الجزائر تحتج على تصريحات فرنسية 'بغيضة' بشأن كورونا

السفارة الصينية في الجزائر تعتبر ما بثته قناة فرنسية بشأن المساعدة التي قدمتها بكين للجزائر "تزوير وافتراء" وتعد بالمزيد من المساعدات للجزائريين لمكافحة كورونا.

الجزائر ـ استدعت وزارة الخارجية الجزائرية سفير فرنسا احتجاجا على التصريحات "الكاذبة والبغيضة" التي وردت في أحد البرامج التلفزيونية على قناة فرنسية، وتحدثت عن وفد طبي أرسلته الصين إلى الجزائر للمساعدة في الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.

وقال بيان لوزارة الخارجية أمس الثلاثاء إن الوزير صبري بوقادوم استدعى سفير فرنسا لدى الجزائر  ليبلغه "احتجاج الجزائر الشديد" على التصريحات "الكاذبة والبغيضة وكذا القذف الذي طال الجزائر وسلطاتها في أحد البرامج التابعة لقناة تلفزيونية عمومية فرنسية".

وأضاف البيان أن الوزير طلب من السفير الفرنسي كزافييه دريانكورت نقل هذا الاحتجاج إلى أعلى السلطات في بلاده، كما تأسف لكون هذه القناة تصر على تشويه صورة الجزائر في الوقت الذي يجب أن تنصب كل الجهود على محاربة تفشي جائحة كورونا المستجد (كوفيد19)".

ولفت ذات المصدر أنه تم إبلاغ سفارة الجزائر بباريس لـ"رفع دعوى قضائية ضد هذه القناة التلفزيونية والمتدخل الذي أدلى بهذه التصريحات المشينة إزاء الجزائر".

ولم يشر بيان وزارة الخارجية إلى اسم القناة المعنية ولا إلى خلفيات القضية، لكن مصادر إعلامية محلية أفادت أن القضية تتعلق بقناة "فرانس 24" التي تدخل ضيف في أحد برامجها لتحدث عن الوفد الطبي الصيني الذي وصل الجزائر الجمعة الماضي للمساهمة في الحد من انتشار فيروس كورونا.

وقال متحدث في البرنامج يدعى فرانسيس غيلاس، والذي قدمته القناة على أنه باحث في مركز العلاقات الدولية، إن الوفد الصيني توجه في بداية الأمر لمستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة الجزائرية عوض أن يوجه لمستشفيات محافظة البليدة حيث مركز الإصابة بالوباء في الجزائر، في إشارة إلى تبجيل الجيش على المواطنين في نلقي العناية والمساعدات الصينية.

وأكدت ذلك الترجيح بيان أصدرته السفارة الصينية في الجزائر، تعليقا على القضية قالت فيه أن ما صدر عن فرانسيس غيلاس بشأن المساعدة التي قدمتها الصين للجزائر، "تزوير وافتراء".
ورأى البيان أن ما تم بثه خلال المقابلة التلفزيونية في القناة الفرنسية عبارة عن "أكاذيب حاقدة وجاهلة لعلاقتنا مع الجزائر، وأن الحكومة والشعب الصيني يتذكران دائما مساعدات الجزائرية".

وأوضحت السفارة أن دور بكين حان "لتقديم الدعم والمساعدة للجزائر والجزائريين"، مشيرة إلى أن مساعدات أخرى ستصل للجزائر لمساعدتها في مواجهة الفيروس التاجي.

ج
مستشفيات الجزائر تتجند لمحاربة كورونا

وأعلنت وزارة الصحة الجزائرية الثلاثاء، تسجيل 132 إصابة جديدة إضافة إلى 9 وفيات خلال الـ24 ساعة الماضية، مما يرفع عدد الإصابات الإجمالي إلى 716، والوفيات إلى 44، في حصيلة قياسية جديدة.

وقدم اللواء السعيد شنقريحة رئيس أركان الجيش الجزائري بالنيابة الثلاثاء "جملة من التوجيهات والتعليمات تمحورت حول إجراءات الوقاية من انتشار الوباء في صفوف الجيش واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على جاهزية الوحدات والقوات في أعلى مستوياته"، حسب بيان لوزارة الدفاع.

من جهته ألمح الرئيس الجزائري عبدالمجديد تبون في تصريحات لوسائل إعلام محلية بثت مساء الثلاثاء، إلى نفس القضية قائلا إن بلاده تتعرض منذ فترة لهجمة شرسة، مؤكدا أنها ستخرج سالمة من أزمة وباء كورونا المستجد وبأخف الأضرار.

وأضاف تبون أن الجيش الجزائري الذي يعتبر العمود الفقري للدولة منذ 6 أشهر، يتعرض لهجمات لأنه وفر الحماية للمسيرات والحراك الشعبي، ثم انتقل الهجوم ليطال مؤسسات الدولة.

وأكد الرئيس الجزائري أن المشكلة في مكافحة انتشار كورونا "ليست في الحجر الكلي أو الجزئي وإنما في تطبيق التدابير لاحترازية التي أوصى بها الأطباء وليس السياسيين، مشيرا إلى أنه "سيوجه تعليمات للأجهزة الأمنية بالتصدي الصارم لكل المخالفين لهذه الإجراءات إذا استلزم الأمر".

وأوضح تبون أن بلاده لم تصل بعد إلى حالة الطوارئ الصحية لكنها طلبت شراء معدات ومستلزمات طبية من الصين بنحو 150 مليون دولار ستصل الجزائر في غضون 3 أو 4 أيام.

 وقال "مستعد لصرف مليار دولار في مكافحة وباء كورونا، الجزائر لديها قدرات لم تستخدمها بعد. لن تكون هناك أية ندرة من المواد الغذائية ومخزوننا يكفي لعدة اشهر".

واعترف تبون، بنقص في توزيع المستلزمات الطبية في بعض المحافظات، مرجعا ذلك إلى سوء التنظيم ولافتا إلى أن الجزائر دولة قوية بعكس ما يروج له، وكانت من بين البلدان الأولى في العالم التي اتخذت اجراءات احترازية من تفشي وباء كورونا.

وخلال الأيام الماضية اتهمت قناة "فرانس 24" الناطقة بالعربية وضيوفها السلطات الجزائرية بـ"محاولة استغلال جائحة كورونا لتصفية حساباتها مع الصحافة والمعارضين ولتوقيف الحراك الشعبي المناهض للرئيس تبون وللجيش الجزائري"، وفق ما ورد في برنامج تلفزيوني على القناة الفرنسية.

وشهدت العلاقات الجزائرية الفرنسية في السنوات الأخيرة فتورا وتوترا ظهرت حدته خلال الاحتجاجات الغير مسبوقة التي شهدتها الجزائر ودفعت الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة إلى تقديم استقالته في أبريل 2019.

وشن الجزائريون خلال الحراك الشعبي حملة انتقادات لاذعة على تغطية وسائل إعلام الفرنسية للمظاهرات مستذكرين الحساسيات السياسية والتاريخية العالقة بين البلدين. وبقيت باريس حذرة بعدها في تعاملها مع الحراك الجزائري حتى نهاية الانتخابات الرئاسية في ديمسبر الماضي.

واستضافت القناة الفرنسية المذكورة في السابق عدد من المعارضين الجزائريين المقيمين في باريس، انتقدوا خلالها اعتقال عدد من النشطاء والمعارضين السياسيين في الجزائر ما أثار غضب السلطات الجزائرية.

وسبق لقائد الجيش الجزائري الراحل الفريق أحمد قايد صالح أن اتهم فرنسا بـ"التدخل في الشؤون الداخلية" لبلاده، وبأنها "تقف وراء أجندة تآمرية مع دول أخرى"، كما اتهم رموز النظام السابق بـ"العمالة لمستعمر الأمس" في إشارة واضحة إلى فرنسا.

العلاقات عا
العلاقات بين البلدين تحسنت قليلا بعد انتخاب تبون

وخسرت فرنسا الكثير من نفوذها الاقتصادي في الجزائر منذ نهاية 2018، ثم زادت حدته بعد القرار الجزائري بتعديل قانون المحروقات شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وكان بمثابة الضربة الكبيرة للاستثمارات الفرنسية.

وبعد انتخاب تبون خف التوتر بين البلدين لتعود العلاقات إلى "طبيعتها" حيث قام وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان، في 12 مارس/أذار الماضي بثاني زيارة رسمية إلى الجزائر، بعد الأولى في 21 يناير/كانون الثاني الماضي.

وكانت تطورات الملف الليبي هي التي دفعت لودريان لإعادة فتح التعاون القاتصادي وكسر الجمود بين البلدين خلال لقائه مع نظيره الجزائري صبري بوقادوم.

وبمناسبة عيد النصر المصادف لـ19 مارس/أذار، جدد تبون موقف بلاده من ملفات الذاكرة مع باريس، وأكد على أنها "ملفات لن تطوى إلا بشكل عادل".

وشدد على أن بلاده تتحمل المسؤولية الكاملة لـ"لحماية الذاكرة الوطنية، وجمع كل ما يتعلق بها سواء في الداخل من شهادات حية، ومخطوطات، ومعالم أثرية وتسجيلات صوتية أو مصورة وأفلام وثائقية أو في الخارج مع الإصرار على استرجاع أرشيف وطننا خلال الحقبة الاستعمارية كاملا، وجماجم رموز قادة المقاومة الشعبية".

وخلال المناسبة تلقى تبون اتصالاً هاتفياً من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون تطرقا خلاله لـ"المسائل المتعلقة بالذاكرة الوطنية وضرورة الاسراع في حلها، وكذلك الوضع في ليبيا والساحل الأفريقي"، واتفقا على المزيد من التشاور لمواجهة القضايا ذات الاهتمام المشترك.