الجزائر تحتجز جثامين مغاربة في خرق للقانون الدولي
المغرب/الجزائر - لا تزال الجزائر تماطل في تسليم جثامين سبعة شبان مغاربة لقوا حتفهم خلال رحلات هجرة غير شرعية ولفظت جثثهم أمواج البحر على السواحل الجزائرية رغم أن أهالي الضحايا أكملوا كافة الإجراءات المطلوبة في مثل هذه الحالات، فيما أثارت هذه القضية التي تكتسي بعدا إنسانيا انتقادات من قبل العديد من المنظمات الحقوقية والنشطاء الذين نددوا بما اعتبروه "انتهاك" الجزائر للقانون الدولي العرفي، بسبب عدائها المزمن للمغرب وتأجيجها الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وهي ليست المرة الأولى التي تحتجز فيها السلطات الجزائرية جثامين مغاربة دون أي سبب منطقي إذ سبق أن رفضت الاستجابة لكافة المطالب لتسليم رفات مغربي قتله خفر السواحل الجزائري في صائفة 2023 عندما تاه مع رفيقه خلال جولة بحرية، في حادثة أثارت صدمة وجدلا واسعا باعتبارها شكلت خرقا للأعراف الدولية المعمول بها في مثل هذه الحوادث.
وفي المقابل أثبت المغرب التزامه الأخلاقي بالتعاطي الإيجابي مع مطالب استلام جثث الجزائريين وكان آخرها تسليمه في منتصف الشهر الماضي جثمان شاب جزائري عثر على جثته على سواحل المملكة بعد أن غرق خلال محاولته الهجرة بطريقة نظامية.
وأشارت الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة إلى أن السلطات الجزائرية تواصل احتجاز جثامين سبعة مواطنين مغاربة، من بينهم شابتان تنحدران من الجهة الشرقية للمملكة، وفق موقع "الصحيفة" المغربي.
وبحسب المصدر نفسه لا تزال جثامين هؤلاء المغاربة في ثلاجات الموتى رغم كل الوعود من قبل السلطات الجزائرية واستيفاء كافة التراتيب الإدارية، ما ضاعف أوجاع أهاليهم.
وكانت الجمعية قد وجهت الشهر الماضي إثر تسليم السلطات المغربية جثمان شاب جزائري، رسالة مفتوحة إلى الرئيس عبدالمجيد تبون تدعوه إلى التدخل للاستجابة للطلب الإنساني، فيما يبدو أن نداءهم لم يجد اذانا صاغية ليبقى الملف يراوح مكانه.
ونقل موقع "الصحيفة" عن الحقوقي والمحاضر في شؤون الهجرة محمد عمراني قوله "لا نطلب المستحيل، نحن نطالب بحق بسيط وإنساني: أن تعود الجثامين إلى تراب الوطن، إلى أحضان العائلات المكلومة"، موضحا أن "أهالي الضحايا قدموا جميع الوثائق المطلوبة من بينها التصريحات والتوكيلات شهادات الوفاة الملفات الطبية"، منتقدا عدم الاستجابة للمطالب دون أي مبرر إنساني أو قانوني.
ويرى مراقبون أن الجزائر تستغل ملف تسليم الجثث في سياق استفزازاتها للمملكة، ما يكشف حجم العداء تجاه المغرب، بعد أن سعت طوال العقود الماضية إلى إطالة أمد النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية وتبنيها الطرح الانفصالي لجبهة بوليساريو ودعم قادتها وتوفير الغطاء السياسي لهم، متجاهلة تحوّل مقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب إلى خيار إستراتيجي بعد اتساع قائمة الدول التي تدعمه وتدفع باتجاه تنفيذه.
وقطعت الجزائر علاقاتها الرسمية مع الرباط عام 2021 متهمة إياها "بارتكاب أعمال عدائية منذ استقلال البلاد" في 1962، في حين أعرب المغرب عن أسفه للقرار الجزائري ورفض "مبرراته الزائفة".
ولا توجد اتفاقيات ثنائية محددة ومعلنة بين الجزائر والمغرب تنظم بشكل خاص تسليم الجثث، لكن هذه المسألة يضبطها القانون الدولي العرفي، إذ تنص القاعدة 114 منه على أنه "يجب على أطراف النزاع أن تسعى لتسهيل إعادة رفات المتوفين بناءً على طلب الطرف الذي ينتمون إليه أو بناءً على طلب أقاربهم"، وعلى الرغم من أن الجزائر والمغرب ليسا في صراع مسلح حاليًا، إلا أن هذا المبدأ يؤكد الالتزام الإنساني بتسهيل إعادة الجثث.
كما تحدد الاتفاقيات الدولية بشأن نقل الجثث، على الرغم من أنها ليست خاصة بالجزائر والمغرب، مثل اتفاقية برلين بشأن نقل الجثث لعام 1937واتفاقية ستراسبورغ لسنة 1973، مبادئ توجيهية عامة لتسليم الجثث عبر الحدود.