الجزائريون يتحدون قمع قائد صالح بالإصرار على التظاهر

المتظاهرون ينجحون في التجمع رغم الملاحقة الأمنية ورغم قرار قائد الجيش بحجز الحافلات التي تقلهم وتغريم أصحابها.
اعداد المحتجين اقل من العادة بسبب الحواجز والاجراءات
الاجراءات تؤدي الى اختناق مروري يمتد على عشرات الكيلمترات
الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان تندد بالاجراءات الامنية

تونس - تجمع مئات المتظاهرين الجمعة في وسط الجزائر، مطالبين برحيل رئيس الأركان في الجيش الجزائري أحمد قايد بن صالح، الحاكم الفعلي للبلاد حاليا، وذلك على الرغم من الانتشار الأمني الكثيف في شوارع العاصمة وعلى مداخلها.

وحتى الساعة الواحدة بعد الظهر تقريبا (12,00 ت غ)، بدا وسط العاصمة خاليا إلا من عشرات المتظاهرين، إلا أن العدد ما لبث أن تضخم، وتجمع المئات قرب ساحة البريد المركزي، وبدأوا يهتفون "الشعب يريد إسقاط قايد صالح"، و"خذونا كلنا الى السجن، الشعب لن يتوقف".

وأقدمت القوى الأمنية قبل انطلاق التظاهرة على توقيف مواطنين قرب الساحة، بحسب ما افاد شهود.

وهو يوم الجمعة الواحد والثلاثون على التوالي الذي يتظاهر فيه المحتجون للمطالبة برحيل كل أركان النظام الحاكم والذي يعتبرونه من مخلفات عهد عبدالعزيز بوتفليقة.

لكن بدا واضحا أن أعداد المشاركين هذا الأسبوع أقل من العادة نتيجة الحواجز والإجراءات التي قامت بها الشرطة منذ الصباح.

وبذريعة التصدي للمؤامرة التي تحاك للجزائر ممن وصفهم قايد صالح بـ"العصابة"، أعطى الأخير تعليماته الاربعاء لقوات الدرك الوطني بحجز الحافلات التي تنقل محتجين من خارج العاصمة إلى داخلها وتغريم أصحابها، فيما يأتي هذا القرار في ذروة حملة اعتقالات طالت نشطاء ومعارضين وأيضا رموزا من نظام الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة.

وانتقلت قيادة الجيش الجزائري من مرحلة التحذير إلى مرحلة تطويق الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ ديسمبر/كانون الأول 2018، عبر قرارات اعتبرت قمعية وتعسفية استهدفت تفكيك الحراك الشعبي الذي ينادي برحيل الحكومة وكل رموز النظام السابق بمن فيهم الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح وقائد الجيش.

وانتشرت قوات الشرطة بشكل كثيف في وسط العاصمة الجزائرية وعلى المحاور المؤدية لها اليوم، بأعداد أكبر بكثير من التواجد الذي كان يحصل عادة في أيام الجمعة.

وأوقفت قوات الشرطة عرباتها في كل الشوارع الرئيسية في العاصمة، بينها شارع ديدوش مراد المؤدي الى ساحتي موريس أودان والبريد المركزي، أبرز نقطتي تجمع للمحتجين.

وشوهدت عناصر من الشرطة بالزي المدني يدققون في وثائق الهوية للعديد من المارة قرب البريد المركزي وتم توقيف البعض منهم واقتيادهم في شاحنات نحو وجهة مجهولة.

وعند المدخل الجنوبي الغربي للعاصمة، كان في الإمكان رؤية قوات من الدرك توقف سيارات وافدين الى العاصمة، فيما توقفت في المكان نحو عشر شاحنات من قوات مكافحة الشغب التابعة للدرك الوطني.

ونقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شهادات عن اختناق مروري "يمتد على كيلومترات عدة" على مداخل العاصمة.

وشوهدت طائرة هيلكوبتر تابعة للشرطة تحلق فوق العاصمة منذ الصباح.

وعلّق نائب رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان سعيد صالحي على قرار الفريق قايد صالح منع الحافلات والعربات من خارج العاصمة دخولها بالقول، إن هذا "صادم حقاً"، مضيفا أن هذا القرار "غير قانوني"، وأن "الدستور يكفل للمواطنين الجزائريين المساواة في ما بينهم وحرية التنقل".

ودعت منظمة العفو الدولية السلطات الجزائرية إلى "عدم منع وصول المحتجين إلى العاصمة الجزائر في 20 أيلول/سبتمبر"، كما جاء في بيان الخميس.

القمع في الجزائر
القمع الامني غير مسبوق امتثالا لقرارات قايدصالح

وانطلقت الحركة الاحتجاجية في الجزائر في 22 شباط/فبراير رفضا لترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة. واستقال بوتفليقة في الثاني من نيسان/أبريل. لكن المحتجين يواصلون المطالبة برحيل كل رموز حكمه.

وأعلن الرئيس الجزائري الموقت عبد القادر الأحد أن الانتخابات الرئاسية ستجري في 12 كانون الأول/ديسمبر. إلا أن المحتجين لا يريدون إجراء انتخابات في ظل النظام الحالي.

ويواصل قايد صالح الحديث عن اجراء انتخابات رئاسية في الموعد المحدد لها قبل نهاية العام الحالي في تجاهل تام لمطالب المحتجين من الشباب ومن مختلف القطاعات والتوجهات بضرورة التغيير الجذري وبناء منظومة ديمقراطية.

والحديث عن انتخابات رئاسية محاولة من قائد الجيش فرض الامر الواقع رغم ان الاجواء السياسية والشعبية غير مهيئة لهذا الاستحقاق ما يشير الى جهود قايد صالح والمتحالفين معه الهروب الى الامام عوض الإذعان للمطالب الشعبية.

وأشار تقرير لصحيفة لومند الفرنسية نشر الاسبوع الماضي الى غياب الظروف الملائمة لانجاز هذا الاستحقاق في ظل سيطرة الجيش على كل نواحي الحياة السياسية وتعمده استهداف كل الرافضين لتدخله في السلطة ومسكه بزمام الحكم.

وتحدثت الصحيفة عما يتعرض له قادة الاحتجاج من انتهاكات قبل ايام من دعوة محتملة للرئيس الجزائري المؤقت الناخبين للاستعداد للانتخابات.

واشارت لومند الى عملية القبض على المنسق الوطني لحزب الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي كريم تابو وذلك بعد خطاب التهديد والوعيد من قبل قائد الجيش الجزائري واتهامه للمعارضة بإحداث الفرقة وخدمة اجندات اجنبية.

ووضع تابو الذي تم اختطافه من منزله من قبل شخصين ملثمين رهن الاحتجاز في تهم تتعلق بإحباط معنويات الجيش ويواجه عقوبة تصل الى عشر سنوات.

وقد اثارت عملية القبض على تابو انتقادات واسعة في ظل اتجاه من السلطة المدعومة بالجيش للتخلص من الاصوات المعارضة حيث وصف محسن بلعباس رئيس حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية الحادثة بانها اعمال مرتزقة.

ووصفت صحيفة لومند الاجواء بانها لا تؤدي الى مسار انتخابي شفاف وديمقراطي خاصة مع تعرض معارضين للقمع على غرار اعتقال زعيمة حزب العمال لويزة حنون في مايو/ايار او اعتقال أحمد بورقعة المعروف باسم "لخضر بورقعة" احد قادة جيش التحرير الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي. بتهمة الاساءة لمعنويات الجيش. 

ووصل بالنظام المدعوم بالجيش إلى حد تهديد حياة عدد من المعارضين حيث تعرض المحامي المعارض صالح دبوز للطعن من قبل ملثمين في غرداية الاسبوع الماضي.

ويتجه النظام الجزائري الى مزيد التشدد في تعامله مع المعارضة المطالبة بالتغيير الجذري فيح يعتمد على التيار الإسلامي الاخواني لتجميل صورته وعقد تحالفات لاقتسام السلطة في ظل غضب شعبي متنامي سيزداد مع العودة المدرسية والجامعية.