الجزائر تقاوم للتخلص من كورونا والحراك الشعبي

قرار الحكومة الجزائرية بمنع كافة أشكال التجمعات حتى إشعار آخر يأتي بعد أيام من استفتاء على تعديل الدستور يعزز قبضة السلطة ووجودها وبعد مؤشرات على محاولة الاحتجاجات الشعبية استعادة زخمها.  
الجزائر تعيد حظر التجمعات حتى إشعار آخر
الموجة الوبائية الأولى أضعفت الحراك الشعبي
الجزائر تسجل قفزة قياسية في الإصابات بكورونا

الجزائر - أعلنت الجزائر اليوم الخميس، إعادة حظر كافة التجمعات ضمن إجراءات جديدة تهدف للحد من تصاعد وتيرة تفشي فيروس كورونا، بينما يأتي القرار عقب جهود لإحياء الاحتجاجات وبعد أيام من استفتاء على تعديل دستوري مثير للجدل يرسخ سلطة الرئيس عبدالمجيد تبون الذي يعتبره الحراك الشعبي أحد رموز النظام السابق واكبر مخلصيه.

وينظر نشطاء إلى الإجراءات الحكومية لمكافحة الوباء على أنها فرصة للنظام لوأد الحركة الاحتجاجية التي ضعفت بالفعل بسبب تفشي فيروس كورونا.

وجاء الإعلان عن منع التجمعات في بيان صادر عن الحكومة الجزائرية، عقب اجتماع لها برئاسة رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد، خصص لتقييم الوضع الوبائي في البلاد.

وفي مارس/آذار الماضي، حظرت السلطات الجزائرية التجمعات ضمن تدابير مكافحة كورونا، قبل أن تلغي حظرها في سبتمبر/أيلول الماضي.

وخلال الفترة الماضية، شهدت الجزائر تزايدا مضطردا في إصابات كورونا، حيث جرى تسجيل 548 إصابة أمس الأربعاء، لتبلغ حصيلة الإصابات 59.527، بينها 1.999 وفاة.

وقالت الحكومة في بيانها "تقرر مخطط عمل استعجالي فوري وتدابير دقيقة وتدريجية من أجل احتواء انتشار الوباء، مع توفير كل الظروف البشرية واللوجيستية لضمان أفضل تكفل ممكن بالـمرضى".

وأضاف أنه من أبرز قرارات هذا المخطط "منع تنظيم الـملتقيات أو الندوات أو الاجتماعات أو أي تجمع آخر ، يشكل عوامل لانتشار الوباء لغاية إشعار آخر".

كما يضم المخطط "تعزيز تدابير الوقاية في جوانبها الـمتعلقة بالصحة والسلامة ووضع إستراتيجية اتصال أكثر فعالية والتطبيق الصارم للتدابير القانونية القسرية"، وفق نص البيان.

وتنص عقوبات مخالفة تدابير الوقاية على غرامات مالية كبيرة ضد الأفراد والشركات وحتى السجن في بعض الحالات. كما يمكن غلق أي محل تجاري لا يحترم وضع الكمامة أو عدد الأشخاص المسموح بهم في المحل أو حتى دخول الأطفال.

ومنذ 24 مايو/أيار أصبح وضع الكمامة إجباريا في كل مكان وحتى في الشارع والسيارة، لكن الالتزام بهذا الإجراء تلاشى مع مرور الأسابيع كما لاحظت الحكومة.

الحكومة تحمل المواطن المسؤولية عن تفشي فيروس كورونا
الحكومة تحمل المواطن المسؤولية عن تفشي فيروس كورونا

وقالت الحكومة "هذا التصاعد للجائحة يجد تفسيره في التراخي الواضح بالتزام الـمواطنين باليقظة والتخلي عن ردود الفعل الاحترازية وعدم احترام التدابير الـمانعة لا سيما الارتداء الإجباري للقناع الواقي واحترام التباعد الجسدي ونظافة الأيدي".

كما أشارت إلى أن من أسباب "عودة ظهور البؤر"، التجمعات وعدم الامتثال للبروتوكولات الصحية خصوصا في وسائل النقل والمتاجر والأماكن العمومية.

وبعد أسابيع من الانخفاض المتواصل في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، عاد العدد ليرتفع خلال الأسبوعين الماضيين وكلها حالات محلية إذ أن الحدود ما زالت مغلقة منذ مارس/اذار.

وبحسب وزارة الصحة، سجلت الجزائر التي يقطنها 44 مليون نسمة نحو 60 ألف إصابة بالوباء منذ أول حالة في فبراير/شباط.

وقررت الحكومة كذلك "إعادة تعبئة الـمؤسسات الصحية من أجل تركيز أنشطتها" من أجل "التكفل من باب الأولوية بالمرضى المصابين بفيروس كورونا" المستجد، بحسب البيان.

ولم تستبعد حكومة عبدالعزيز جرّاد اللجوء إلى المزيد من تدابير الحجر إذا استمر الوضع الوبائي في التدهور.

وتأتي هذه الإجراءات غداة عودة الطلاب إلى الدراسة بعد ثمانية أشهر من التوقف، وسبقهم تلاميذ المدارس الابتدائية قبل أسبوعين.

وأعلنت الرئاسة الجزائرية الثلاثاء أن الرئيس عبدالمجيد تبون مصاب بوباء كورونا وهو الآن يعالج في مستشفى في ألمانيا.

وخلال الموجة الوبائية الأولى في مارس/اذار كشفت منظمات حقوقية أن السلطات كثفت من عمليات اعتقال نشطاء الحراك الشعبي، مشيرة إلى أنها استغلت الظرف الصحي الطارئ لإضعاف الحراك تدريجيا وتصفية الحساب مع قادة الاحتجاجات.

لكن الحكومة أعلنت مرارا أنها تؤيد الحق في التظاهر السلمي إلا أن الوضع الصحي لم يعد يسمح باستمرار تلك الاحتجاجات بسبب مخاوف من انتشار العدوى.

والإجراء الأخير حول حظر جميع التجمعات يبدو مقبولا في ظاهره وأهدافه المعلنة، لكن نشطاء في الحراك يعتبرون أن الإجراءات المرافقة للوضع الوبائي هي مجرد ذرائع لخنق الحريات.

وشكلت المقاطعة الواسعة للاستفتاء على تعديل الدستور رسالة رفض للنظام الحالي حتى وان تم تمريره بنسبة ضعيفة جدا.