الجبهة الثورية تدعو لإرجاء تشكيل المجلس التشريعي في السودان

قوى إعلان الحرّية والتغيير جددت تمسّكها بإتمام تعيين أعضاء المجلس التشريعي في الموعد الذي تم الاتفاق عليه مع الجيش.

الخرطوم - دعت حركة سودانية متمرّدة الأربعاء الحكومة الانتقالية إلى الالتزام بما اتّفق عليه الطرفان خلال محادثات السلام الجارية بينهما لجهة إرجاء تشكيل المجلس التشريعي لما بعد التوصّل لاتّفاق سلام، في وقت تعتزم الحكومة تعيين أعضائه في غضون عشرة أيام.

وقالت "الجبهة الثورية" التي تضمّ ثلاث حركات متمرّدة رئيسية في ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، في بيان إنّها "متمسّكة بإعلان جوبا" ولا سيّما ما ورد فيه لجهة "إرجاء تكوين المجلس التشريعي وتعيين ولاة الولايات لحين الوصول إلى اتّفاق سلام".

وفي 11 أيلول/سبتمبر أصدرت الحكومة السودانية والجبهة الثورية في ختام محادثات في عاصمة جنوب السودان "إعلان جوبا" الذي وضع المبادئ الأساسية للتوصل لاتّفاق سلام بين الطرفين.

ولكنّ اتّفاق تقاسم السلطة التاريخي الذي أبرمه الجيش السوداني مع الحركة الاحتجاجية في 17 آب/أغسطس نصّ على وجوب تعيين أعضاء المجلس التشريعي الـ300 في غضون 90 يوماً أي بحلول 17 الجاري، وهو مطلب جدّدت "قوى إعلان الحرّية والتغيير"، رأس حربة الحركة الاحتجاجيّة، تمسّكها بإتمامه في موعده.

وفي بيانها شدّدت الجبهة الثورية على "رفضها أي محاولة من طرف واحد لخرق اتّفاق إعلان جوبا"، مؤكّدة "التزامها بذل أقصى جهد للتوصّل إلى اتّفاق سلام في المواقيت المتّفق عليها".

وناشد البيان الحكومة السودانية "ضرورة الالتزام بما تمّ الاتّفاق عليه وعدم تعريض عملية السلام الجارية الآن إلى أيّ هزّة تعكّر صفو الأجواء وتخلق حالة من عدم الثقة تؤخّر من الوصول إلى سلام بلادنا في أمسّ الحاجة إليه".

وتستضيف جوبا محادثات بين حكومة رئيس الوزراء السوداني الجديد عبدالله حمدوك وممثّلين لحركات مسلحة قاتلت قوات الرئيس المعزول عمر البشير في ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.

وحمدوك مكلّف إعادة السودان إلى الحكم المدني، لكنه قال إنه يريد أيضا إنهاء النزاعات مع المتمرّدين.

والاثنين، أكّد إن حكومته تعمل على إحلال السلام في إقليم دارفور الذي مزقته الحرب حيث التقى بمئات من ضحايا الصراع الذين طالبوا بتحقيق العدالة السريعة.

وكانت زيارة حمدوك التي استغرقت يوماً واحداً أول زيارة له كرئيس للوزراء إلى المنطقة المدمرة حيث أدى الصراع الذي اندلع في العام 2003 إلى مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين.

والتقى حمدوك ضحايا الحرب في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تضم عدة مخيمات مترامية الأطراف يعيش بها عشرات الآلاف من النازحين منذ سنوات.

وهتف الحشد الذي التقى بحمدوك أثناء زيارته لمخيمات الفاشر "نريد العدالة! أرسلوا جميع مجرمي دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية".

وأكّد حمدوك لهم أن حكومته تعمل من أجل إحلال السلام في دارفور، وهي منطقة بحجم إسبانيا.

وقال حمدوك "أعرف مطالبكم حتى قبل أن تقولوها"، مضيفا "نعرف المجازر التي وقعت في دارفور".

وتابع "سنعمل جميعاً لتحقيق مطالبكم وضمان عودة الحياة الطبيعية إلى دارفور"، وسط هتافات "لا عدالة، إذن لا سلام في دارفور".

واندلع النزاع في دارفور عندما حمل متمردو الأقلية العرقية السلاح ضد حكومة البشير، التي يتهمونها بتهميش المنطقة اقتصاديًا وسياسيًا.

وردا على هذا التمرد، مارست الخرطوم ما تصفه جماعات حقوق الإنسان بأنه "سياسة الأرض المحروقة" ضد الجماعات العرقية المشتبه في دعمها للمتمردين بما في ذلك الاغتصاب والقتل ونهب وحرق القرى.

وتقول الأمم المتحدة إن النزاع أودى بحياة قرابة 300 ألف شخص فيما تم تشريد 2.5 مليون آخرين.

ويواجه البشير، الذي أطاح به الجيش في نيسان/أبريل بعد احتجاجات في أرجاء البلاد ضد حكمه، منذ فترة طويلة اتهامات من المحكمة الجنائيّة الدوليّة بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانيّة لدوره المزعوم في النزاع.

وينفي البشير بشدة ارتكاب هذه التهم.

وقال محمد آدم وهو زعيم بارز يمثل ضحايا دارفور، لحمدوك "نريد أن يتم تسليم هؤلاء المجرمين إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة. وبدون ذلك لن يكون هناك سلام في دارفور".

وأضاف أنه يجب نزع سلاح المليشيات التي دمرت قرى الإقليم في سنوات النزاع الأولى.

وتابع "ونريد كذلك عودة أراضينا إلى مالكيها الأصليين".

وعادت العديد من العائلات التي شردتها الحرب إلى منازلها الأصلية في السنوات الأخيرة، إلا أنها وجدت الرعاة العرب يحتلون أراضيها.

والأحد، أعلنت "قوى إعلان الحرّية والتغيير"، التي قادت الحركة الاحتجاجيّة التي أطاحت بالبشير، أن لا تحفّظات لديها على مسألة تسليمه إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة.

وقال القيادي في "قوى الحرّية والتغيير" إبراهيم الشيخ لصحافيّين "قوى الحرية والتغيير توافقت على بس تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولا توجد أي مشكلة في ذلك".

ويحتجز البشير حاليا في سجن في الخرطوم ويواجه محاكمته بتهم الفساد.

وحكم السودان لثلاثة عقود بعد استيلائه على السلطة بدعم من الإسلاميين في 1989.