الجزائريون يرفضون تنازلات بوتفليقة من قلب العاصمة

الاف المحتجين يستانفون تظاهراتهم رغم تعهدات بوتفليقة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وبالتنحي عن الحكم في أقل من عام، إذا أعيد انتخابه.

الجزائر - استأنف آلاف الجزائريين الاحتجاجات في العاصمة ومدن أخرى الثلاثاء مطالبين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالتنحي ورافضين عرضه بألا يقضي فترته الرئاسية كاملة بعد الانتخابات في أبريل/نيسان.

وكتب على إحدى اللافتات "انتهت اللعبة" بينما حملت أخرى عبارة "ارحل يا نظام" فيما احتج طلاب في مدن منها قسنطينة وعنابة والبليدة.

وتجمّع نحو 300 طالب في ساحة البريد المركزي بوسط العاصمة الجزائر الثلاثاء، في تظاهرة جديدة في انتظار وصول زملائهم من جامعات وكليات أخرى.

وردّد الطلاب "يا بوتفليقة ماكانش (لا يوجد) عهدة خامسة"، أمام انتشار كبير للشرطة في وسط العاصمة التي يمنع فيها التظاهر منذ 2001.

وواصل الجزائريون تظاهراتهم بعد تجاهل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الاحتجاجات الرافضة لترشحه لولاية رئاسية خامسة، حيث تقدم رسميا بملف ترشحه لخوض استحقاق 18 أبريل/نيسان الرئاسي، وفق ما ذكر تلفزيون النهار الأحد، لكنه تعهد في المقابل بأنه في حال انتخابه مجددا رئيسا في 18 ابريل/نيسان، بعدم إنهاء ولايته والانسحاب من الحكم بعد تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة يحدد تاريخها إثر مؤتمر وطني.

يا بوتفليقة ماكانش عهدة خامسة

وقال عبدالغني زعلان مدير حملة بوتفليقة إنه سيعلن عن انتخابات رئاسية مبكرة في أقل من سنة في حال إعادة انتخابه، في تصريح يشير إلى أن السلطة إما أنها تبحث عن الخروج من الورطة مع تفاقم الاحتجاجات الرافضة للولاية الخامسة أو أن وضع الرئيس الصحي لا يسمح له فعلا بالاستمرار لأكثر من سنة أخرى في الحكم أو أنها مجرد مناورة سياسية تستهدف احتواء الغضب الشعبي.

وقال بوتفليقة في رسالة نقلها التلفزيون الوطني مساء الأحد "نمت إلى مسامعي وكلي اهتمام هتافات المتظاهرين عن آلاف الشباب الذين خاطبوني بشأن مصير وطننا"، في إشارة إلى حركة الاحتجاج غير المسبوقة التي أعقبت إعلانه ترشحه في العاشر من فبراير/شباط.

وأضاف "إني لمصمم إن حباني الشعب الجزائري بثقته مجددا على الاطلاع بالمسؤولية التاريخية وألبي مطلبه الأساسي أي تغيير النظام".

وتابع "أتعهد أمام الله تعالى والشعب الجزائري" بالدعوة مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية في 18 ابريل "إلى تنظيم ندوة وطنية شاملة واعتماد إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية من شأنها إرساء أساس النظام الجديد".

وتعهد بوتفليقة بـ"تنظيم رئاسيات مسبقة"، مضيفا "أتعهد ألا أكون مرشحا فيها" ليؤكد بذلك ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة قبل ساعات من انقضاء الآجال القانونية للترشح منتصف ليل الأحد.

واحتشد المئات من الطلاب في العاصمة وبلدات أخرى الأحد لمطالبة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بالتخلي عن اعتزامه الترشح لفترة ولاية خامسة في الانتخابات المقررة في أبريل المقبل.

وتظاهر نحو مئة طالب من جامعة الجزائر1 بوسط العاصمة للمطالبة بتنحي وتفليقة، الذي ينتظر أن يقدم ملف ترشحه للانتخابات خلال الساعات المقبلة.

وردد الطلاب شعار "بوتفليقة إرحل" بينما منعتهم الشرطة من التحرك بعيدا من مقر الجامعة. كما شهدت جامعات عدة في العاصمة وغيرها تجمعات مماثلة، بحسب طلاب ووسائل إعلام.

واحتشد مئات الطلاب داخل الحرم الجامعي قرب المجلس الدستوري ورددوا هتافات تقول "لا للعهدة الخامسة".

وكان هناك وجود أمني مكثف حول المجلس الدستوري ومنعت الشرطة الطلاب من مغادرة الحرم الجامعي الذي يبعد عن المجلس مسافة تقطع سيرا على الأقدام في عشر دقائق.

وبحسب طالب في الصحافة فإن الشرطة تحاصر مئات الطلاب في كليات عدة، كما هي الحال في كلية الحقوق الواقعة على بعد بضعة كيلومترات من مقر المجلس الدستوري حيث يتم إيداع ملفات الترشح قبل منتصف ليل الأحد.

وفي عنابة على بعد 400 كيلومتر شرق العاصمة الجزائر، تظاهر مئات الطلاب في أهم كليتين بينما تجمع آخرون في الشارعين الرئيسيين للمدينة، بحسب ما نقل صحافي محلي فضل عدم ذكر اسمه.

وقال "إنهم يرددون شعارات ضد بوتفليقة وضد أحمد أويحيى رئيس الوزراء، ويريدون مواصلة الضغط ضد الولاية الخامسة في هذا اليوم المصادف آخر أجل لتقديم الترشيحات".

وقال شهود إن احتجاجات نُظمت كذلك في كليات في مدن أخرى مثل وهران في غرب البلاد.

الاحتجاجات ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة
عشرات الالاف من الجزائرين يخرجون في اكبر موجة احتجاج ضد بوتفليقة

وشهدت البلاد الجمعة أكبر موجة احتجاج حتى الآن والتي شملت خروج عشرات الآلاف إلى الشوارع. وقالت وكالة الأنباء الجزائرية إن 183 شخصا أصيبوا وتوفي شخص إثر إصابته بأزمة قلبية.

وقالت وسائل إعلام حكومية  السبت إن بوتفليقة اختار عبدالغني زعلان مديرا جديدا لحملته الانتخابية بدلا من عبدالمالك سلال استعدادا للانتخابات. ولم يوجه بوتفليقة كلمة للمحتجين في أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ ثماني سنوات.

وخرج الجزائريون إلى الشوارع قبل عشرة أيام، في موجة استياء شعبي نادرة من نوعها، عندما بدأت مظاهرات لمطالبة بوتفليقة بالتنحي.

ودعت المعارضة الجزائرية الضعيفة والمنقسمة وجماعات المجتمع المدني للمزيد من الاحتجاجات إذا أكد بوتفليقة، الذي يحكم البلاد منذ 1999، مسعاه للترشح. لكن محللين يقولون إن الحركة الاحتجاجية تفتقر لقيادة وتنظيم في بلد ما زال يهيمن عليه المحاربون القدامى في حرب الاستقلال عن فرنسا في الفترة من عام 1954 حتى عام 1962.

وكان أول من قدم أوراق ترشحه في انتخابات الرئاسة هو على غديري وهو لواء متقاعد يتحدى الصفوة الحاكمة التي تتكون من أفراد الجيش والحزب الحاكم ورجال الأعمال. وقال للصحفيين إنه يبشر الشعب بفجر جديد.

ويقول معارضون إن بوتفليقة لم يعد لائقا للرئاسة مشيرين إلى تدهور صحته وما يقولون إنه انتشار للفساد وافتقار للإصلاحات لمعالجة البيروقراطية التي تعطل الاقتصاد.