الجزائر تكتم احتجاجات العطش صوتا وصورة

صحيفة 'الغارديان" البريطانية تكشف أن متابعة أزمة المياه في ولاية تيارت اقتصرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

الجزائر - كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن الاحتجاجات التي شهدتها ولاية تيارت في الغرب الجزائري بسبب أزمة المياه لم تحظ بالتغطية الإعلامية اللازمة نتيجة القيود التي تفرضها السلطات على المواقع والصحف، فيما يبدو أن النظام الجزائري سعى إلى التعتيم على المظاهرات، لا سيما وأنها تأتي في وقت يستعد فيه الرئيس عبدالمجيد تبون لإعلان الترشح للانتخابات الرئاسية.

وشهدت تيارات خلال الآونة الأخير مظاهرات غاضبة بسبب النقص الفادح في المياه، فيما حمّل نشطاء السلطات الجزائرية مسؤولية تركهم وحيدين في مواجهة العطش، بينما ظلت وعود المسؤولين بإيجاد حلول للأزمة مجرّد شعارات تسكينية لاحتواء الاحتجاجات والحيلولة دون امتدادها إلى مناطق أخرى.

وأوضحت الصحيفة البريطانية أن متابعة الاحتجاجات ضد أزمة المياه في تيارت اقتصرت على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما تفادت وسائل الإعلام التطرّق إلى المسألة خوفا من إجراءات عقابية قد تصل إلى حدّ السجن على غرار العديد من الإعلاميين الذين يقبعون في السجون بتهم وصفت بـ"الملفقة".

وتشير تقارير دولية إلى أن الجزائر تحولت إلى "سجن كبير"، فيما يواجه النظام الجزئري اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان، خاصة بعد حملة القمع الواسعة التي طالت العشرات من نشطاء الحراك الشعبي وانتهت بالعديد من الإعلاميين في السجون بعد أن وجهت لهم تهم توصف بـ"الكيدية" بسبب معارضتهم لسياسة الرئيس عبدالمجيد تبون.

وفقا لأحدث تصنيف صادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" غير الحكومية، تراجعت الجزائر ثلاثة مراكز في العام 2024 في مقياس حرية الصحافة، لتحتل المرتبة 139 من أصل 180 دولة.

وأعربت عن أسفها لتعرض وسائل إعلام مستقلة لضغوط وتعرّض صحافيين لتهديدات واعتقالات لمجرد ذكر الفساد أو قمع التظاهرات.

وأوضحت "الغارديان في تقريرها أن "العديد من النشطاء يوجهون انتقادات للسلطات الجزائرية، معتبرين أنها لم تتخذ الإجراءات الكافية لحلّ أزمة المياه"، مشيرة إلى أن "العديد من المناطق تعاني نقصا مائيا"، لافتة إلى أن "المشكل يتعاظم عاما بعد آخر في ظل التغيرات المناخية".

واكتسحت هاشتاغات #ثورة_العطش و#الجزائر_المنكوبة مواقع التواصل الاجتماعي، في غمرة موجة غضب واسعة، فيما ساند عديد النشطاء الجزائريين احتجاجات أهالي تيارت، منددين بما أسموه تقصير السلطات في الإيفاء بأحد أهمّ الاحتياجات.   

وعلّق نشطاء على الاحتجاجات بقولهم "هذه هي الجزائر الجديدة" التي دأب الرئيس عبدالمجيد تبون على ترديدها في أغلب خطاباته، منتقدين تهميش الحكومة لكافة التحذيرات من تطوّر نقص المياه في عديد المناطق إلى شحّ تام.

ويرى مراقبون أن هذه الاحتجاجات تشكّل صداعا بالنسبة إلى السلطات الجزائرية التي تداري عجزها عن إيجاد حلول حقيقية للأزمة التي تعدّ نتيجة سياسات تنموية خاطئة، رغم أن البلد المنتج للنفظ والغاز لا تعوزه الإمكانيات المادية.

وأشارت تقارير إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الجزائرية سواء بإقالة عدد من المسؤولين وتقديمهم كأكباش فداء أو الإعلان عن تشكيل لجنة لمتابعة أزمة المياه بتيارت لم تفلح في تراجع الاحتقان الشعبي، إذ تظهر فيديوهات وصور على مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجات، تتخللها أعمال شغب، مطالبة بوضع حدّ للمعضلة.

واعتبرت المصادر نفسها أن هذه المظاهرات وجّهت ضربة للصورة التي سعى الرئيس الجزائري إلى الترويج لها في غمرة التمهيد لترشحه للانتخابات الرئاسية من خلال استعراض الإنجازات المحققة خلال عهدته الرئاسية.

ويعتبر متابعون للشأن الجزائري أن احتجاجات العطشى تتصدّر أسباب تأخر إعلان الرئيس عبدالمجيد عن ترشحة للانتخابات المقررة في 7 سبتمبر/أيلول المقبل بعد أن حظي بتزكية من الجيش ومناشدات من قبل عدد من أحزاب الموالاة.