الجزائر تراكم الفشل الدبلوماسي بتجاوز دور الوسيط في أزمة مالي
الجزائر – شنت وسائل الإعلام الجزائرية هجوما حادا على المتحدث باسم الحكومة المالية الذي عبر عن انزعاج بلاده من دعم الجزائر "للإرهابيين" خلال كلمته في الأمم المتحدة، مع تأكيده أن الاتفاق الذي تم توقيعه في يناير/كانون الثاني الماضي أصبح ميتا، في مؤشر على أن الأزمة بين البلدين تزداد حدة ومرشحة للتصعيد.
واستخدمت صحيفة الخبر الجزائرية المقربة من السلطة ألفاظا حادة مسيئة في هجومها على السلطات العسكرية في مالي، ردا على كلمة عبدالله مايغا، وزير الدولة وزير الإدارة الترابية واللامركزية المتحدث باسم الحكومة المالية في الأمم المتحدة، الذي قال أن "الدبلوماسيين الجزائريين يقومون بإيواء إرهابيين".
ووجهت مالي انتقادات لاذعة للجزائر متهمة إياها بـ"إيواء إرهابيين" يستهدفونها، دون أن تحترم "حسن الجوار".
والمجلس العسكري الذي يتولى السلطة في البلاد منذ 2020 جعل من استعادة السيطرة على كامل أراضي البلاد إحدى أولوياته.
وخلال كلمة ألقاها في الدورة العادية التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، ذكر مايغا أن "هناك تدخلا خطيرا في الشؤون الداخلية لمالي. منذ انتهاء اتفاق الجزائر في 25 يناير/كانون الثاني 2024، لم تعرب مالي إلا عن أمنية واحدة تتعلق بنفسها، وهي أن تعيش بسلام. سيدي وزير الخارجية (الجزائري)، الاتفاق ميت فعلياً. لن يتم استخدام تعويذاتك لإحيائه. سنرد بالمثل على كل رصاصة تطلق علينا، وعلى كل كلمة تستخدم بشكل خاطئ سنرد بالمثل".
وسبق أن اتهم المجلس العسكري الحاكم في مالي، في يناير/كانون الثاني الماضي، الجزائر بالقيام بأعمال عدائية والتدخل في شؤون بلاده الداخلية، وأنهى اتفاق الجزائر للسلام لعام 2015 مع المتمردين الطوارق بأثر فوري.
وذكرت ذكرت صحيفة لوبينيون الفرنسية، أن الجزائر تحاول إعادة إحياء اتفاق المصالحة الموقّع تحت رعايتها سنة 2015، كما تسعى للحصول على نفوذ أكبر في الشؤون الاقتصادية في باماكو، رغم المنافسة الشديدة من قوى عالمية مثل روسيا والصين، بالإضافة إلى منافسين استراتيجيين آخرين في المنطقة.
وأوضحت أن الجزائر كانت دائما معارضة لوجود قوات أجنبية في شمال مالي، بما في ذلك القوات الفرنسية.
وأكدت السلطات العسكرية في مالي، في بيان أذيع على التلفزيون الرسمي أنه لم يعد من الممكن الاستمرار في الاتفاق بسبب عدم التزام الموقعين الآخرين بتعهداتهم، وبسبب "الأعمال العدائية" التي تقوم بها الجزائر الوسيط الرئيسي في الاتفاق.
وأضافت أن الجزائريين "منحازون" للمعارضة الطرقية التي تبحث عن إقامة دولة في شمال البلاد. وصدر ذلك كرد فعل على استقبال الرئيس الجزائري ممثلين عن المعارضة، وخصوصاً رجل الدين محمود ديكو المعروف بحدة خطابه تجاه الحكومة.
ووصف ممثل مالي في ذات الكلمة المندوب الجزائري في الأمم المتحدة بأنه يعتقد خطأً أن مالي ولاية جزائرية، وذلك ردا على تصريحاته التي أدان فيها الجيش المالي الذي قام بهجمات على "المتمردين الأزواد" بطائرات بدون طيار أسفرت عن "مقتل مدنيين" في بلدة تينزاواتين الحدودية.
وأكد الوزير المالي في كلمته أن الجزائر تلعب دور "المشوش" ولا تحترم حسن الجوار . وأضاف "إن لم تكن الجزائر تحترم مالي بسبب وقوفها معها في حرب التحرير، ولم تحترم حسن الحوار والجغرافيا المشتركة بين الشعوب، فعليها أن تعلم أن مالي ليست ولاية جزائرية"، مشيرا إلى أن الجيش المالي منتشر في جميع أنحاء البلاد، والحكومة المالية تبنت استراتيجية شاملة ومتكاملة تهدف إلى استعادة سلطة الدولة على "الأراضي الوطنية بأكملها".
وأشار المتحدث إلى أنه "تم إضعاف الجماعات الإرهابية بشكل قوي"، بفضل انتشار "قوات الدفاع والأمن في جميع أنحاء الأراضي الوطنية. بالإضافة إلى ذلك، تتواصل العمليات الهجومية لقواتنا لتفكيك الشبكات الإرهابية المتبقية".
وكانت وزارة الخارجية في باماكو قد استدعت في ديسمبر/كانون الأول الماضي سفير الجزائر، احتجاجاً على "أفعال غير ودّية" من جانب بلاده، و"تدخّلها في الشؤون الداخلية" لمالي تحت غطاء عملية السلام.
وتأخذ مالي الجزائر على عقدها اجتماعات مع الانفصاليين الطوارق دون إشراك السلطات المالية.
واشتد الخلاف بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي، على خلفية هجوم عسكري شنه الجيش المالي في 25 من شهر أغسطس/آب الماضي على مواقع متمردين من الطوارق بالحدود مع الجزائر.
وتروج تقارير جزائرية لنظرية المؤامرة من خلال تهويل الأوضاع في منطقة الساحل الأفريقي والزعم بأنها ستشهد المزيد من الأزمات والفوضى، مدّعية بأن الجزائر تشكّل مفتاح استقرار المنطقة للتغطية على فشل مساعيها في استعاده نفوذها، بينما يشكّل الواقع على الميدان أكبر دليل على زيف هذه الادعاءات التي لا يمكن فصلها عن تأييد دول الساحل للمبادرة المغربية التي تهدف إلى تيسير وصولها إلى المحيط الأطلسي باعتبارها تمثل فرصة تاريخية لتحقيق نقلة اقتصادية وتنموية نوعيه.
وزعمت صحفية 'الخبر" الجزائرية استنادا إلى تقارير من أسمتهم "خبراء كبار في الإستراتيجية" أن "ما حدث في النيجر ومالي وبوركينافاسو وتشاد مرتبط بشكل مباشر بالحرب في لسودان" مشيرة إلى أنهم يتوقعون استمرار الاضطرابات في المنطقة الداخلية من القارة الإفريقية بسبب مخزوناتها من الثروات الطبيعة غير المستغلة.