الجزائر تضيق على التونسيين بسبب قضية أميرة بوراوي

تونسيون عالقون في معبر 'ببوش' الحدودي يؤكدون أن السلطات الجزائرية منعت قرابة 200 سيارة من العبور وسط مخاوف من أن يتحول الملف إلى أزمة دبلوماسية بين البلدين.
تونسيون عالقون يؤكدون ان الامن الجزائري تحدث عن ازمة دبلوماسية بسبب ملف بوراوي
تصعيد غير مسبوق وغير مبرر من الجزائر بسبب ملف اميرة بوراوي
ليس من مصلحة الجزائر تعكير العلاقات مع تونس وفرنسا

الجزائر - لا تزال قضية هروب المعارضة الجزائرية أميرة بوراوي عبر تونس إلى فرنسا تثير الكثير من الجدل فبعد الحديث عن أزمة في العلاقات بين الجزائر وفرنسا مع تصعيد السلطات الجزائرية من خطابها واتهاماتها للجانب الفرنسي تحدثت الكثير من المصادر عن محاولات للتضييق على التونسيين القادمين من الجزائر عبر المعابر الحدودية.
وتحدثت مصادر من المعبر الحدودي "ببوش عين دراهم" أن نحو 200 سيارة لا تزال منذ يوم الخميس في المعبر بعد أن طلبت منهم السلطات الجزائرية إفراغ بضائعهم ومقتنياتهم سواء من أكل أو لباس.
وشدد احد التونسيين العالقين في المعبر لإذاعة "موزاييك اف ام" الخاصة الخميس أنهم لم يتمكنوا لحد الآن من الدخول رغم البرد القارس وأنهم عانوا من صعوبات ومضايقات حتى داخل المدن الجزائرية من قبل الشرطة فيما لم تعلق السلطات الجزائرية على هذه التطورات.
وأوضح احد المتدخلين أنهم حاولوا في البداية الدخول من معبر "أم الطبول" لكن أجهزة الأمن الجزائرية هنالك رفضت ذلك وأكدت وجود أزمة دبلوماسية بين تونس والجزائر على خلفية ملف الناشطة أميرة بوراوي.
وكانت المعارضة والحقوقية أميرة بوراوي دخلت من الجزائر إلى تونس عبر معبر "ام الطبول" لتغادر بعد ذلك إلى فرنسا عبر مطار قرطاج بمساعدة السفارة الفرنسية وهو ما أثار غضب الجانب الجزائري.
وألقت قوات الأمن التونسية في البداية القبض على بوراوي التي تواجه حكما بالسجن لعامين في الجزائر بسبب تهم تتعلق بازدراء الإسلام او معارضة النظام الجزائري الحالي وسط توقعات بترحيلها للجزائر لتتفاجأ السلطات الجزائرية بسفرها الى باريس.
وأكدت بوراوي أن في تصريح "لقناة تي في 5" الفرنسية ان السلطات التونسية سمحت لها بالسفر تحت حراسة أمنية بعد التنسيق مع الجانب الفرنسي فيما أكدت صحيفة " لومند" الفرنسية ان الرئيس التونسي قيس سعيد سمح شخصيا بخروج بوراوي عبر مطار قرطاج.
ويستغرب مراقبون من حجم التصعيد الجزائري وسعيها لتازيم العلاقات مع دول صديقة مثل فرنسا والجزائر في ملف بوراوي واعتباره جزء من امن الدولة رغم ان المعارضة لم تتورط في ملفات تتعلق بالإرهاب.
ورغم ان التصعيد سيؤثر على المصالح الفرنسية خاصة وان باريس تبحث عن دعم جزائري في ملف الطاقة والغاز او على الوضع الاقتصادي التونسي من خلال الدعم الذي تتلقاه تونس من الجزائر لكن السلطات الجزائرية بدورها ستتأثر سلبا مع تصاعد عزلتها في المنطقة اذا فكرت في مزيد التصعيد وتعاطت بسلبية اكبر مع الملف ولم تحاول تطويق الأزمة.

اميرة بوراوي تحدثت عن تنسيق بين تونس والسفارة الفرنسية قبل السماح لها بالسفر
اميرة بوراوي تحدثت عن تنسيق بين تونس والسفارة الفرنسية قبل السماح لها بالسفر

ولم يسبق للسلطات الجزائرية أن شددت من إجراءاتها على المعابر والحدود مع تونس بهذا الشكل رغم قيام الجمارك في الأشهر الأخيرة بمنع تونسيين من إدخال مواد أساسية مدعمة بل وألقت القبض على بعض الأشخاص الذين سعوا إلى تهريب كميات كبيرة من المواد سواء عبر سياراتهم الخاصة أو عبر حافلات سياحية.
وحكم القضاء الجزائري على بعض التونسيين بالسجن لمدد تصل الى 10 سنوات بتهمة التهريب ما دفعهم للدخول في إضراب جوع.
وتأتي هذه التطورات والإجراءات الجزائرية المشددة رغم ان العلاقات بين تونس والجزائر تمر بأفضل أوضاعها منذ عقود خاصة بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021 والتي حظيت بدعم وقبول من الجارة الغربية. 
ورغم ميل الجانب التونسي في الآونة الأخيرة لدعم السياسات الجزائرية على حساب دول إقليمية أخرى مثل المغرب من خلال استقبال الرئيس قيس سعيد لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي في القمة الثامنة لمؤتمر طوكيو الدولية حول التنمية في أفريقيا تيكاد في آب/أغسطس الماضي لكن لا يستبعد ان قضية بوراوي ستثير كثيرا من التداعيات الدبلوماسية.
وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون وصف مرارا نظيره التونسي بالصديق كما دعمت الجزائر تونس اقتصاديا سواء عبر تقديم هبات وقروض او كميات من الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء في خضم أزمة اقتصادية تمر بها تونس.
ورغم ان الموقف الرسمي الجزائري لم يتعاطى بسلبية إلى حد الآن مع تونس في الملف سوى من بعض الإجراءات المشددة على المعابر لكن السلطات الجزائرية وجهت انتقادات حادة وغير مسبوقة للموقف الفرنسي وصل الى حد استدعاء السفير الجزائري للتشاور.
وأعلنت الخارجية الجزائرية الأربعاء أنها أعربت في مذكرة رسمية للسفارة الفرنسية عن "إدانة الجزائر الشديدة لانتهاك السيادة الوطنية من قبل موظفين دبلوماسيين وقنصليين وأمنيين تابعين للدولة الفرنسية".
وأضافت أن هؤلاء "شاركوا في عملية إجلاء سرية وغير قانونية لرعية جزائرية يعتبر تواجدها على التراب الوطني ضروريا بقرار من القضاء الجزائري" كما نددت بما اعتبرته تطورا "غير مقبول ولا يوصف"، مشيرة إلى أنه "يسبب ضررا كبيرا للعلاقات الجزائرية الفرنسية".