الجزائر تنأى بنفسها عن فضيحة الوقود المغشوش في لبنان

النيابة العامة الاستئنافية في لبنان تدعي على 12 شخصا بينهم موظفون حكوميون في قضية استيراد فيول غير مطابق للمواصفات لصالح شركة كهرباء لبنان عبر شركة مملوكة من مجموعة سوناطراك الجزائرية.
الرئاسة الجزائرية: قضية الوقود المغشوش لبنانية داخلية
جبران باسيل في قلب فضيحة الوقود المغشوش
تبون يأمر بفتح تحقيق حول ملابسات الوقود المغشوش للبنان
قضية الوقود المغشوش قشة في كومة فساد التهم مقدرات لبنان
فضيحة الوقود المغشوش تسلط الضوء على شبكة واسعة من الفاسدين

الجزائر - قال مسؤول كبير في الرئاسة الجزائرية الأربعاء، إن فضيحة الوقود المغشوش المستورد من بلاده والتي تفجرت مؤخرا في لبنان، قضية داخلية.

وقال محمد السعيد الناطق باسم الرئاسة في مؤتمر صحفي في رده على سؤال بشأن تطورات هذا الملف "هذه القضية لبنانية داخلية والدولة الجزائرية غير متورطة وغير معنية وهناك شركة تجارية تابعة لسوناطراك هي من باعت الوقود".

وتابع "رئيس الجمهورية (عبدالمجيد تبون) أمر وزارة العدل بفتح تحقيق حول ملابسات القضية وإذا ثبت تورط أشخاص فالقضاء سيحاسبهم، لكن المؤكد أن الدولة الجزائرية لا علاقة لها بالقضية".

وفي نهاية أبريل/نيسان الماضي، تناقلت وسائل إعلام لبنانية خبر توقيف ممثل شركة سوناطراك الجزائرية في لبنان و16 شخصا آخرين في قضية تسليم شحنة تتضمن عيوبا في نوعية الوقود، لصالح شركة كهرباء لبنان الحكومية.

وترتبط سوناطراك منذ يناير/كانون الثاني 2006، باتفاقية مع وزارة الطاقة اللبنانية لتزويدها بوقود الديزل وزيت الوقود (الفيول).

وبعد تفجر هذه القضية في لبنان، أصدرت سوناطراك بيانا تفند فيه "الادعاءات غير الصحيحة والكاذبة حول تورط موظف لديها في لبنان، بخلاف ما تدرسه حاليا العدالة اللبنانية".

وأوضحت "قضية الوقود المغشوش تتعلق بخلاف يعود إلى 30 مارس/آذار الماضي، عندما تلقت سوناطراك إشعارا من وزارة الكهرباء والمياه اللبنانية بخصوص عيب في النوعية لإحدى شحنات الوقود المسلمة لشركة كهرباء لبنان بتاريخ 25 من الشهر ذاته".

جبران باسيل يواجه اتهامات بالكذب ومحاولة التأثير على القضاء في قضية الوقود المغشوش
جبران باسيل يواجه اتهامات بالكذب ومحاولة التأثير على القضاء في قضية الوقود المغشوش

وتوقعت الشركة "تسوية فعلية ونهائية لهذه الوضعية قريبا نظرا للعلاقات المتميزة التي تربط الطرفين.. نحترم التزاماتنا التعاقدية في ما يخص التموين لصالح شركة كهرباء لبنان".

وفجرت هذه القضية جدلا سياسيا حادا في لبنان على وقع اتهامات لا تهدأ بالفساد للمنظومة السياسية وهو ما دفع آلاف اللبنانيين في الأشهر الماضية للخروج في مظاهرات حاشدة.

واتهم سليمان فرنجية رئيس تيار المردة الرئيس ميشال عون وصهره جبران باسيل (وزير الخارجية السابق) بـ"الكذب" ومحاولة التأثير على القضاء بخصوص فضيحة الوقود المغشوش، مشيرا إلى أن التيار العوني يريد تسييس الملف للإفلات من مسؤولية وزرائه فيه.

وأثارت تصريحات الوزير والنائب السابق الاثنين، جدلا واسعا حيث يتابع الشارع اللبناني هذه الأيام سجالا محموما واتهامات خطيرة بين السياسيين بعد أن طالت تحقيقات القضاء وزراء من التيار الوطني الحر وأحزاب أخرى حول قضية الوقود المغشوش لمؤسسة الكهرباء لتكشف المزيد من المعطيات الخطيرة عن تورّط موظفين في وزارة الطاقة ورجال أعمال مدعومون سياسيا.

وتفجر الجدل بخصوص ملف الوقود المغشوش أكثر بعد أن بدأ سياسيون يتبادلون الاتهامات في ما بينهم على إثر توجيه القضاء دعوات للاستماع إلى وزراء الطاقة السابقون، ستة منهم ينتمون إلى التيار الوطني الحر وفي مقدمتهم رئيسه جبران باسيل الذي تولى حقيبة الطاقة عام 2009.

وكشفت التحقيقات عن أسماء لشخصيات محسوبة على تيار المردة أيضا ومن هناك بدأت سبحة المتورّطين تنفرط شيئا فشيئا ليدخل ملف الوقود المغشوش ضمن سجال سياسي خطير تم خلاله تبادل الاتهامات وكشف الفضائح بين الجانبين يرجح أن تطيح بعدد كبير من السياسيين والمسؤولين ورجال الأعمال.

وبدأت التحقيقات في هذه القضية التي ضاعفت أزمات لبنان الاقتصادية، مع اكتشاف باخرة من الوقود المغشوش المستورد من الجزائر منتصف أبريل/نيسان، لتسلط القضية الضوء عن عمليات فساد مماثلة أخرى.

التحقيقات أظهرت أن الوقود المغشوش المستورد لا يتطابق مع المواصفات المطلوبة وتم ذلك بالتواطؤ مع موظفين في مختلف المستويات ما خزينة الدولة اللبنانية خسائر بـ400 مليون دولار.

وبينت التحقيقات أن الوقود المغشوش المستورد لا يتطابق مع المواصفات المطلوبة وتم ذلك بالتواطؤ مع موظفين ومسؤولين في مختلف المستويات ما أدى إلى أعطال في شركة الكهرباء وخسائر في خزينة الدولة اللبنانية تقدر بـ400 مليون دولار أميركي.

ونهاية الشهر الماضي أمرت محكمة لبنانية بإيداع 17 شخصا الحبس المؤقت على ذمة التحقيق، بينهم ممثل شركة سوناطراك الجزائرية للمحروقات في لبنان.

وفي أحدث تطورات الملف، ادّعت النيابة العامة الاستئنافية في لبنان الأربعاء على 12 شخصا بينهم موظفون حكوميون في قضية استيراد فيول غير مطابق للمواصفات لصالح شركة كهرباء لبنان عبر شركة مملوكة من مجموعة سوناطراك الجزائرية.

ويحقق لبنان منذ أسابيع في ما يعرف بقضية "الفيول المغشوش"، بعد رفض السلطات إفراغ حمولة باخرة فيول كانت في طريقها إلى لبنان في مارس/اذار وتبين أنها "غير مطابقة للمواصفات" بخلاف مضمون التقارير الرسمية الواردة من عدة جهات.

ويتعاقد لبنان مع شركة 'سوناطراك بتروليوم كوربوريشن' المملوكة من شركة النفط الجزائرية الوطنية سوناطراك. وتبيع هذه الشركة الفيول والمازوت إلى مؤسسة كهرباء لبنان عبر شركتين إحداهما شركة "زي. آر انيرجي" اللبنانية.

وادّعت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون الأربعاء على 12 شخصا، بينهم المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك بجرم التقصير الوظيفي وعلى المدير العام لمنشآت النفط سركيس حليس والمديرة العامة للنفط أورور فغالي بجرم تقاضي رشى وتقصير وظيفي، وفق الوكالة الوطنية للإعلام.

قضية الوقود المغشوش تربك حكومة دياب والتيار العوني
قضية الوقود المغشوش تربك حكومة دياب والتيار العوني

ومع التوسع في التحقيق منذ الشهر الماضي، أوقف القضاء فغالي وعددا من موظفي الوزارة والمختبرات بتهم تلقي رشى وتغيير تقارير. كما أصدر الاثنين أربع مذكرات توقيف غيابية بحق حليس وممثل شركة "زي. آر. انيرجي" تيدي رحمة ومديرها إبراهيم الذوق وموظف آخر، متوارين عن الأنظار.

واستمع القضاء الأسبوع الماضي إلى إفادتي وزيرين سابقين للطاقة هما ندى البستاني من التيار الوطني الحر الذي أسّسه رئيس الجمهورية ميشال عون ومحمد فنيش من حزب الله، فيما أكد وزير الطاقة الحالي ريمون غجر أن الملف بعهدة القضاء.

وفي بيان صادر عن وكيلها القانوني في لبنان، ندّدت شركة سوناطراك المتعاقدة مع لبنان منذ العام 2005 بما وصفته بـ"حملة مغرضة ومنظمة" من وسائل الإعلام "تطاولها كما الشركة الأم".

وأعلنت أنّها غير مسؤولة "لا من قريب ولا من بعيد عن أي مخالفة أو جرم أو إساءة أو تجاوز مزعوم قد يكون وقع أو طال أي شحنة فيول".

ويستورد لبنان الفيول من أجل تشغيل معامل الكهرباء، القطاع الذي لم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) من إصلاحه ويشكّل أبرز مكامن الهدر. وحتى اليوم ما زال اللبنانيون يدفعون فاتورتي كهرباء واحدة للدولة وثانية لأصحاب المولدات التي يستخدمونها لدى انقطاع التيار.

وتحوّل الفساد المستشري في المؤسسات العامة تدريجيا إلى أحد مسبّبات الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ أشهر وأحد أبرز الأسباب التي دفعت اللبنانيين للتظاهر بشكل غير مسبوق ضد الطبقة السياسية منذ 17 أكتوبر/شرين الأول 2019.

وبحسب منظمة الشفافية الدولية، يشغل لبنان حاليا المرتبة 137 من أصل 180 بلدا في قائمة الدول الأكثر فسادا.