، منها 3.311 وفاة، و72.473 حالة تعاف، بحسب وزارة الصحة.