التيار الصدري يتصدر نتائج الانتخابات التشريعية

المقاطعة الواسعة للانتخابات البرلمانية المبكرة تعيد إنتاج نفس منظومة الحكم التي هيمنت منذ ما بعد الغزو الأميركي ليتصدر التيار الصدري المشهد بما يزيد عن الـ70 مقعدا وكتلة نوري المالكي بـ41 مقعدا إلى جانب فوز أحزاب أخرى موالية لإيران لكن بمقاعد أقل.
الحلبوسي يعلن الفوز بـ40 مقعدا في الانتخابات التشريعية المبكرة
الصدر سيكون له نفوذ كبير على تشكيل الحكومة
مرشحون ممن ظهروا خلال احتجاجات 2019 فازوا بعدد من المقاعد

بغداد - أشارت نتائج أولية ومسؤولون حكوميون ومتحدث باسم التيار الصدري إلى أن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر جاء في المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية العراقية وزاد من عدد مقاعد كتلته في البرلمان.

وبدا أن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بصدد أن تحظى كتلته بالمركز الثاني بين الأحزاب العراقية الشيعية.

وهيمنت مجموعات شيعية عراقية على تشكيلات الحكومات العراقية منذ أن أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بالرئيس السني صدام حسين وأتى بالأغلبية الشيعية والأكراد إلى الحكم.

لكن تبين اليوم الاثنين أن الإقبال المنخفض بشكل غير مسبوق على الانتخابات البرلمانية في العراق أحبط ما اعتبره البعض فرصة لإقصاء النخبة الحاكمة وأن تأثير الاقتراع سيكون محدودا في ما يتعلق بإنهاء الوجود المستمر منذ عام 2003 للأحزاب الدينية الطائفية في الحكم.

وبناء على نتائج أولية من محافظات عراقية عدة إضافة إلى العاصمة بغداد تحقق منها مسؤولون حكوميون محليون، فقد فاز الصدر بأكثر من 70 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 329. وإذا تأكد ذلك، فسيعني أن الصدر سيكون له نفوذ كبير على تشكيل الحكومة.

وقال متحدث باسم مكتب الصدر إن عدد المقاعد الذي فاز بها التيار الصدري 73. ونشرت مؤسسات إخبارية محلية الرقم نفسه.

وذكر مسؤول بمفوضية الانتخابات في العراق أن الصدر جاء في المركز الأول، لكن لم يتسن له بعد تأكيد عدد المقاعد الذي فازت بها كتلته.

كما أظهرت النتائج الأولية أيضا أن مرشحين موالين للإصلاح ممن ظهروا خلال احتجاجات 2019 فازوا بعدد من المقاعد.

ووفقا للنتائج الأولية ومسؤولين محليين، حظيت الأحزاب المدعومة من إيران بمقاعد أقل عن الانتخابات السابقة في 2018. وواجهت تلك الأحزاب والتي لها صلات بجماعات مسلحة اتهامات بقتل بعض المحتجين. وسقط في الاحتجاجات نحو 600 قتيل.

وزاد الصدر من نفوذه في الدولة العراقية منذ تصدرت كتلته الانتخابات في 2018 واحتلت 54 مقعدا في البرلمان.

وأصبح رجل الدين الشيعي الذي يصعب التكهن بأفعاله شخصية بارزة وحتى مرجحة لكفة دون الأخرى في المشهد السياسي العراقي منذ الغزو الأميركي.

ويعارض الصدر كل أشكال التدخل الأجنبي في العراق سواء من الولايات المتحدة التي حارب ضدها بعد الغزو أو من إيران المجاورة التي ينتقدها لمشاركتها الوثيقة في صنع السياسات العراقية.

لكن الصدر، وفقا لمسؤولين مقربين منه، يزور إيران بشكل متكرر ودعا لانسحاب القوات الأميركية من العراق وهي قوات قوامها حاليا 2500 جندي موجودة لقتال تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي حال تأكدت النتائج الجديدة، يكون "الصدريون" بذلك قد حققوا تقدما ملحوظا، بعدما كان تحالف "سائرون" الذي يقوده التيار في البرلمان المنتهية ولايته، يتألف من 54 مقعدا. وقد يتيح ذلك للتيار الضغط في اختيار رئيس للوزراء وفي تشكيلة الحكومة المقبلة.

في المقابل، تمكّن تحالف "دولة القانون" برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي من تحقيق خرق في الانتخابات، حيث أعلن مسؤول في الحركة حصولها "على 37 مقعدا في البرلمان".

وبالنسبة لتحالف الفتح التابع للحشد الشعبي الذي دخل البرلمان للمرة الأولى في العام 2018 مدفوعا بانتصاراته ضد تنظيم الدولة الإسلامية، فيبدو أنه سجل تراجعا، بعدما كان القوة الثانية في البرلمان المنتهية ولايته، لكنه يبقى قوة لا يمكن تفاديها في العراق لا سيما مع دعم حليفته طهران.

ويرى خبراء أن توزيع مقاعد البرلمان سيكون متجزئا ما يعني غياب أغلبية واضحة، الأمر الذي سوف يرغم بالنتيجة الكتل إلى التفاوض لعقد تحالفات.

وفي بلد يبقى المشهد السياسي فيه منقسما بشأن العديد من الملفات، انطلاقا من وجود القوات الأميركية في البلاد وصولا إلى النفوذ المتزايد للجارة إيران، ينبغي على الأحزاب أن تطلق مفاوضات يبدو أنها ستتطلب وقتا طويلا لاختيار رئيس للوزراء، علما بأن العرف يقتضي بأن تتولى المنصب شخصية شيعية، لكن المفاوضات أيضا ستشمل تقاسم الحصص الوزارية.

من جهته، أكد حزب "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الحصول "على أكثر من 40 مقعدا".

ودعي نحو 25 مليون شخص يحق لهم التصويت للاختيار بين أكثر من 3200 مرشح في هذه الانتخابات الخامسة منذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003.

لكن نسبة المشاركة الأولية بلغت نحو 41 بالمئة من بين أكثر من 22 مليون ناخب مسجل، وفق ما أعلنت المفوضية العليا للانتخابات.

وتمت الدعوة لانتخابات هذا العام قبل موعدها الأساسي في العام 2022، بهدف تهدئة غضب الشارع بعد الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في خريف العام 2019 ضد الفساد وتراجع الخدمات العامة والتدهور الاقتصادي في بلد غني بالثروات النفطية.

لكن الانتفاضة قوبلت بقمع دموي، أسفر عن مقتل نحو 600 شخص وإصابة أكثر من 30 ألفا بجروح، وتلته حملة اغتيالات ومحاولات اغتيال وخطف لناشطين، نسبت إلى فصائل مسلحة موالية لإيران والتي باتت تتمتع بنفوذ قوي في العراق.